بعد ثلاثة أشهر على العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في شمال قطاع غزة، أعلن لواء كفير في الجيش الإسرائيلي، إكمال مهمته التي توزّعت بين ثلاث مناطق، هي: عزبة بيت حانون وبيت لاهيا والشيخ زايد.
وأكد بيان لجيش الاحتلال انتهاء عملياته، لكنه لم يحدد ما إذا كان سينسحب من المناطق التي يحتلها أم أنه سيُبقي على قواته فيها.
وأشار جيش الاحتلال في بيانه، إلى أنه قضى خلال وجوده في مناطق شمال القطاع على ما وصفه بـ”معاقل الإرهاب”، التي كانت تهدد مناطق غلاف غزة، مع تأكيده على تصفيته عناصر جديدة كانت قد استقطبتها المقاومة هناك، كما زعم أنه دمر أنفاقًا وبنى تحتية للمقاومة.
وتجاهل بيان جيش الاحتلال ذكر ما ارتكبه أيضًا على الأرض، من نسفه لأحياء مدنية شملت جرف وتدمير المنازل والمدارس والمستشفيات.
عمليات إبادة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة-غيتي
والأمر بلغ بالمرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان، إلى أن يصف الواقع هناك على أنه عملية لإبادة المدن.
ويمكن ربط إعلان جيش الاحتلال انتهاء مهام أحد ألويته في شمال القطاع، بما يجري خلف الأبواب الموصدة، من مفاوضات يقول البعض إنها وصلت خواتيمها.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية، إلى عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشاورات لبحث صفقة تبادل الأسرى، بينما نقلت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية عن تفاهمات حصلت، من حيث قبول عودة الغزّيين إلى شمال القطاع.
في هذه الأثناء، شدّد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أسامة حمدان، على أن الحركة مصرة على موقفها للتوصل إلى صفقة.
وأضاف أن شروط الحركة تبدأ بوقف إطلاق النار، وتنتهي بانسحاب الاحتلال وتبادل الأسرى وإعادة الإعمار.
المهمة أُنجزت ولكن..
وعن العلاقة بين انسحاب لواء كفير ومحادثات الدوحة لتبادل الأسرى، يرى جاكي خوري الخبير بالشؤون الإسرائيلية، إن من المبكر الحديث عن انسحاب الجيش الإسرائيلي من منطقة شمال قطاع غزة، لا سيما وأن هذا الجيش بث اليوم تصريحات لرئيس هيئة أركانه يقول فيها إن العملية العسكرية متواصلة في تلك المنطقة، للضغط على حركة حماس بالمدنيين ولدفعها لتسليم الأسرى.
ويشير خوري في حديثه للتلفزيون العربي من الناصرة، إلى تسريبات من المستوى العسكري والأمني والاستخباراتي في إسرائيل تفيد بالحاجة للتوصل إلى صيغة تفاهم تتعلق بقطاع غزة وإنهاء الحرب، ولكن وفق رؤية إسرائيلية تقوم على الحفاظ على السيطرة العسكرية.
ويوضح أن التسريبات تقول لنتنياهو أيضًا إن المهمة أُنجزت، وإن هناك إمكانية أيضًا لممارسة المزيد من الضغط على المدنيين قبل إنجاز أي صفقة لتبادل الأسرى.
سحب وليس انسحابًا
من جهته، يميّز معين الطاهر، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بين سحب لواء كفير من شمال قطاع غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي، ليخلص إلى أن ما حدث هو استبدال لواء كفير العامل ضمن الفرقة 162 بلواء آخر يعمل في الفرقة 188، أي أن الجيش لم ينسحب.
ويوضح الطاهر في حديث للتلفزيون العربي من عمان، أن لواء كفير قاتل في غزة لمدة ثلاثة أشهر، وهي مدة طويلة لأي لواء في منطقة ملتهبة، وفقد هناك 43 جنديًا من بين صفوفه.
ويشدد على أن العملية العسكرية الإسرائيلية مستمرة في منطقة شمال غزة، وأن المقاومة هناك بحسب التسريبات الإسرائيلية أعادت تنظيم صفوفها، وأن نحو أربعة آلاف مقاتل جديد انضموا إليها، ما يؤكد استمرار المعارك هناك.
ويرجع الطاهر بعض التسريبات الإسرائيلية العسكرية إلى كونها تأتي في سياق الضغوط، التي تمارسها إسرائيل لتحسين شروطها في مفاوضات الدوحة لتبادل الأسرى.
إبادة ومسح أحياء عن وجه الأرض
أما الباحث السياسي إياد القرا، فيرى أن كل ما حققه الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة قائم على فكرة التدمير والإبادة وتكرار ما حدث في مناطق خانيونس ورفح.
ويوضح الفرا للتلفزيون العربي من خانيونس، أن جيش الاحتلال قام بمسح مناطق كاملة عن وجه الأرض، خاصة في منطقة وسط جباليا، حيث دمّر ما بين 70% إلى 80% من المباني هناك.
ويقول الفرا إن الحديث عن إنجازات للجيش الإسرائيلي هو حديث عن مجازر وإبادات للمدنيين. ورغم ذلك يشير إلى أن المقاومة ما زالت متواصلة في المنطقة، وأن هدف إسرائيل بإفراغ المنطقة من سكانها باء بالفشل.