في تحرك غير مسبوق منذ عام 2011، وللمرة الأولى بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، احتشد الآلاف في مدن سورية عدة لا سيما في دمشق مساء السبت لإحياء الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة السورية.
وتأتي هذه الذكرى في وقت تواجه السلطات الجديدة تحديات عديدة تتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية وبعد يومين من إقرار الإعلان الدستوري، وبعد تصعيد أمني في منطقة الساحل السوري.
احتفالات في دمشق وحمص وحماه
وتجمّع المئات في ساحة الأمويين وسط العاصمة مساء السبت استكمالًا لفعاليات انطلقت بعد الظهر، وسط إطلاق مفرقعات نارية وبث أغان وطنية، رافعين الأعلام السورية.
وتحولت الساحة في أعقاب سقوط الأسد إلى مكان للاحتفاء بالمرحلة الجديدة، بعدما بقيت طوال أعوام النزاع رمزًا لتجمعات لأنصار الأسد للرد على الاحتجاجات المناهضة في مدن أخرى.
ونشرت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” صورًا تظهر الآلاف من المحتفلين في وسط مدينة حلب شمالًا وفي حماه (وسط) مساء.
وفي ساحة الساعة في مدينة حمص التي كانت من أولى المدن التي شاركت في مارس/ آذار 2011 في الثورة ضدّ الأسد وشهدت مواجهات مسلّحة عندما تحوّل قمع السلطات للتظاهرات الشعبية الى اشتباكات، احتشد الآلاف كذلك إحياء للذكرى، رافعين الأعلام السورية على وقع أناشيد احتفالية.
وكان العشرات تجمّعوا في ساحة الأمويين في دمشق بعد الظهر أيضًا رافعين الأعلام السورية الجديدة، ولافتات كتب على بعضها “الثورة انتصرت”، فيما حلّق الطيران المروحي وألقى بمنشورات ملونة كتب عليها “لا مكان للكراهية بيننا لأن سوريا تحتاج قلوبًا صافية وأياد متكاتفة”.
إدلب تحيي ذكرى الثورة
وفي مدينة إدلب في شمال غرب البلاد، تجمّع المئات كذلك خلال اليوم احتفالا بالذكرى في ساحة في وسط المدينة، رافعين الأعلام السورية وعلم هيئة تحرير الشام، وسط حضور أمني، وفق ما نقلت وكالة “فرانس برس”.
وهتف المتجمعون “بالروح بالدم نفديك سوريا”، وخلفهم لافتة كبيرة كتب عليها “من هنا انطلقنا وإلى دمشق وصلنا”.
واعتبارًا من منتصف مارس/ آذار 2011 في خضم ما عرف بـ”ثورات الربيع العربي”، خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مطالبين بإسقاط نظام الأسد. وتوسلت السلطات العنف في قمع الاحتجاجات، ما أدخل البلاد في نزاع دامٍ تنوعت أطرافه والجهات المنخرطة فيه.
ويأتي إحياء الذكرى هذا العام للمرة الأولى من دون حكم آل الأسد الذي امتد زهاء نصف قرن، بعد أن أطاحته فصائل معارضة، دخلت دمشق في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي إثر هجوم بدأته من شمال غرب البلاد في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد عيّن أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا لسوريا أواخر يناير/ كانون الثاني.
تحديات تواجه الإدارة الجديدة
وتواجه سوريا تحديات كبيرة مرتبطة بالواقع المعيشي والخدمي، فضلًا عن تحديات مستجدة مرتبطة بالسلم الأهلي، ولا سيما بعد أيام من تصعيد أمني في منطقة الساحل أدّى لمقتل المئات.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون في بيان الجمعة: “مر 14 عامًا منذ أن خرج السوريون إلى الشوارع في احتجاجات سلمية، مطالبين بالكرامة والحرية ومستقبل أفضل”.
وأشار إلى أن السوريين “يستحقون الآن انتقالًا سياسيًا يليق بصمودهم وسعيهم لتحقيق العدالة والكرامة”، داعيًا الى وقف فوري لجميع أعمال العنف وحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي.
وأكد ضرورة “اتخاذ خطوات جريئة لتشكيل حكومة انتقالية وصوغ دستور جديد”.
والخميس الماضي، وقع الشرع على إعلان دستوري من 53 مادة، حدّد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ومنح الرئيس الانتقالي سلطات في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، رغم تبنيه في الوقت ذاته مبدأ “الفصل بين السلطات”.