دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ صباح الأحد، مع إجراء عمليات تبادل للأسرى والمحتجزين في أول خطوة ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية ومصرية وأميركية.
وقد مر قطاع غزة بمحطات رئيسة على مدى 15 شهرًا قبل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار الذي طبّقت مرحلته الأولى بتبادل ثلاث محتجزات بأكثر من 90 معتقلًا من النساء والأطفال.
عملية “طوفان الأقصى”
ففي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أطلقت حركة حماس عملية “طوفان الأقصى”، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردًا على “جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى”، وفق بيان الحركة حينها.
وتسبب الهجوم بحالة إرباك في إسرائيل على كافة المستويات، وسط اتهامات لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفشل التنبؤ المسبق بالهجوم الذي اعتبره مسؤولون إسرائيليون أكبر خرق استخباري في تاريخ تل أبيب.
في ذاك اليوم، اقتيد 251 شخصًا إلى غزة، وبعد 15 شهرًا، ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم، بينما تسببت عملية “طوفان الأقصى” بمقتل 1210 أشخاص داخل غلاف قطاع غزة وفق بيانات إسرائيلية رسمية.
لحقت أضرار جسيمة بمدينة غزة حيث دُمر 36611 مبنى – غيتي
حرب الإبادة في غزة
وردت إسرائيل في اليوم ذاته بشن حملة إبادة جماعية على قطاع غزة خلفت منذ السابع من أكتوبر 2023 أكثر من 46 ألف شهيد فلسطيني، بينما بلغت الإصابات أكثر من 110,750 جريحًا، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وأعلنت الأمم المتحدة أن ثلثي المباني في قطاع غزة دُمرت أو تضررت منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023. فقد أدى القصف الإسرائيلي إلى نزوح الغالبية العظمى من سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل.
التوغل البري الإسرائيلي
وفي 27 أكتوبر 2023 شنّ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية واسعة النطاق، وما زالت قواته موجودة في القطاع الفلسطيني.
وشهد قطاع غزة في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 هدنة لمدة أسبوع، تم في إطارها الإفراج عن 105 محتجزين في مقابل إطلاق سراح 240 معتقلًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال.
وأتاحت تلك الهدنة دخول مزيد من قوافل المساعدات الإنسانية من مصر، لكنها بقيت على الرغم من ذلك غير كافية، وفق الأمم المتحدة.
ومع استئناف العدوان الإسرائيلي دخلت دبابات إسرائيلية جنوب غزة في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول 2023.
جبهات لبنان واليمن وإيران
بالمقابل، شنّت إيران في 13 أبريل/ نيسان 2024 هجومًا غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية بواسطة صواريخ ومسيّرات، ردًا على ضربة نسبت إلى إسرائيل، استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من الشهر المذكور وأدى لوقوع قتلى من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
وفي 20 يوليو/ تموز 2024 قصفت إسرائيل ميناء الحديدة في اليمن، ردًا على ضربة صاروخية للحوثيين، استهدفت تل أبيب.
وتصاعدت الاشتباكات عند الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، الذي دخل في معركة إسناد لغزة في اليوم الثاني من بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع.
اغتيال هنية ونصرالله
وفي 30 يوليو/ تموز 2024 جرى اغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر بضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وغداة استشهاد شكر، اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة في طهران بانفجار أعلنت إسرائيل بعد أشهر عدة مسؤوليتها عنه.
كما جرى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في ضربة جوية إسرائيلية مكثّفة في 27 سبتمبر/ أيلول 2024 على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024 ردّت إيران على اغتيال هنيّة ونصرالله بإطلاق 200 صاروخ على إسرائيل.
استشهاد السنوار
لكن التطور الأبرز على أرض غزة، حدث عند استشهاد القائد الجديد لحركة حماس يحيى السنوار في 16 أكتوبر 2024، بعد اشتباك مع قوة إسرائيلية في تل السلطان برفح.
وتعتبر إسرائيل أن الشهيد السنوار هو العقل المدبر لعملية “طوفان الأقصى”.
وفي 26 من الشهر نفسه قصفت إسرائيل أهدافًا عسكرية في إيران ردًا على ضربة الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024
في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى أن ممارسات إسرائيل خلال الحرب في غزة “تتّسق مع خصائص الإبادة الجماعية”.
في 21 من الشهر نفسه أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحقّ كلّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي السابق يوآف غالانت. واستأنفت إسرائيل قرار الجنائية الدولية.
اتفاقا لبنان وغزة
وبعد شهرين على غزو الاحتلال الإسرائيلي بريًا لجنوب لبنان، دخل اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024 وتتبادل إسرائيل وحزب الله الاتهامات بانتهاك مفاعيل الاتفاق.
وفق وزارة الصحة اللبنانية، فقد استشهد أكثر من أربعة آلاف شخص في لبنان منذ أكتوبر 2023.
وبعد جهود دبلوماسية مكثّفة بُذلت في الدوحة، أعلنت قطر والولايات المتحدة في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يتيح الإفراج عن المحتجزين مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.
وفي 19 من الشهر الجاري دخلت الهدنة في غزة حيّز التنفيذ.
خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار والتي ستستمر 42 يومًا، من المقرر أن تفرج الفصائل الفلسطينية عن 33 محتجزًا إسرائيليًا في غزة، بدءًا بثلاث نساء. في المقابل قالت إسرائيل إنها ستطلق سراح 1904 معتقلين فلسطينيين.
وخلال هذه المرحلة يفترض أن تجرى مفاوضات ترمي إلى وضع حد نهائي للحرب.