الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين
وسط إشارات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى احتمالية الخلاص من الجماعة الحوثية في بلاده خلال العام الحالي، ضربت الغارات الأميركية مساء الأربعاء – فجر الخميس أهدافاً مفترضة للجماعة في صنعاء ومحيطها، وصولاً إلى معقلهم الرئيسي في صعدة.
وفي حين لمحت تصريحات العليمي إلى وجود مشاورات بخصوص ما يجب فعله على الأرض بالتوازي مع الحملة الجوية الأميركية ضد الحوثيين، تحدث إعلام الجماعة عن سقوط 3 جرحى جراء الغارات الأخيرة في صنعاء وصعدة.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) الماضي وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه إلى إرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.
ووفق ما أورده الإعلام الحوثي، فقد استهدفت 6 غارات أميركية فجر الخميس منطقة براش شرق جبل نقم بضواحي صنعاء، وهي منطقة تحوي تحصينات جبلية وأنفاقاً لتخزين الأسلحة والذخائر، وسبق أن استُهدفت المنطقة أكثر من مرة منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة.
وفي مدينة صنعاء، اعترف الحوثيون بالتعرض لـ3 غارات على جبل نقم الذي يضم مستودعات محصنة للأسلحة، إلى جانب ضربة استهدفت موقعاً في حي الجراف شمال المدينة لم تتطرق الجماعة إلى طبيعته.
وفي معقلِ الجماعة الرئيسي محافظةِ صعدة (شمال)، اعترفت الجماعة بالتعرض لـ3 غارات شمال مركز المحافظة (مدينة صعدة) فجر الخميس، وذلك بعد ساعات من التعرض لـ6 غارات بمنطقة السهلين التابعة لعزلة آل سالم بمديرية كتاف.
وفي ظل التعتيم الحوثي على الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر، فقد اكتفى إعلام الجماعة بالإشارة إلى إصابة 3 أشخاص جراء الضربات في صنعاء وصعدة، وتضرر منازل بسبب الضربة في حي الجراف.
مواجهة ممتدة
وتزعم الجماعة الحوثية أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية؛ بما فيها على مستوى خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.
وتعرضت الجماعة منذ بدء حملة ترمب لأكثر من ألف غارة جوية وضربة بحرية، وفق ما أقر به زعيمها عبد الملك الحوثي، كانت أشدها قسوة الضربات التي دمرت الأسبوع الماضي ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة.
وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساءً وأطفالاً، فيما لم يُتحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف الضربات على أثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».
في مقابل ذلك، تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، كما تزعم إسقاط 22 مسيّرة منذ بدء تصعيدها البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وأطلق الحوثيون 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد من المسيّرات خلال المدة نفسها.
وكانت الجماعة منذ انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل، دون أثر عسكري، باستثناء مقتل شخص واحد خلال يوليو (تموز) الماضي بانفجار مسيّرة في شقة بتل أبيب.
وتوقف الحوثيون عن هجماتهم في 19 يناير الماضي عقب اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكنهم عادوا للهجمات إثر تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، وقرار ترمب شن حملته ضدهم.
احتمالية الخلاص
وتتفاءل الأوساط السياسية اليمنية؛ وفي مقدمهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بأن يكون العام الحالي هو عام الحسم ضد الجماعة الحوثية، خصوصاً بعد المتغيرات الإقليمية وعودة ترمب إلى البيت الأبيض.
وترى المكونات اليمنية الشرعية أن الضربات الأميركية غير كافية لإنهاء تهديد الجماعة المدعومة من إيران، وأن الحل الأمثل هو دعم القوات الشرعية لتحرير الحديدة وصنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة بالقوة.
وفي أحدث تصريحات للعليمي، خلال لقائه في الرياض قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، قال إن «المهم اليوم ما يتعلق بالفاعلية الإجرائية على الأرض، التي نتشاور بشأنها الآن، حيث نؤكد أن الشروط الموضوعية كافة باتت مواتية ليكون هذا العام هو عام الحسم، والخلاص، وإنهاء معاناة شعبنا التي طال أمدها».
ووفق الإعلام الحكومي، فقد أشار العليمي إلى ما وصفه بـ«التراكم المحقق في مسار المعركة على الصعيدين المحلي والدولي، وفي مقدم ذلك تصويب السردية المضللة بشأن الوضع اليمني، وإعادة تعريف الميليشيات الحوثية بصفتها تهديداً دائماً وليس مؤقتاً للأمن والسلم الدوليين».
ورأى العليمي أن من ثمار جهود «المجلس» الذي يقوده «التحول الإيجابي في موقف المجتمع الدولي؛ سواء على صعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، وعلى صعيد الانتقال من سياسة الاحتواء، إلى خيار الردع الحازم»، في إشارة إلى الحملة الأميركية المتصاعدة.
وحض رئيس مجلس الحكم اليمني على «الاستثمار الفاعل في المتغيرات المشجعة، وعدم تفويت فرصة إدارتها الجماعية بكفاءة وحنكة؛ لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وبأقل تكلفة ممكنة».
كما شدد العليمي على «تصفير» الخلافات كافة بين القوى الوطنية، و«التفرغ لمعركة استعادة الدولة، حيث تكمن الشراكة الحقيقية في تحقيق تطلعات الشعب، وإنجاز استحقاقات التحرير، وبناء الدولة العادلة، القائمة على المواطنة المتساوية، وتجريم العنصرية بأشكالها كافة»؛ وفق قوله.
وفي حين تربط الجماعة الحوثية توقف هجماتها بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، فإنه لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد أن تدعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.