بموجب قانون “الأعداء الأجانب” الذي يعود إلى القرن الـ18، رحّلت السلطات الأميركية أمس الأحد أكثر من 200 عضو يُشتبه في انتمائهم إلى عصابة “تريد دي أراغوا” الفنزويلية، إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور.
ورغم إصدار قاضٍ فيدرالي أمرًا بمنع الترحيل، وصل هؤلاء المرحّلون إلى السجن في إطار اتفاق تدفع بموجبه إدارة ترمب لحكومة الرئيس نجيب أبوكيلة مبلغًا يبلغ 6 ملايين دولار مقابل عام واحد من الخدمات.
وأظهر مقطع فيديو نشرته حكومة السلفادور أمس الأحد، رجالًا يخرجون من طائرات إلى مدرج مطار، وقد اصطفّ ضباط بملابس مكافحة الشغب على جانبيه.
وواجه الرجال صعوبةً في المشي مع تكبيل أيديهم وأرجلهم، بينما ضغط الضباط رؤوسهم للأسفل لثني خصورهم.
كما أظهر الفيديو نقل الرجال إلى “مركز احتجاز الإرهابيين” في قافلة كبيرة من الحافلات، تحرسها مركبات الشرطة والجيش، بالإضافة إلى مروحية واحدة على الأقل.
يُعرف السجن بقسوة المعاملة- اسوشييتد برس
وفي السجن، ظهر الرجال وهم راكعين على الأرض، بينما كانت رؤوسهم تُحلق قبل أن يرتدوا زي السجن الأبيض بالكامل، وهو عبارة عن سروال قصير يصل إلى الركبتين، وقميصًا، وجوارب، وأحذية مطاطية، ليتمّ وضعهم في الزنازين.
وتأتي هذه العملية في إطار حملة ترمب المستمرة ضد الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة. ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، وقّع ترمب أمرًا تنفيذيًا أعلن فيه أنّ عصابتي “ترين دي أراغوا” و”MS-13″ منظمتان إرهابيتان أجنبيتان.
ما هو سجن “CECOT”؟
وأمر أبو كيلة ببناء “مركز احتجاز الإرهابيين” (CECOT) الضخم، عندما بدأ حملته ضد عصابات السلفادور في مارس/آذار 2022.
وافتُتح السجن بعد عام في بلدة تيكولوكا على بعد حوالي 72 كيلومترًا (45 ميلًا) شرق العاصمة.
يضمّ السجن ثمانية أجنحة واسعة، ويتسع لما يصل إلى 40 ألف سجين. وتتسع كل زنزانة لما بين 65 و70 سجينًا.
ويُحرم سجناء المركز من الزيارات والخروج. كما لا يُسمح لهم بالترفيه والتعليم، إذ لا يُقدّم السجن ورش عمل أو برامج تعليمية لإعدادهم للعودة إلى المجتمع بعد انتهاء عقوبتهم.
أحيانًا، يُلقي السجناء الذين اكتسبوا ثقة مسؤولي السجن محاضرات تحفيزية. ويجلس السجناء في صفوف في الممر خارج زنزاناتهم لتلقّي المحاضرات، أو يخضعون لبرامج تمارين رياضية تحت إشراف الحراس.
أما قاعات الطعام وغرف الاستراحة وصالة الألعاب الرياضية وألعاب الطاولة في السجن، فهي مُخصّصة للحراس.
في مقاطع فيديو، أظهرت الحكومة سجناء مركز احتجاز الإرهابيين (CECOT) وهم يرتدون سراويل داخلية قصيرة ويسيرون في قاعات مشتركة، ويُجبرون على الجلوس فوق بعضهم البعض تقريبًا. بينما تفتقر الزنازين إلى أسرّة كافية للجميع.
ما هو قانون “الأعداء الأجانب”؟
واستند ترمب في قرار الترحيل إلى قانون “الأعداء الأجانب” لعام 1798، والذي استُخدم ثلاث مرات فقط في تاريخ الولايات المتحدة.
ويُلزم القانون الرئيس بإعلان حالة الحرب في الولايات المتحدة، ما يمنحه صلاحيات استثنائية لاحتجاز أو ترحيل الأجانب الذين كانوا يُمكن أن يتمتعوا بحماية بموجب قوانين الهجرة أو القوانين الجنائية.
ونشأت عصابة “ترين دي أراغوا” في سجن خارج عن القانون في فنزويلا، ورافقت هجرة الملايين من الفنزويليين الذين كانت الغالبية العظمى منهم تسعى إلى ظروف معيشية أفضل بعد انهيار اقتصاد بلادهم في العقد الماضي.
ولم تُحدّد إدارة ترمب هوية المهاجرين المُرحّلين، ولم تُقدّم أي دليل على أنّهم في الواقع أعضاء في عصابة “ترين دي أراغوا”، أو أنّهم ارتكبوا أي جرائم في الولايات المتحدة.
لكنّ القاضي الفيدرالي اعتبر أنّ الترحيل استند إلى تفسير خاطئ، إذ ينص القانون على ضرورة وجود “أعمال عدائية” ترتكبها دولة أخرى ضد الولايات المتحدة، بحيث “ترقى إلى مستوى الحرب”، وهو ما لم ينطبق على هذه الحالة.
ما هو عدد السجناء في السلفادور؟
لا تُحدّث حكومة السلفادور عدد السجناء بانتظام، لكن منظمة “كريستوسال” لحقوق الإنسان أفادت أنّه في مارس/آذار 2024، كان في السلفادور 110 آلاف سجين، بمن فيهم المحكوم عليهم بالسجن والذين ما زالوا ينتظرون المحاكمة.
وهذا يزيد عن ضعف عدد السجناء البالغ 36 ألف سجين الذي أبلغت عنه الحكومة في أبريل/ نيسان 2021، أي قبل عام من تكثيف أبو كيلة لجهوده في مكافحة الجريمة.
واتهمت منظمة “كريستوسال” ومدافعون آخرون السلطات بانتهاك حقوق الإنسان، حيث أفادت بوفاة ما لا يقلّ عن 261 شخصًا في سجون السلفادور خلال حملة قمع العصابات.
كما أشارت المنظمة وجهات أخرى إلى حالات إساءة معاملة وتعذيب ونقص في الرعاية الطبية.