كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن لوران بلان لا يزال يحظى بثقة الإدارة الفنية في نادي الاتحاد، وأن فتح ملف الإقالة بعد خسارة واحدة ليس منطقياً، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن المدرب مستمر، ولكن ليس في مأمن تام؛ إذ يخضع عمله لتقييمات دورية ترصد تطور الأداء ومعالجة المشكلات المتكررة داخل الفريق. وتضيف المصادر أن بلان سيواصل مهامه بشكل طبيعي مع متابعة يومية لبرنامجه وتصحيحاته، في ضوء بداية موسم اتسمت بالاهتزاز ولم تتبدد بعد.
عاد الاتحاد من رحلة الافتتاح القاري منكس الرأس بعد هزيمته أمام مضيفه الوحدة الإماراتي 1 – 2 في مستهل مشواره بدوري أبطال آسيا للنخبة. ولم تكن قسوة النتيجة بقدر قسوة الأداء؛ إذ ظهر الاتحاد بصورة يمكن وصفها بالكارثية. ووفقاً لبيانات «سوفا سكور»، استقبل الاتحاد 26 تسديدة طوال اللقاء، ولم يصنع أي فرصة خطرة، مقابل 5 فرص محققة لخصمه، بينما اكتفى بتسديدتين فقط على المرمى. أرقام تبرز سوء التنظيم الدفاعي، كما تكشف أثر غياب النجم الفرنسي كريم بنزيمة المصاب على جودة الحلول الهجومية.
الخلل الدفاعي يبرز بوصفه أكبر عقدة لم يجد لها بلان حلاً حتى الآن. فمنذ بداية الموسم لعب الاتحاد 4 مواجهات: النصر في السوبر السعودي، ثم الأخدود والفتح في انطلاقة الدوري، وصولاً إلى الوحدة الإماراتي. وخلال هذه المباريات استقبل الفريق 60 تسديدة، واهتزت شباكه 8 مرات، بمعدل هدفين في المباراة الواحدة. هذه الأرقام فاقمت قلق الجماهير، وأشعلت أسئلة متكررة لبلان في المؤتمرات الصحافية حول منظومة الحماية أمام المرمى.
المدرب الفرنسي بدا غير آبه بالتركيز المفرط على الدفاع، إذ قال ضاحكاً لممثل «الشرق الأوسط» عندما سئل عن الحالة الدفاعية: «الأهم تسجيل الأهداف… لكن إذا انتهت إحدى المباريات المقبلة 0 – 0 (في إشارة لتحسن دفاعي)، فلا تعد وتسألني لماذا انتهت بهذه النتيجة». ثم استدرك: «أتفق بطبيعة الحال، ولكن دائماً الأهم تسجيل الأهداف، ونحن نعاني من العديد من الغيابات التي تسببت في تراجع الجودة الدفاعية».
وعقَّب بلان على هزيمة الوحدة الإماراتي قائلاً إن المباراة صفحة وطُويت، مشيراً إلى أن الطرد المبكر سهَّل مهمة أصحاب الأرض، وأن غياب الثنائي نغولو كانتي وكريم بنزيمة كان مؤثراً كذلك. وقال في المؤتمر الصحافي: أمر طبيعي انخفاض المستوى؛ لأننا نلعب أمام فريق بعشرة لاعبين (في إشارة إلى النقص العددي للفريق السعودي في مباريات سابقة وتأثير الإرهاق)، مؤكداً أنه أجرى تبديلات كثيرة من ضمنها حسام عوار وستيفن بيرغوين اللذان بذلا مجهوداً كبيراً دفاعياً؛ ما استدعى التغيير.
ولدى سؤاله عما إذا كانت الهزيمة سببها الطرد أو غياب كانتي وبنزيمة، أجاب: «عندما تلعب 11 ضد 10 سيكون ذلك مؤثراً، خصوصاً أن الطرد جاء في منتصف الشوط الأول، وغياب بنزيمة وكانتي كان مؤثراً. في الدوري أيضاً لعبنا بنقص عددي، وبشكل طبيعي الأداء البدني أقل، وهذا ما حدث». وأضاف: «كرة القدم ليست أسماءً؛ يجب أن تكون أفضل من الخصم داخل الملعب. الوحدة قدم مباراة رائعة، واللعب بـ11 لاعباً ضد 10 سهل مهمتهم، وهذا طبيعي. مجريات المباراة يجب أن نتقبلها، ولاعبو الاتحاد دافعوا حتى آخر الثواني… هذه صفحة وطويناها».
على صعيد الحراسة، عاد برانيسلاف رايكوفيتش بعد غياب طويل وعملية جراحية، وظهر جاهزاً، لكنه بدا متحفظاً؛ إذ اعتمد على قدمه اليسرى بشكل أوضح في مباراتي الوحدة الإماراتي والفتح، رغم أن قدمه الأساسية في التمرير البعيد هي اليمنى، موضع الإصابة في الموسم الماضي. ومع ذلك، قدم مردوداً جيداً في المباراتين، وأنقذ مرماه من أهداف محققة بعدة تصديات بارزة قلصت الخسائر.
بين ثقة الإدارة وشروط الاستمرار، يقف لوران بلان على خيط رفيع: استمرار مشروط بتحسن واضح في الأداء، لا سيما في المنظومة الدفاعية التي كلفت الفريق كثيراً بالأرقام. الرسالة الإدارية واضحة: لا قرار انفعالياً بعد تعثر واحد، لكن المساءلة يومية، ومؤشرات التقدم أو التعثر ستحدد مستقبل الرجل في دفة العميد. وبينما ينتظر الاتحاد استعادة عناصره المصابة وعلى رأسهم بنزيمة وكانتي، يبقى على بلان أن يقدم الدليل العملي على أن الصفحة طُويت فعلاً… وأن صفحة أفضل فُتحت.