لطالما كان الطعام عنصرًا أساسيًا في حياة الإنسان، لكن عاداتنا الغذائية تطورت بشكل كبير بمرور الوقت.
وأصبحت فكرة تناول ثلاث وجبات في اليوم ممارسة جوهرية للعديد من الأشخاص، ومع ذلك فهي تطور حديث نسبيًا في تاريخ البشرية.
فلعدة قرون، كانت عادات تناول الطعام متفرّقة وتمليها عوامل مختلفة، منها: الصيد الوفير، أو الزراعة، أو الممارسات الدينية، أو أوقات العمل، وحتّى توفّر الإضاءة.
كيف وصلنا إلى فكرة الوجبات الثلاث؟
لطالما هيمنت وجبة العشاء على الحياة اليومية للإنسان، على الرغم من أن معنى الكلمة قد تغير بمرور الوقت.
ففي العصور الرومانية القديمة، كانت هذه الوجبة هي الكبيرة الوحيدة التي يتناولها الجميع، على الرغم من أنّه تم تناولها في وقت مبكر، وتحديدًا عند الظهر.
وامتد هذا النهج إلى العصور الوسطى في أوروبا، حيث غالبًا ما تناول العمّال وجبة صغيرة من الخبز والبيرة في الصباح الباكر قبل بدء يوم العمل في المزرعة. وتمّ تقديم وجبتهم الرئيسية في اليوم، والتي تسمّى “وجبة العشاء”، في وقت الظهيرة تقريبًا، وأحيانًا يتمّ تناول وجبة خفيفة في المساء.
وبحلول أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وفي زمن الثورة الصناعية في بريطانيا، أصبحت أيام العمل أطول، ولم يعد الناس قادرين على العودة إلى منازلهم لتناول وجبتهم الرئيسية في اليوم، ومكّنت الشموع الأنشطة المنزلية من الاستمرار في وقت لاحق من المساء.
وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، بدأ توقيت العشاء يتغير، حيث كان الكثير من الناس يتناولون العشاء في المساء بعد العودة إلى المنزل من العمل.
وبالنسبة لمعظم الناس في أوروبا وأميركا، أصبحت هذه الوجبة المسائية هي الوجبة الأكبر والأكثر أهمية في اليوم بحلول منتصف القرن التاسع عشر.
وشكّلت العشاء العائلي التقليدي الذي نعرفه حتى الآن.
متى بدأت وجبة الفطور؟
في العصور الوسطى، كانت التقاليد الدينية المسيحية تقضي بعدم تناول أي شيء قبل قداس الصباح. ويُعتقد أنّ كلمة “فطور الصباح” التي تعني حرفيًا “كسر الصيام من الليلة السابقة”، قد نشأت في هذه الفترة.
وعلى الرغم من أصل المصطلح، إلا أنّ وجبة الإفطار كوجبة عادية، لم يتمّ اعتمادها على نطاق واسع، حتى بدأت بريطانيا في التصنيع ببطء وبدأ سكانها في الانتقال من المزارع إلى المدن طوال القرن السابع عشر.
ومع تقدّم الثورة الصناعية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في أوروبا والولايات المتحدة، تزايدت الحاجة إلى وجبة صباحية منتظمة لدعم العمال خلال فترات الصباح.
وبحلول أوائل القرن العشرين، انطلقت ثقافة “وجبة الفطور” إلى أبعد من ذلك بفضل شخصيات مثل جون هارفي كيلوغ الذي اخترع حبوب رقائق الذرة، بالإضافة إلى الحملات التسويقية في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي التي روّجت لـ”وجبة الفطور” باعتبارها أهم وجبة في اليوم.
وجبة الغداء وصلت متأخرة
مع إعادة تشكيل الروتين اليومي وانتقال المزيد من الناس من المزارع إلى المصانع والمكاتب، احتاج العمال إلى شيء يُحافظ على طاقتهم خلال الساعات الطويلة، بين وجبات الصباح والمساء في المنزل. وعندها، دخلت وجبة الغداء لترسيخ مكانتها في عاداتنا الغذائية اليومية.
في أواخر عام 1755، كان مفهوم “وجبة الغداء” تمثّل ببساطة كمية صغيرة من الطعام، أو وجبة خفيفة أكثر من كونها وجبة رسمية.
وعلى الرغم من أنّ أصول كلمة (lunch) غامضة، فمن المحتمل أنّها مختصر من كلمة “luncheon” التي تجمع كلمتي “lump” (كتلة) و “nuncheon” (مرطبات خفيفة في منتصف النهار).
لم تبدأ “وجبة الغداء” في ملء الفجوة بين وجبتي الفطور والعشاء رسميًا، إلا في عام 1850 تقريبًا. وبحلول مطلع القرن العشرين، أصبحت وجبة محدّدة يتم تناولها عادة بين الساعة 12 ظهرًا والثانية بعد الظهر؛ وتتكوّن بشكل عام من الشطائر أو السندويشات والحساء والسلطات.