بعد توقف قسري في عام 2019 يعود مؤتمر «نساء على خطوط المواجهة» إلى بيروت، حيث عقد نسخته الـ12 في فندق فينيسيا في قلب العاصمة. وهو من تنظيم مؤسسة مي شدياق (إم سي إف ميديا إنستيتيوت)، وأُقيم بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women)، برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، وبحضور السيّدة الأولى نعمت عون.
محاور المؤتمر
تناول المؤتمر موضوعات عدّة، أبرزها إعادة إحياء دور المرأة في لبنان والعالم العربي، وكيفية إبراز النماذج النسائية الملهمة التي تخطّت التحديات وصنعت تأثيراً حقيقياً في المجتمع اللبناني وفي دول المنطقة. وتضمّنت فعالياته مشاركة شخصيات بارزة في السياسة والدبلوماسية وعالم الأعمال، والاقتصاد، والتكنولوجيا، والإعلام.
وفي كلمة ألقاها الرئيس نواف سلام، خلال افتتاح المؤتمر، شدَّد على وجوب إقرار تشريعات وسياسات تفتح المجال أمام مشاركة النساء في الحياة العامة بعيداً عن الرمزية، مشيراً إلى أن النساء يشكلن 27.5 في المائة فقط من القوى العاملة، وأكثر من 80 في المائة من ضحايا العنف الرقمي في لبنان، مما يستدعي إصلاحات شاملة في مختلف المجالات.
وأكّد المؤتمر تمسّكه بتحفيز النقاشات الضرورية حول سبل تعزيز حضور المرأة بوصفها فاعلاً أساسياً في السياسة والاقتصاد والإعلام. وتطرّق في حلقات نقاشية إلى دور القيادات النسائية في إحداث تحوّلات هيكلية داخل المؤسسات، وإلى أهمية تضييق الفجوة الرقمية بما يضمن مساواة تواكب متطلبات العصر. كما سلّط المؤتمر الضوء على إسهامات رائدات الأعمال في دفع التحوّل الرقمي، ودورهن في تطوير ممارسات أكثر ابتكاراً داخل القطاع الخاص. وفي موازاة ذلك، ركّز المؤتمر على أثر الإعلام والانتخابات في تشكيل السياسات الوطنية، مؤكّداً أن تمكين المرأة في هذه المجالات مجتمعة، يُشكِّل قاعدة صلبة لتحوّل مجتمعي أوسع وأكثر استدامة.
وخلال كلمة ألقتها في المؤتمر، أكّدت الوزيرة السابقة مي شدياق، رئيسة مؤسسة «إم سي إف» على أهمية مشاركة المرأة في القيادة وصنع التغيير الاجتماعي والسياسي. وأشارت إلى أن هذا المؤتمر يأتي تأكيداً على أهمية دور المرأة في النهوض بالمجتمع، وإيمانها بقدرتها مع الرجل على صناعة التغيير في عالم يزداد اضطراباً.
وعن مدى حاجة العالم العربي إلى مؤتمرات من هذا النوع، والدور الذي تلعبه في هذا الشأن، قالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أحاول أن ألعب هذا الدور. وكلما أقفلت الأبواب في وجهي أفتحها من جديد».
وأشارت شدياق إلى أن المؤتمر منذ انطلاقته الأولى في عام 2013، عملت على توسيع نطاقه عربياً. «أقمنا في عام 2016 النسخة الأولى منه في الأردن برعاية الملكة رانيا، بعدها توقفنا عن عقده؛ بسبب الجائحة وحرب غزة وكنا نعقده (أونلاين)».
تستطرد: «اليوم نعود من جديد بنسخة جديدة. ولاحظنا حماس الشيخة جواهر إبراهيم الصبّاح، مساعدة وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان في دولة الكويت لإقامة المؤتمر في بلدها. ونأمل أن يتحقق ذلك، فتكون هناك إمكانية توسّعه عربياً، لا سيما أن هذا المؤتمر يحمل نكهة خاصة».
وأشارت شدياق إلى أنها في هذا المؤتمر تضع كل الاعتبارات جانباً، فلا تدخل فيه أي انتماءات سياسية وحزبية. وتتوجه إلى الجميع من دون استثناء، مضيفة: «كما لاحظتم، فالمؤتمر يجمع تحت سقفه جميع الأفرقاء في لبنان، وأعدّ هذا الأمر اعترافاً وإقراراً بأهمية انعقاده».
وفي لقاء مع الشيخة جواهر علّقت على إمكانية عقد هذا المؤتمر في الكويت. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الكويت تفتح قلبها أمام الجميع، والمرأة حاضرة دائماً في أروقة الاجتماعات الرسمية. الحضور الكريم اليوم في المؤتمر يرتقي إلى التمثيل الرسمي، مع أن الحدث يحمل طابعاً غير رسمي، وأصداء النقل المباشر له عبر محطة تلفزيون لبنان لها أهمية كبيرة. ومن ناحيتنا فلا نستبعد تنظيم نسخة منه في بلدنا».
الإعلام وصورة المرأة
وعلّقت الشيخة جواهر إبراهيم الصبّاح على الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام في هذا الشأن. ووصفته بـ«مقصّر في تسليط الضوء على الدور الإيجابي للمرأة»، فهذا النمط يجب أن يتغيّر لإعادة ترتيب المفاهيم الجديدة.
وتضيف في سياق حديثها: «المشهد النافر الذي يلفتني اليوم بينما يخص المرأة هو تقديمها دائماً بصورة الضحية. وهو أمر لا يجب القبول به، لأننا في الحروب والنزاعات جميعنا ضحايا. فلماذا التركيز على المرأة فقط؟». وتستطرد: «المرأة بطلة، وإن كانت تزجّ في نزاعات لا دخل لها فيها. وأؤكد على أهمية مشاركة المرأة على طاولات المفاوضات والمصالحات الوطنية لنسمع صوتها».
رسائل أمل من سوريا
من ناحيتها، عبّرت وزيرة الشؤون الاجتماعية في الجمهورية العربية السورية، هند قبوات عن تفاؤلها بالمستقبل. وأكّدت أنه بعد اليوم لن نسمح بارتكاب أي خطأ تجاه المرأة. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لن نسمح بعد اليوم بتهميش أي فرد من مجتمعنا، امرأة كانت أو رجلاً. سكتنا على مدى 50 سنة خلت. واليوم نريد أن نمارس حرية التعبير والرأي، ونتبادل الانتقادات وجهاً لوجه من دون مواربة أو خوف. نبني دولة جديدة بعيداً عن القمع الذي مورس في السابق».
وعدّت قبوات أن المرأة السورية لعبت دوراً أساسياً في بلادها. «هي من دون شك السبب في عدم نشوب حرب أهلية. وهي مَن حفزّ المجتمع على الاتحاد والتضامن في السرّاء والضرّاء عندما خلا من رجاله. فاليوم تستحق السوريات أن يكنّ في الصف الأول».



