يُمثل يوم الأم مناسبةً سنويةً للاحتفاء بعطاء الأمهات، وتقدير جهودهن، وشكرهن على تضحياتهن اللامحدودة. ويتسابق الأبناء لتقديم الهدايا والورود لأمهاتهم في عيد الأم، الذي يختلف موعده من بلدٍ إلى آخر.
وفي الولايات المتحدة، طرحت الكاتبة جوليا وارد هاو، مؤلفة ترنيمة معركة الجمهورية، فكرة عيد الأم. وكانت هاو مناصرةً لإلغاء العبودية، ومدافعةً عن حقوق المرأة، وناشطةً في مجال السلام.
عيد السلام
في عام 1870، فزعت هاو من مشاهد الموت والدمار اللذين شهدتهما خلال الحرب الأهلية الأميركية، وأصابها القلق من الحرب الفرنسية البروسية التي كانت تتكشف في الخارج. فأصدرت ما يُعرف بـ”إعلان عيد الأم”، الذي كان يُعرف في الأصل باسم “نداء إلى النساء في جميع أنحاء العالم”.
حثّت هاو على إنشاء هيئة دولية من النساء تسهم في تجنب الحرب وإراقة الدماء.
وعندما لم يتحقق ذلك، سعت إلى تكريس يومٍ سنويّ للأم من أجل السلام، يُحتفل به في شهر يونيو/ حزيران من كل عام، وفقًا لموقع “وومن هستوري”. وقد حدث ذلك بالفعل في بعض الأماكن، ولكن لفترة محدودة.
“يوم صداقة الأم”
أمّا النسخة الحالية من عيد الأم تعود لجهود سيدة أميركية تدعى آن جارفيس وابنتها آنا جارفيس، وفقًا لموقع “وومن هستوري”.
أنجبت آن ماريا ريفز جارفيس (1832-1905) أكثر من اثني عشر طفلًا، لكن معظمهم توفوا بسبب أمراض مثل الدفتيريا أو الحصبة، التي كانت شائعة في عصرها في منطقة الأبلاش بولاية فرجينيا، حيث عاشت.
وسعت جارفيس إلى مساعدة الأمهات والعائلات الأخرى على تجنب المآسي التي عانتها. وكجزء من حركة وطنية للصحة العامة، والتي لعبت النساء الإصلاحيات دورًا كبيرًا فيها، نظّمت جارفيس “نوادي عمل الأمهات” وروّجت لـ “أيام عمل الأمهات” الخاصة.
تعد آنا جارفيس مؤسسة عيد الأم في الولايات المتحدة- موقع وومن هستوري
تغير محور عمل جارفيس عندما اندلعت الحرب. انقسمت منطقتها بشدة بسبب الحرب الأهلية. أصرت جارفيس أن تساعد المجموعات النسائية وعملت على تعزيز السلام والوحدة بعد الحرب.
وفي في عام 1868، ورغم التهديدات بالعنف، نظمت “يوم صداقة الأم” لجمع شمل العائلات من كلا جانبي الحرب سعيًا لاستعادة روح الترابط المجتمعي.
وبحسب موقع “وومن هستوري”، من المحتمل أن يكون إعلان هاو بعد عامين مستوحى من جارفيس؛ فقد كانا يعرفان بعضهما البعض. وتشاركتا الاعتقاد بأن النساء – وخاصة الأمهات – هن الأقدر على جمع الناس من أجل السلام.
أول يوم وطني للأم
وبعد وفاة آن جارفيس، شرعت ابنتها آنا غارفيس (1864-1948) في تكريم إرث والدتها بتخصيص يوم وطني للأم في ثاني أحد من شهر مايو/ أيار، وهو يوم وفاتها.
لم ترغب آنا، التي لم تتزوج ولم تُرزق بأطفال، أن تكرس هذا اليوم من أجل السلام، بل للتركيز على فكرة تكريم الأم.
اختارت القرنفل الأبيض رمزًا لها، وحثت الناس على كتابة رسائل شكر صادقة لأمهاتهم. ثم نجحت آنا في مسعاها للحصول على اعتراف رسمي، وأصدر الرئيس وودرو ويلسون إعلانًا بأول يوم وطني للأم قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914.
تحتفل الولايات المتحدة ودول أميركا الجنوبية بعيد الأم في مايو من كل عام- غيتي
لكن آنا جارفيس استاءت عندما لاحظت تزايد الطابع التجاري للاحتفال. فما كانت تريده أن يكون “عيدًا مقدسًا” صادقًا أصبح، في نظرها، عطلةً تُفيد بائعي الزهور وشركات بطاقات المعايدة أكثر من تكريمهم للأمومة.
شعرت آنا بحزن شديد إزاء الطريقة التي يحتفل بها الأميركيون بهذه العطلة التي عملت جاهدةً لترسيخها، لدرجة أنها أطلقت عريضةً لإلغائها عام 1943. بعد خمس سنوات، توفيت مُفلسة في مصحةٍ.
عيد الأم حول العالم
وبدأت الدول تدريجيًا بالاحتفال بيوم الأم، الذي لا يعد موحدًا. ففي الشرق الأوسط يُحتفل بعيد الأم في 21 مارس/ آذار من كل عام. وبدأ الاحتفال به في مصر عام 1956، ويُحتفل به الآن في أول يوم من فصل الربيع.
وفي بريطانيا، يُحتفل بما يسمى “أحد الأم” في 25 مارس/ آذار من كل عام. فقد كان هذا اليوم تقليديًا يوم عطلة للخدم، حيث يمكنهم العودة إلى منازلهم وزيارة أمهاتهم، لأنهم لم يتمكنوا من رؤيتهن خلال بقية العام.
وبحسب صحيفة “ذا صن”، كانت العطلة، المعروفة سابقًا باسم “أحد الأم”، يومًا تقليديًا يتم فيه تشجيع المسيحيين على زيارة “كنيستهم الأم” خلال الصوم الكبير.
ويُحتفل بهذا اليوم في إسبانيا لأسباب دينية أيضًا. كان يُحتفل به في الثامن من ديسمبر/ كانون الثاني، ولكن نُقِل إلى الأحد الأول من مايو/ أيار، وهو شهر العذراء مريم.
وفي بلدان أخرى، يُحتفل به بناءً على الفصول أو أوقات السنة، وليس بناءً على الأعياد الدينية. حيث يعد الأحد الأول من شهر مايو/ أيار يوم الأم في دول أميركا الجنوبية.
في فرنسا، يُحتفل بهذه المناسبة في الأحد الأخير من شهر مايو/ أيار.
وكان عيد الأم يومًا لمساعدة الأمهات الفقيرات في الصين، وتذكير الناس بأمهات المناطق الريفية. ويأتي يوم الأم في الشهر الرابع من التقويم القمري، لكنن غالبًا ما يُحتفل به غالبًا في الأحد الثاني من شهر مايو/ أيار.
وفي الشهر نفسه تحتفل كوريا واليابان وتايوان بالمناسبة. أمّا في إندونيسيا، يُحتفل بعيد الأم في 22 ديسمبر/ كانون الأول، فيما تحتفل تايلاند بالمناسبة في 12 أغسطس/ آب.
