أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام، اليوم الثلاثاء، أن يديه “ممدودتان” إلى جميع الفرقاء للانطلاق في “مهمة الإنقاذ والإصلاح”، متعهدًا غداة نيله تأييد غالبية نيابية باستثناء حزب الله وحليفته حركة أمل، ببسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
وفي أول كلمة عقب وصوله إلى بيروت ولقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، قال سلام للصحافيين من القصر الرئاسي، “أصغيت بالأمس إلى بعض الهواجس التي أثيرت، جوابي أنني بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الإقصاء، بل من أهل الوحدة، ولست من أهل الاستبعاد بل من أهل التفاهم والشراكة الوطنية”.
وتابع: “هذه دعوتي الصادقة ويداي الاثنتان ممدودتان للانطلاق سويًا في مهمة الإنقاذ والإصلاح وإعادة الإعمار”.
موقف حزب الله
وكلّف عون الإثنين سلام برئاسة الحكومة، بعد نيله تأييد 84 نائبًا من إجمالي 128 من أعضاء البرلمان، في تطوّر يؤكد التغيير الحاصل في المشهد السياسي.
وامتنع نواب حزب الله وحركة أمل عن تأييد سلام، حيث أعرب رئيس كتلة الحزب البرلمانية النائب محمّد رعد أمس عن أسفه “لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية مرة جديدة”.
وتابع: “الآن نقول بكل بساطة وبكل هدوء أعصاب، من حقهم أن يعيشوا تجربتهم، ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية، لأن أي سلطة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها”.
ولا يعني تكليف رئيس حكومة جديد أنّ ولادة هذه الحكومة ستكون قريبة، إذ غالبًا ما استغرق تشكيل الحكومات في لبنان أسابيع، أو حتى أشهرًا بسبب الانقسامات السياسية العميقة.
وجاء انتخاب عون رئيسًا ثم تسمية سلام رئيسًا للحكومة بعد أسابيع من وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أنهى حربًا مدمرة.
وينصّ الاتفاق على انسحاب إسرائيل من مناطق دخلتها في الجنوب، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر عام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان، وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
وقال سلام: “أهم التحديات التي نواجهها اليوم هي التصدي لنتائج العدوان الأخير”، بعدما دمّر أجزاء في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأوضح الرئيس المكلف أن “إعادة الإعمار ليست مجرد وعد، بل التزام وهذا يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من أراضينا”.
وأضاف سلام: “لا أمن ولا استقرار لبلادنا دون ذلك، وهذا يقتضي العمل أيضًا على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية”.
وانضمّ سلام عام 2018 إلى محكمة العدل الدولية لينتخب رئيسًا لها عام 2024 وهي التي أصدرت قرارًا تاريخيًا حينها باعتبار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني.
الاقتصاد وانفجار 2020
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ خريف 2019، وعجز السلطات المتلاحقة عن تنفيذ الإصلاحات الملحة لبدء مرحلة التعافي، تعهد سلام بـ”وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج”.
وتعهد سلام كذلك “بإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت” المدمر الذي وقع في 4 أغسطس/ آب 2020 والعمل لـ”تحقيق العدالة”، بعدما أعاقت التدخلات السياسية تقدم التحقيق القضائي.
ودعا القوى السياسية الى التعاون لبدء “فصل جديد” بمعزل عن التدخلات الخارجية. وقال: “كان لكل منا رهان على خارج ما، والتجربة علمتنا أن الرهان الصحيح الوحيد هو الرهان على وحدتنا وعلى تعاوننا”.
ومع تسمية رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام، يرى داعموه في وصوله إلى رئاسة الحكومة فرصة لإحداث تغيير في أداء المؤسسات الرسمية، وتنفيذ العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس المنتخب جوزيف عون.
عون تعهّد بـ”بدء مرحلة جديدة”، يكون للدولة فيها حق “احتكار حمل السلاح”، ويكون اللبنانيون جميعهم “تحت سقف القضاء والقانون”. ويواجه سلام اليوم تحديات عدّة بعد تكليفه رئاسة الحكومة في لبنان، على صعيد السياسة والاقتصاد في بلد مزقته الحروب والأزمات.