عبر قطاع غزة الساحلي الصغير، حيث تنتشر مخيمات اللاجئين بين المدن، تُظهر مشاهد التقطتها طائرة بدون طيار لحساب وكالة “أسوشيتد برس”، أكوامًا من الأنقاض تمتدّ على مد البصر، هي بقايا الحرب الأطول والأكثر دموية في قطاع غزة.
وخلال هذه الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، انتهج الاحتلال الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة لتدمير نسيج الحياة في غزة، وهي اتهامات تنظر فيها محكمتان عالميتان من بينها جريمة الإبادة الجماعية.
وتنفي إسرائيل هذه الاتهامات وتقول إنّ جيشها يخوض معركة معقّدة في مناطق حضرية كثيفة السكان، زاعمة أنّ جيشها “حاول تجنّب التسبّب في ضرر لا مبرر له للمدنيين والبنية التحتية”.
ووصفت جماعات حقوقية دولية منها منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش”، الدمار الواسع النطاق في غزة بأنّه “جزء من نمط أوسع من الإبادة الجماعية الموجّهة ضد الفلسطينيين في غزة”.
وتُشكّك هذه الجماعات في مزاعم إسرائيل بأنّ التدمير كان نتيجة لنشاط عسكري.
تمتدّ أكوام من الأنقاض على مد البصر في قطاع غزة جراء الحرب- اسوشييتد برس
“مدينة أشباح”
وعلى أنقاض منزله الذي كان مكوّنًا من ثلاثة طوابق في رفح الجنوبية، قال حسين بركات (38 عامًا) لوكالة “أسوشييتد برس”: “كما ترون، أصبحت رفح مدينة أشباح. لا يوجد شيء”.
من حملة جوية شرسة خلال الأسابيع الأولى من الحرب إلى الغزو البري، دمّرت إسرائيل 92% من المنازل في قطاع غزة، أي نحو 436 ألف منزل، فيما نزح 90% من الفلسطينيين عن بيوتهم، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.
وتلاشى اللون الرائع للحياة قبل الحرب، إلى اللون الرمادي الإسمنتي الرتيب الذي يُهيمن على المنطقة. وقد يستغرق الأمر عقودًا، إن لم يكن أكثر، لإعادة البناء.
وأظهر تقييم للأمم المتحدة استند إلى صور الأقمار الصناعية، أنّ أكثر من 60 ألف مبنى في أنحاء غزة قد دُمّرت، وأكثر من 20 ألف مبنى لحقت بها أضرار بالغة منذ بداية الحرب حتى الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وبلغ التقييم الأولي للحطام الناجم عن الحرب بما في ذلك المباني والطرق، أكثر من 50 مليون طن.
لكن الدمار لم يكن ناجمًا فقط عن الضربات الجوية، إذ أنشأت إسرائيل منطقة عازلة على بعد حوالي كيلومتر واحد من حدودها داخل غزة، وداخل ممر نتساريم، وعلى طول ممر صلاح الدين على حدود غزة مع مصر، وبالتالي سوّت جرافات الاحتلال مساحات واسعة من هذه المناطق بالأرض.