في ظل تصاعد الأصوات الجماهيرية المطالبة بإقالة المدرب البرتغالي خورخي خيسوس، خرج رئيس نادي الهلال فهد بن نافل برسالة حملت في طياتها الكثير من الرسائل المبطنة، حاول من خلالها امتصاص الغضب العارم في أوساط عشاق الزعيم، مؤكداً تفهّم الإدارة لما يمر به الفريق من تراجع في المستويات والنتائج، خاصة بعد خسارة ديربي الرياض أمام النصر بنتيجة 3-1 ضمن منافسات الجولة الـ26 بالدوري السعودي للمحترفين، ومشدداً في الوقت ذاته على التكاتف والعمل لتجاوز هذه المرحلة.
وقال بن نافل، عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»: «يمر الهلال بمنعطف حسم تعرّض خلاله لمستويات ونتائج غير مرضية لنا كجماهير، ولاعبين، وأجهزة فنية وإدارية، وعاملين في النادي… حضرنا لخدمة النادي، وحفظ إرثه، وازدهار حاضره، والإسهام في بناء مستقبله… وسنبقى دوماً عاشقين».
وأضاف: «يغضبنا ما يغضبكم، ويفرحنا ما يفرحكم… نقدكم وعتبكم وصلنا جميعاً… ولا يرضينا سوى إسعادكم… وأن نعمل جميعاً بكل ما أوتينا من قوة لتقديم ما يليق بالكيان… يندر أن يوجد فريق في عالم كرة القدم يستمر بوتيرة متفوقة على الدوام؛ فالمنعطفات الصعبة واردة، ومتوقع أن يصاحبها بعض الظروف».
وأضاف: «العبرة في الاعتراف بها، ثم معالجتها… وهو ما وضعنا أيدينا معاً نحو تحقيقه عبر النهوض بعزيمة أبطال وعشاق شهد لهم العالم في الملاعب والمدرجات… أنتم جزء منا… لنتكاتف معاً من أجل مصلحتنا المشتركة… الهلال أولاً».
هذه الرسالة لم تخلُ من نبرة المصارحة، لكنها حملت أيضاً دلالات واضحة على استمرار الثقة في الجهاز الفني بقيادة خيسوس، وعدم وجود نية حالية لإجراء تغييرات في هذا التوقيت الحرج.
ما قاله فهد بن نافل هذه المرة يعيد إلى الأذهان موقفاً مشابهاً عاشه الهلال في بداية الموسم الماضي، حينما تلقى الفريق ضربة موجعة بالخسارة أمام النصر في نهائي كأس العرب للأندية، وهي الهزيمة التي فجّرت حينها موجة انتقادات لاذعة ضد خيسوس، وأعقبها تذبذب في الأداء بالدوري، وهو ما دفع البعض للمطالبة بإقالته. إلا أن إدارة الهلال تمسكت بالمدرب، وخرج بن نافل برسالة مشابهة دعا فيها إلى دعم المنظومة بالكامل وعدم التسرع في إطلاق الأحكام، معتبراً أن الانتقاد حق مشروع لكنه لا يجب أن يتحوّل إلى هدم للعمل القائم.
وقال بن نافل وقتها: «محصلة المسيرة 5 انتصارات وتعادلان وبلا خسارة، تجاوزنا خلالها عدداً من الظروف التي من شأنها أن تُسهم خلال الفترة القادمة في تعزيز قوتنا، وتصحيح أخطائنا، بعد مرحلة انتقالية شهدت تغييراً كبيراً في صفوف الفريق الأول».
وأردف: «حق الانتقاد مكفول للجميع ومرحّب به ويُسهم في تقويم أي عمل قد يعتريه بعض التذبذب الذي يتحمّله جميع من يُنسب إليهم العمل إما بالحسن أو بالسوء، أضلاع الفريق ثلاثة، لاعبون وجهاز فني وجهاز إداري»، موضحاً: «والقلب هم جماهيرنا الذين ينبضون روحاً في جسد الهلال».
وأتم: «المعوّل منا جميعاً استشعار المسؤولية ودعم نجومنا بقيادة المدرب خيسوس، وأن نكون يداً بيد من أجل أن يستمر الهلال أولاً».
النتيجة آنذاك كانت مبهرة؛ إذ انتفض الهلال محققاً لقب الدوري دون أي خسارة، إلى جانب الفوز بكأس الملك، فضلاً عن الوصول إلى نصف نهائي دوري أبطال آسيا.
اليوم، يجد الهلال نفسه في منعطف جديد، تتكرر فيه بعض ملامح الماضي، لكن في سياق أكثر حساسية، مع اقتراب الفريق من خوض مباريات مصيرية في ربع نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، وصراع محموم على لقب الدوري المحلي؛ إذ تفصله 5 نقاط عن الاتحاد المتصدر قبل 8 جولات من النهاية.
ومع ذلك، فإن الرسالة التي بعث بها فهد بن نافل ليست مجرد تهدئة للخواطر، بل يمكن قراءتها كإعلان غير مباشر عن تجديد الثقة في خورخي خيسوس، ومراهنة جديدة على قدرته على قيادة الفريق للعودة من جديد، كما فعل الموسم الماضي.
الجماهير التي اعتادت على رؤية فريقها في القمة لا تملك رفاهية الصبر دائماً، لكن الإدارة ترى أن استقرار المشروع الفني يجب أن يُمنح فرصة كاملة، خصوصاً أن الهلال لا يزال في قلب المنافسة على البطولات كافة.
وبين ضغط المدرجات وحسابات الإدارة، يبقى السؤال: هل يتكرر سيناريو الانتفاضة الهلالية مرة أخرى بعد رسالة الدعم الجديدة؟ أم أن هذه المرة ستكون مختلفة؟