قبل أيام، أسقطت الولايات المتحدة باستخدام قاذفات شبح من طراز «بي-2»، أكبر قنابل تقليدية في ترسانتها، على منشآت نووية إيرانية، سعياً للقضاء على مواقع تشمل منشأة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم المقامة أسفل جبل، وكذلك منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم ومفاعل «أصفهان» للأبحاث، في ضربة قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنها «دمرت» البرنامج النووي الإيراني.

لكن، قبل الضربة، شوهدت 16 شاحنة تصطف خارج منشأة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم، وصرح خبير في البرنامج النووي الإيراني لصحيفة «التلغراف» البريطانية بأن النظام نقل جزءاً كبيراً من اليورانيوم عالي التخصيب إلى موقع سري قبل أن تتمكن الولايات المتحدة من قصف منشآته.

ويرى بعض الخبراء أن المكان الأمثل لإخفاء وتكثيف إنتاجها من اليورانيوم المخصب هو «جبل الفأس» الذي يقع على بُعد 90 ميلاً جنوب فوردو، وتفصل بينه وبين منشأة نطنز النووية دقائق فقط.

وبحسب «التلغراف»، فإن إيران تقوم ببناء منشأة هناك في الوقت الحالي، وقد بذلت جهوداً كبيرة لتعزيز المنطقة وتوسيعها بهدوء خلال السنوات الأربع الماضية.

وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية أن هذه المنطقة توسعت سراً بتحصينات جديدة حول ما يبدو أنه موقع لتخصيب اليورانيوم.

ويقول الخبراء إن حجم وعمق «جبل الفأس» يشيران إلى أن المنشأة ستكون ذات قدرة تخصيب كبيرة يمكن أن تُضاهي أو تتجاوز قدرة منشأة فوردو المتضررة.

ولفوردو مدخلا أنفاق، لكن جبل «الفأس» له 4 مداخل على الأقل، اثنان على الجانب الشرقي من الجبل، واثنان على الجانب الغربي.

والأهم من ذلك، أنه يمتد إلى عمق ربما يتجاوز 100 متر تحت السطح مقارنةً بعمق فوردو الذي يتراوح بين 60 و90 متراً.

ويعتقد الخبراء أن حجم المشروع يعني أن إيران قد تستخدم المنشأة ليس فقط لبناء أجهزة الطرد المركزي، بل أيضاً لتخصيب اليورانيوم.

وصرّح بن تاليبلو، الخبير في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات، لصحيفة «فاينانشال تايمز»: «السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت إيران ستنقل، أو ربما قامت بالفعل بنقل مواد انشطارية إلى منشأة (جبل الفأس) أو أي منشأة أخرى مجهولة».

وزاد من هذه الشكوك حول كون هذا الجبل «الحصن النووي السري الجديد لإيران» بعد رد طهران الغامض والمقتضب على سؤال للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي بشأن الموقع في أبريل (نيسان).

فقد قال غروسي: «بما أنه من الواضح أن الموقع يقع في مكان تُجرى فيه أنشطة عدة ومهمة تتعلق بالبرنامج النووي، فإننا نسألهم: «ماذا يحدث هناك بالضبط؟»، لترد عليه إيران بقولها: «هذا ليس من شأنكم».

وخلال الأيام الماضية، دعا غروسي إلى السماح للمفتشين بزيارة المواقع النووية الإيرانية في محاولة «لكشف» مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب.

وأمس الثلاثاء، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن خطر محاولة إيران تخصيب اليورانيوم سراً قد تضاعف.

وهناك مخاوف من أن إيران قد تستغل وقف إطلاق النار الهش مع إسرائيل، الذي أبرمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للقيام بذلك تحديداً ولصنع قنبلة نووية.

وقال ماكرون: «لقد ازداد الخطر بالفعل مع ما حدث مؤخراً»، مضيفاً أنه «يجب علينا منع إيران تماماً من السير في هذا الطريق».

وتفاقمت هذه المخاوف مع كشف تقرير استخباري أولي أميركي سرّي أن الضربات الأميركية على إيران أعادت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط إلى الوراء، ولم تدمّره كما قال ترمب.

وقال مسؤولون لصحيفة «نيويورك تايمز» إن قصف المواقع النووية أدى إلى إغلاق مداخل بعض من المنشآت من دون تدمير المباني المقامة تحت الأرض.

ومع استمرار سيطرة إيران على معظم موادها النووية، فهذا يعني أنها لا تزال قادرة على صنع قنبلة في غضون ستة أشهر، على حد قولهم.

واليوم الأربعاء، استمرت المخاوف في التزايد مع إقرار البرلمان الإيراني مشروع قانون لتعليق تعاونه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتنفي طهران سعيها لحيازة أسلحة نووية، وتقول إن القرار الذي اعتمدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الشهر ويقول إن إيران خالفت التزاماتها بمنع الانتشار النووي، مهد الطريق للهجمات الإسرائيلية.

شاركها.
Exit mobile version