كشفت المخرجة السورية وعد الخطيب عن عدم تمكنها من المشاركة في مهرجان الجونة السينمائي الذي بدأت فعالياته في 24 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقالت الخطيب في تدوينة على حسابها الشخصي في إنستغرام إنها لم تتمكن من الحصول على موافقة أمنية لدخول مصر، والمشاركة في مهرجان الجونة الذي عرض فيلمها “موت بلا رحمة” ضمن فعالياته.
وعبّرت الخطيب عن حزنها وغضبها بسبب ذلك، وعن فخرها في الوقت نفسه لعرض فيلمها. وقالت إن كونها ناشطة سياسية تحمل وثيقة سفر لاجئ يجعل الحصول على الموافقات الأمنية للسفر أمرًا معقدًا.
وكان فيلم “من أجل سما” الذي أخرجته الخطيب عام 2019 قد ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عام 2020، وفاز بجائزة بافتا لأفضل فيلم وثائقي التي تمنحها الاكاديمية البريطانية السينمائية عام 2019، وجائزة أفضل فيلمٍ وثائقي في مهرجان كان السينمائي في العام نفسه، كما فاز بعدة جوائز في مهرجان الفيلم البريطاني المستقل، منها أفضل فيلم بريطاني، وأفضل فيلم وثائقي.
ويروي فيلم “إلى سما” قصة الفتاة السورية وعد الخطيب وزواجها وإنجابها طفلة أسمتها سما، خلال حصار قوات النظام السوري لمدينة حلب شمالي البلاد، والتقطت معظم مشاهد فيلمها خلال فترة الحصار ووسط الدمار الذي لحق بالمناطق المحاصرة
أما في فيلم “موت بلا رحمة” الوثائقي الطويل الذي عُرض في مهرجان الجونة، فتتناول الخطيب يوميات الفقد والموت الذي يلاحق السوريين في كل مكان، وهذه المرة في تركيا خلال زلزال 2023 الذي ضرب مناطق واسعة في سوريا أيضًا.
موت بلا رحمة في الجونة
دقيقة أو ربما أكثر استغرقها زلزال 6 فبراير/ شباط 2023 في البلدين كانت كفيلة بإزهاق آلاف الأرواح، لكن الساعات والأيام التالية شهدت دراما إنسانية مروعة، نقلتها إلى الشاشة المخرجة الخطيب.
ينطلق الفيلم من لحظة وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر في الرابعة و17 دقيقة صباحًا بالتوقيت المحلي، مستخدمًا لقطات مصورة أخذت من كاميرات المراقبة عند مداخل البنايات، سجّلت تدافع الناس إلى الشوارع فزعين بملابس النوم، ومقاطع صوتية سجّلها العالقون تحت الأنقاض على هواتفهم المحمولة.
وبعد إيقاع لاهث ومرهق، تظهر لقطات واسعة مشاهد الدمار الذي لحق بالمباني والأحياء السكنية معظمها في تركيا، مرت هادئة على الشاشة كأنها وقفة لالتقاط الأنفاس، وإدراك حجم وعظم الكارثة للمتضررين من الزلزال والمتفرجين في قاعة السينما على حد سواء.
مصائر بائسة وموت عميم
بعد ذلك يتعقّب الفيلم مصير عائلتين سوريتين تعيشان في تركيا، إحداهما عائلة فؤاد الذي كان مسافرًا في رحلة عمل وقت انهيار شقته الواقعة بمجمع سكني فاخر في مدينة هاتاي، وداخلها زوجته صفا وابنهما قتيبة (9 سنوات) والرضيع سامي.
وتحتبس الأنفاس من جديد مع محاولات فؤاد المستميتة للتواصل هاتفيًا مع أسرته دون جدوى، ثم سفره عائدًا بالطائرة ووصوله بالسيارة إلى موقع منزله الذي يجده انهار تمامًا، ولا أثر لأي من سكّانه.
يعثر فؤاد على زوجته مصابة في أحد المستشفيات، ثم يتعرف على أشلاء ابنه قتيبة الذي انهار جدار فوقه وهو يحاول الهرب خلف أمه، فيما يظل مصير الرضيع سامي معلقًا، إلى أن ينشر الأب صورته على وسائل التواصل الاجتماعي وترشده إحدى الممرضات إلى مكانه.
وبالتوازي يسرد الفيلم قصة عائلة فادي الذي كان في سوريا خلال انهيار منزل في تركيا يضم والده ووالدته وشقيقه الأصغر وأسرة شقيقه الأكبر، الذين جاءوا إلى تركيا بحثًا عن الأمان بعدما فروا من حلب.
يكاد فادي يجنّ وهو عالق على الحدود انتظارًا للعبور إلى تركيا، للاطمئنان على عائلته بعد أن انقطع الاتصال بها، لكن عند وصوله إلى موقع المنزل يلمس مدى بطء استجابة فرق الإنقاذ في التعامل مع الكارثة، ويدرك بمرور الأيام أن أمل النجاة تلاشى، وأصبح أقصى ما يستطيعه هو التعرف على جثث وأشلاء أقاربه لجمع شملهم في قبر واحد.
يشار إلى أن المخرجة وعد الخطيب (مواليد 1991) تعيش حاليًا مع زوجها وابنتهما سما في بريطانيا، بعد فرارهم من حلب عام 2016، وأن اسمها الذي تُعرف به ليس حقيقيًا لكنها استخدمته خلال تغطيتها حصار مدينة حلب، خشية التعرّض للأذى.
وفازت بجائزة “إيمي” عن تغطيتها الإخباريّة تلك لصالح القناة البريطانية الرابعة عام 2017.