البابا ليو يصلي بموقع انفجار المرفأ… ويدعو لـ«مقاربات جديدة» في الشرق الأوسط
شدد البابا ليو الرابع عشر الثلاثاء، على أن الشرق الأوسط يحتاج إلى «مقاربات جديدة» من أجل تخطي «عقلية الانتقام والعنف» وتجاوز الانقسامات السياسية والدينية، داعياً مسيحيي المشرق غلى التحلي بـ«الشجاعة».
وفي كلمة ألقاها في ختام القداس الذي ترأسه في واجهة بيروت البحرية بحضور عشرات الآلاف من المصلين، قال البابا «يحتاج الشرق الأوسط إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام».
وأضاف «وأخيرا، لكم يا مسيحيي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر اليكم بمحبة وإعجاب».
وزار البابا ليو في وقت سابق اليوم، «مستشفى راهبات الصليب – جل الديب»، حيث التقى الطاقم الطبي والمرضى وألقى التحية عليهم.
وقال البابا في كلمته من «مستشفى دير راهبات الصليب»: «يسرّني أن ألتقيكم جميعاً من إداريين وأطباء ومرضى، وأحييكم تحية محبة، وأشكركم على استقبالكم».
وأضاف: «ما نشهده في (دير الصليب) عبرة للجميع، إذ لا يمكن أن ننسى الضعفاء، ولا يمكن للمجتمع أن يركض خلف الرفاهيّة متجاهلاً الفقراء والهشاشة».
وأشار البابا إلى تاريخ المستشفى قائلاً: «(مستشفى الصليب) أسّسه رسول المحبّة الأب يعقوب. وراهبات الصليب يواصلن عملهن بخدمة وتفانٍ».
ثم غادر البابا «مستشفى دير راهبات الصليب»، متوجهاً إلى «جناح السيدة» حيث سيلتقي الأطفال في مبنى «سان دومينيك» بعيداً عن الإعلام.
مرفأ بيروت… صلاة صامتة وقداس
وبعد ذلك، توجه البابا ليو إلى موقع انفجار مرفأ بيروت المميت عام 2020، حيث كان أهالي ضحايا «4 أغسطس (آب)» في انتظاره عند النصب التذكاري الذي يحمل أسماء 245 شهيداً.
وأقام البابا صلاة صامتة، قبل أن يضيء شمعة على أرواح الضحايا ويصافح عائلاتهم، تعبيراً عن المواساة والدعم. كما قدم لهم هدايا تذكارية.
وحضر الوقفة رئيس الحكومة، نواف سلام، وشاركت وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيد، التي فقدت والدتها في الانفجار، مؤكدةً أن هذه اللحظة تعني الكثير للعائلات، إذ تؤكد أنّ «(قضية 4 آب) ما زالت حاضرة، والجميع ينتظر تحقيق العدالة».
بعد ذلك، انتقل البابا إلى واجهة بيروت البحرية، حيث جال بين الحشود، قبل ترؤسه القدّاس الإلهي.
وسجّل أكثر من 120 ألف شخص أسماءهم للمشاركة في القداس عند واجهة بيروت البحرية، حيث نُقلوا من مناطق مختلفة في لبنان عبر حافلات خاصة، وفق المنظمين.
وبعد مرور 5 سنوات، ما زالت هذه العائلات تطالب بالعدالة. ولم يُدَنْ أي مسؤول في التحقيق القضائي الذي عُرقل مراراً؛ مما أثار غضب اللبنانيين الذين رأوا في الانفجار أزمة جديدة بعد عقود من الفساد والجرائم المالية.
وعزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
وغرق التحقيق بشأن الانفجار منذ عام 2023 في متاهات السياسة، بعدما قاد «حزب الله» حينها حملة للمطالبة بتنحّي المحقق العدلي طارق البيطار الذي حاصرته لاحقاً عشرات الدعاوى لكفّ يده. لكن القاضي استأنف منذ مطلع العام عمله في ضوء تغير موازين القوى في الداخل.
وعند وصوله إلى لبنان يوم الأحد، دعا البابا القادة السياسيين في البلاد إلى السعي وراء الحقيقة بصفتها وسيلة لتحقيق السلام والمصالحة.
وشكّل لبنان المحطة الثانية من الجولة الخارجية الأولى للبابا ليو، بعد زيارته تركيا حيث شدد على أهمية الحوار والوحدة بين المسيحيين.
ومنذ مساء الاثنين، فرضت السلطات إجراءات أمنية مشدّدة ومنعت الوصول إلى وسط بيروت حيث سيترأس البابا هذا القداس.
وتُختتم الزيارة بمراسم الوداع الرسمية في «مطار رفيق الحريري الدولي»، حيث يلقي البابا كلمة قبل مغادرته إلى روما.



