تشهد دمشق حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا ومتصاعد الوتيرة تمثل الإثنين بزيارة أول وفد قطري إلى العاصمة السورية بعد قطيعة مع النظام السابق استمرت 13 عامًا.
وقد أكّد رئيس الوفد وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي عقب لقائه قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع موقف دولة قطر الثابت في دعم الشعب السوري.
كما وصل دمشق وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي التقى أحمد الشرع وأكد عقب اللقاء في تصريحات للتلفزيون العربي عزم قائد الإدارة الجديدة على بناء سوريا جديدة تحترم الجميع.
وجاءت اللقاءات العربية مع الإدارة السورية الجديدة في دمشق بعد اجتماعات عقدتها وفود أممية وأوروبية وأميركية وتركية خلال الأيام الماضية.
وتطرق ممثلو الوفود خلال لقاءاتهم مع الشرع وغيره من المسؤولين، إلى كافة الأبواب المتعلقة بمستقبل سوريا وتوجهات الإدارة الجديدة حيال أبرز الملفات الداخلية.
وفي واقع الأمر، تختلف الحسابات الغربية والإقليمية والعربية حيال سوريا الجديدة.
لكن هواجس أساسية برزت في تصريحات كل المسؤولين الذين زاروا دمشق مؤخرًا تتمثل بالأمن في سوريا وانعكاساته على المنطقة، وملامح المرحلة الانتقالية في البلاد، وخطط النهوض بالوضع الاقتصادي المتردي بسبب التركة الثقيلة للنظام السابق ومخلفات الحرب.
“إشارات إيجابية” من دمشق
وفي هذا السياق، يعتبر الدبلوماسي الأردني السابق زياد المجالي أن “الإشارة الإيجابية” جاءت من دمشق نفسها إلى العالم الأجمع، ما دفع الدول العربية لتقابلها بإشارات مماثلة.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من عمان، يلفت إلى أن اجتماع العقبة الذي ضم دولًا عربية وأوروبية بالإضافة إلى واشنطن كان إشارة إيجابية.
ويوضح الدبلوماسي الأردني أن الإشارات القادمة من دمشق تصب في خانة المطالب التي بدأت منذ سنوات طويلة وخاصة منذ قرار مجلس الأمن 2254. ويقول: “إن هذا القرار كان يوجّه رسالة إلى النظام، لكننا نتحدث اليوم عن سوريا بنظامها الجديد”، مشيرًا إلى “أهمية رسالة المصالحة الداخلية وانتهاج النظام للديمقراطية”.
ويعتبر المجالي أن زيارة الوفود العربية والأميركية والأوروبية إلى دمشق تعكس التفكير المختلف تجاه نظام الحكم الجديد في سوريا.
دمشق تحتاج للحضن العربي
من جهته، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات رضوان زيادة أن المحيط العربي يجب أن يحتضن دمشق التي تمر بمرحلة انتقالية صعبة بعد 54 عامًا على حكم عائلة الأسد و14 عامًا على الثورة.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يشير زيادة إلى أن سوريا في مرحلة “حطام على المستويين الاجتماعي والاقتصادي حيث لا يوجد في المصرف المركزي سوى 200 مليون دولار وهو مبلغ لا يكفي لدفع الرواتب في البلد الذي يعتمد بشكل رئيسي على القطاع العام”.
الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يرى أن السوريين يعيشون لحظة فارقة تتجسد بوحدتهم وشعورهم بولادة سوريا الجديدة على المستويين الاجتماعي والسياسي ما يفرض البناء على هذه اللحظة لتذليل العقبات في المرحلة الانتقالية للتحول نحو نظام ديمقراطي يحترم إرادة السوريين ويشرك الجميع في بناء سوريا الجديدة.
رسالة طمأنة
وبشأن أهمية فتح أبواب دمشق أمام الدول العربية، يشير الكاتب الصحفي عمار ديوب إلى أن الحكومة المؤقتة وقائد الإدارة السياسية الجديدة أحمد الشرع يقول إنه لا يريد أن يصدّر الثورة إلى الدول العربية ويوجه رسالة طمأنة تستوجب أن تبادلها رسائل من الدول العربية تتمثل بإرسال الوفود إلى دمشق، كما فعلت قطر والأردن ودول أخرى.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من دمشق، يصف ديوب الوضع السوري بأنه في “غاية الإرباك”. ويقول: “بدأنا الخطوات الأولى نحو المرحلة الانتقالية ونحتاج كل دعم بكل أشكاله السياسي والاقتصادي”.
ويرى أن تقاطر الوفود إلى سوريا يؤكد أن “سوريا اتخذت خيارًا سليمًا وهو خيار الانفتاح على الدول العربية”.
كذلك يرى ديوب أن الإدارة السورية الجديدة “مقصرة إلى حد ما حيث تحاول إرسال رسائل طمأنة إلى الخارج فيما يعاني الداخل إرباكًا ولاسيما وأن المسألة الأمنية معقدة في ظل وجود قوى مسلحة خارج سيطرة الحكومة”.
ويلفت الكاتب الصحفي إلى أهمية بناء علاقات جيدة مع العالم العربي لحشد الدولة العربية على تصدير موقف تجاه التقدّم الإسرائيلي في الأراضي السورية.