من المهم الاعتراف بأن الشيخوخة جزء لا مفرَّ منه من الحياة، ولكن معدل تقدمنا في السن – جسدياً ومعرفياً – يمكن أن يتأثر بعوامل مختلفة، بما في ذلك خياراتنا الغذائية. تُظهر الأبحاث الحديثة أن بعض الأطعمة قد تُسرّع عملية الشيخوخة على مستوى خلايانا، وتسهم في تدهور صحة الدماغ. وسلطت دراسات جديدة الضوء على أطعمة محددة قد تُسرّع الشيخوخة وتُضعف صحة الدماغ، وفقاً لموقع «سايكولوجي توداي»:
الأطعمة فائقة المعالجة
تُعرّف الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) عادةً بأنها أطعمة عُدّلت بشكل كبير عن شكلها الأصلي، وعادةً ما تكون غنيةً بالسكريات المضافة والدهون غير الصحية والمواد الاصطناعية. من الأمثلة الشائعة الوجبات الخفيفة المُعبأة، والمشروبات السكرية، والمعكرونة سريعة التحضير، والوجبات الجاهزة للأكل. على الرغم من سهولة تناولها، فإن هذه الأطعمة غالباً ما تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية، وقد ارتبطت بمشكلات صحية مختلفة.
لقد عرفنا منذ فترة أن زيادة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) ترتبط بالوفاة المبكرة. لكننا نتعلم الآن أن ذلك يعود جزئياً إلى تأثيرها على معدل شيخوخة أجسامنا البيولوجية. في سياق متصل، في حين أن عمرنا بالسنوات ثابت، فإن تأثير تلك السنوات على أجسامنا (يُسمى العمر البيولوجي) هو أمر يمكننا التحكم به من خلال خياراتنا.
في دراسة نُشرت أخيراً في المجلة الأميركية للتغذية السريرية، وجد باحثون قاموا بمتابعة نحو 22 ألفاً و500 شخص أن أولئك الذين يتناولون مزيداً من الأطعمة فائقة المعالجة شهدوا معدل شيخوخة بيولوجية أسرع بكثير.
ماذا عن علاقتها بشيخوخة الدماغ؟ بحثت دراسة نُشرت في مجلة «JAMA Neurology» في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تأثير استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة على التدهور المعرفي. شمل البحث أكثر من 10 آلاف مشارك تتراوح أعمارهم بين 35 و74 عاماً، وتمت مراقبتهم على مدى 8 سنوات تقريباً. كشفت النتائج أن الأفراد الذين يتناولون كميات أكبر من «UPFs» عانوا من تدهور إدراكي أسرع بنسبة 28 في المائة، وتراجع في الوظائف التنفيذية أسرع بنسبة 25 في المائة، مقارنةً بمن تناولوا كميات قليلة من الأطعمة فائقة المعالجة، مما يشير إلى أن هذه الأطباق تُسرّع شيخوخة الدماغ.
المشروبات والأطعمة السكرية
يرتبط الإفراط في تناول المشروبات والأطعمة السكرية بمشكلات صحية مختلفة، بما في ذلك السمنة، وداء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية. في الواقع، من بين جميع الأطعمة، قد تكون المشروبات السكرية هي الأكثر ثباتاً في البيانات التي تدعم تأثيرها الإشكالي على حالات تتراوح من مرض ألزهايمر إلى الاكتئاب. تشمل هذه المشروباتُ، المشروباتِ الرياضية، والقهوة، والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة. أحد التفسيرات المحتملة يتعلق بتأثيرها على المسارات المرتبطة بالشيخوخة.
في دراسة حديثة نُشرت عام 2025 في مجلة «BMC» للصحة العامة، رسم الباحثون خريطةً للعلاقة بين استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر (SSB) وسرعة الشيخوخة، كما تم قياسها بواسطة ساعة الشيخوخة البيولوجية لدى نحو 4 آلاف بالغ. بمقارنة مستويات تناول المشروبات المحلاة بالسكر مع هذه الساعة، وجدوا أن مَن تناولوا كميات متوسطة إلى عالية من المشروبات المحلاة بالسكر كان معدل شيخوخة أجسامهم أسرع من أولئك الذين لم يشربوا هذه المشروبات.
وفيما يتعلق بالدماغ، رُبط استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر أخيراً بارتفاع معدلات الخرف في دراسة جماعية شملت أكثر من 200 ألف مشارك.
الكحول
كشفت الدراسات عن أن الإفراط في تناول المشروبات الكحولية يرتبط ارتباطاً واضحاً بمشكلات صحية مختلفة، بما في ذلك تسارع الشيخوخة والتدهور المعرفي.
أفادت أبحاث الشيخوخة بنتائج مثيرة للاهتمام تتعلق بتعاطي الكحول. بشكل عام، تشير البيانات إلى أن كثرة استهلاك الكحول قد تؤدي إلى شيخوخة دماغية أسرع عبر عدد من المقاييس.