حوّل جيش الاحتلال الإسرائيلي ممر نتساريم، أو مفرق الشهداء كما يُعرف عند أهالي قطاع غزة، إلى منطقة عسكرية عازلة منذ بدء عدوانه وأحاطه بسواتر أمنية وترابية ضخمة مدعمة بأجهزة رصد متطورة وأبراج مراقبة، لتأمين ارتكاز جيش الاحتلال على المحور في نية منه لفصل شمال القطاع عن جنوبه.
وهذا الأمر تم رصده منذ مارس/ آذار الماضي، وأسماه الاحتلال “الطريق 749″، حيث أسّسه ليمنع عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى بيوتهم في الشمال.
ووفقًا لصور رصدتها شبكة “سي إن إن” الأميركية، فإن عمق الممر بلغ قرابة 3 كلم بينما يقدر طوله بنحو 6 كلم، بدءًا من معبر كارل المنطار شرقي قطاع غزة وصولًا إلى غرب القطاع على البحر المتوسط بجوار منطقتَي جحر الديك والمغراقة، يقطعه شارع صلاح الدين من المنتصف.
كما تحده مدينة الزهراء جنوبًا، بينما يشغل حي الزيتون المساحة الكبرى من حدوده الشمالية وتجاوره منطقة صبرا والشيخ عجلين من الجهة الشمالية الغربية.
موقع محور نتساريم المهم جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو يستخدمه ورقة ضغط سياسية وعسكرية ليضمن استمرار وجود جيش الاحتلال في غزة.
ويتم ذلك وفق مخطط يعود إلى خطة “الأصابع الخمسة” التي قدمها رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون عام 1971، بهدف تسهيل السيطرة الأمنية على القطاع حينها.
نتنياهو ومحور نتساريم
ولكن نتنياهو يخطط لتوسيع الوجود العسكري في ممر نتساريم، وهو ما أكدته وسائل إعلام إسرائيلية حيث كشفت عن إنشاء أربعة مواقع عسكرية كبيرة تتيح إقامة دائمة لمئات الجنود التابعين للفرقة 36.
وتتكتم تل أبيب عن عدد الجنود والفرق الأخرى الموجودة في القواعد العسكرية وعن أعداد القتلى في صفوفهم، لا سيما وأن المقاومة وثقت في مناسبات عدة قنص مقاتليها لجنود الاحتلال المتمركزين في الممر ومحيطه.
القراءة نفسها وثقتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، التي رصدت على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، بناء جيش الاحتلال ما لا يقل عن 19 قاعدة كبيرة في جميع أنحاء المنطقة وعشرات القواعد الصغيرة الأخرى.
ويعني ما تقدم توسيع الممر ليبلغ عرضه نحو 7 كلم وطوله قرابة 8 كلم، وفقًا لتقديرات وسائل إعلام إسرائيلية.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن وتيرة بناء القواعد العسكرية الجديدة تبدو متسارعة، حيث تم بناء 12 قاعدة منذ أوائل سبتمبر/ أيلول الماضي.
في المقابل، هدّم الاحتلال ما لا يقل عن 620 بناية سكنية منذ الثالث من سبتمبر وحتى 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ويعني ذلك، أن آلة الحرب الإسرائيلية قد شردت آلاف الفلسطينيين ودمرت مئات البنايات وجرّفت مساحات واسعة من الأراضي الواسعة الواقعة في محيط هذا الممر، منذ بدء العدوان على قطاع غزة.