عدّ القصف الصاروخي الذي نفذه حزب الله على مناطق إسرائيلية واسعة، اليوم الأحد، بأنه غير مسبوق، ولم يحدث ما يماثله منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عندما أطلقت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، مئات الصواريخ للتغطية على توغل مقاتليها البري في مستوطنات غلاف غزة، في الساعات الأولى لعملية “طوفان الأقصى”.
وقال مراسل التلفزيون العربي، أحمد دراوشة، من حيفا، إن أربعة ملايين إسرائيلي هرعوا إلى الملاجئ بعد إطلاق حزب الله صواريخه، ولا سيما في تل أبيب وحيفا، ما زاد من الشعور بالغضب في صفوف الإسرائيليين من حكومة بنيامين نتنياهو، الذين يرون أنه كلما ماطلت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كلما تآكلت الإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية.
وقال دراوشة إن الغضب ينتاب الكثيرين في مدينة حيفا السياحية نظرًا للخسائر التي يتكبدها العاملون في قطاع السياحة هناك.
“وضع صعب” في حيفا
وقال رئيس بلدية حيفا يونا ياهف، إن المدينة تعاني من وضع اقتصادي صعب جدًا بعد إغلاق المحال التجارية إثر صواريخ حزب الله.
وأضاف ياهف لقناة “آي 24 نيوز” الإسرائيلية، أنه سيذهب إلى الكنيست (البرلمان) غدًا (الإثنين)، من أجل أن يشرح لأعضاء البرلمان الإسرائيلي ما يجري من وضع صعب في المدينة.
وأوضح أن “لجنة المالية بالكنيست والدولة الإسرائيلية لا تفهم أو تعرف ما يجري فيها من أحداث رهيبة وخطيرة، فحيفا مستهدفة، والاقتصاد ينهار والمدينة راكدة اقتصاديا بعد إغلاق المحلات”.
ويكثف حزب الله من استهدافه للمدينة التي تضم منشآت عسكرية واقتصادية مهمة، بالإضافة إلى استهدافه مستوطنات الكريوت (خليج حيفا)، ما أسفر عن خسائر مادية وحرائق وإصابات بشرية.
وفي وسط إسرائيل، قال رئيس بلدية بيتاح تكفا رامي غرينبرغ، إن أخصائيين نفسيين انتشروا في المدينة بعد سقوط صاروخ أطلق من لبنان.
ونقلت إذاعة “إف إم 103” العبرية، عن غرينبرغ قوله: “انتشار أخصائيين اجتماعيين في موقع سقوط الصاروخ اللبناني”.
وأوضح غرينبرغ، أن “بين الإصابات متوسطة وخفيفة، وهؤلاء الأخصائيون يقدمون الإجابات اللازمة للتخفيف على المستوطنين، جراء توالي سقوط الصواريخ اللبنانية على رؤوسهم”.
وتأتي تصريحات غرينبرغ، بينما قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن إسرائيليين اثنين أصيبا، أحدهما بجروح متوسطة، جراء سقوط صاروخ أطلق من لبنان على مبنى في مستوطنة بيتح تكفا، كما توقفت حركة الطيران بمطار بن غوريون الدولي في تل أبيب وسط إسرائيل.
ونشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية مقطع فيديو يظهر دمارًا واسعًا لمبنى في بيتح تكفا، بعدما تعرض لإصابة مباشرة بصاروخ أدت لاشتعال النيران فيه.
فشل أمني وخسائر اقتصادية
وفي السياق ذاته، قال رئيس بلدية نهاريا شمالي إسرائيل رونين مارلي إن تل أبيب فشلت في توفير الأمن لمواطنيها، وأهدرت أموالًا ضخمة من ميزانيتها دون جدوى.
ونقلت الإذاعة نفسها عن مارلي قوله، إن “إسرائيل فشلت في توفير الأمن لسكانها، كما سبق وأهدرت ميزانيات ضخمة لإجلاء سكان الجنوب (بمحاذاة قطاع غزة)”.
ووصف مارلي، قرار إسرائيل بإجلاء السكان بـ”الغبي”، موضحًا أن تل أبيب سجلت “فشلًا ذريعًا” حيال هذا الأمر.
وبداية حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أجلت تل أبيب سكان المستوطنات المحاذية للقطاع جراء صواريخ فصائل فلسطينية، ومع دخول لبنان جبهة إسناد في اليوم التالي، طلبت تل أبيب من عشرات آلاف الإسرائيليين إخلاء منازلهم في عشرات المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية.
ومنتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، أضاف المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت”، العودة الآمنة لسكان الشمال (على حدود لبنان) إلى منازلهم إلى أهداف حرب الإبادة على قطاع غزة (القضاء على حماس وإطلاق سراح المحتجزين وضمان ألا تشكل غزة خطرًا على أمن إسرائيل).
ورغم مرور أكثر من عام على الإبادة بغزة، لم تنجح إسرائيل في تحقيق أي من أهدافها الـ4، سواء تلك المتعلقة بقطاع غزة، أو بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، أبرزها حزب الله، بدأت غداة شن إسرائيل إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 148 ألف فلسطيني، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوًا بريًا في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالًا عن 3 آلاف و754 شهيدًا و15 ألفًا و626 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلًا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق بيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء الأحد.
ويوميًا يرد حزب الله بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار مخابراتية وتجمعات لعسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبًا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيمًا صارمًا على معظم الخسائر.