أبدت «حركة مجتمع السلم» الجزائرية المعارضة، وهي أكبر «حزب إسلامي» في البلاد، قلقاً بعد تصريحات أدلى بها الرئيس عبد المجيد تبون لصحيفة فرنسية، جاء فيها أن بلاده «مستعدة للاعتراف بإسرائيل في اليوم الذي تقوم فيه دولة فلسطينية كاملة».
وقال الحزب المعروف اختصاراً بـ«حمس»، في بيان، أصدره بعد المقابلة التي نشرتها صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، الأحد، بموقعها الإلكتروني، إنه «يُذكّر بالمبادئ الثابتة للجزائر تجاه القضية الفلسطينية المركزية، ورفضها التام لكل مشاريع التسوية، والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي».
ودعا الحزب السلطات الجزائرية إلى «الثبات والاستمرار في الموقف الرافض للتطبيع، والمنحاز إلى الحق الفلسطيني والمنتصر لقضيته العادلة».
وبدا لافتاً في موقف «حركة مجتمع السلم» بشأن «التطبيع» أن قيادتها تحاشت توجيه انتقاد شديد للرئيس تبون، الذي «حاد»، في نظرها، عن «الخطاب الرسمي بخصوص الصراع في الشرق الأوسط، وقضيته المركزية فلسطين».
وتحدث مسؤول بارز في الحزب إلى «الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم ذكر اسمه، عن أن قيادته «مقتنعة بأن كلامه (أي الرئيس) لا يعني وجود تغيير في سياسة الجزائر حول قيام دولة إسرائيل من دون شروط». ووفق القيادي ذاته، «ستسعى (حركة مجتمع السلم) للاستعلام من محيط الرئيس، حول المعنى الدقيق لكلامه حول التطبيع مع دولة الاحتلال».
وفي تقدير برلماني من الحزب نفسه، تحفّظ أيضاً عن نشر اسمه، فإن «حديث الرئيس عن التطبيع مع إسرائيل كان صادماً لنا من الناحية النفسية، لهذا كان من الضروري أن نصدر موقفاً نوضح فيه أن خطابه بهذا الخصوص غير مألوف لدى الجزائر دولةً ومجتمعاً».
وأضاف: «حتى الظرف الذي يتميز بانتهاكات جسيمة ارتكبها الاحتلال في غزة طيلة عام ونصف العام تقريباً، لم يكن مشجعاً للخوض في مسألة التطبيع».
«لا نية لترشح جديد»
من جهة أخرى، نفى تبون في مقابلته الصحافية، وجود نية لديه لتمديد حكمه بنهاية ولايته الثانية في 2029. وقال: «سأحترم الدستور» الذي يحدد الترشح للرئاسة بولايتين فقط، بناء على مادة «صماء» يُمنع تعديلها.
وأضاف أنه يعتزم «ترك بعض البنى التحتية الجديدة، ومشروعات كبيرة لإصلاح النظام السياسي»، مستدركاً: «حتى إن لم أنجح في كل شيء، سأكون جديراً بأن أُظهر للجزائريين أن النجاح ممكن».
واختار تبون «لوبينيون» لمخاطبة الرأي العام الفرنسي وطيفه السياسي، حول التوترات الحادة التي تشهدها العلاقات الجزائرية – الفرنسية، منذ إعلان باريس اعترافها بـ«سيادة المغرب على الصحراء»، نهاية يوليو (تموز) الماضي.
وكشف أنه تناول الأمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 13 يونيو (حزيران) الماضي، خلال لقاء جمعهما بمناسبة قمة «مجموعة الـ7» التي عقدت في مدينة باري الإيطالية، وقال تبون: «قلت للرئيس ماكرون إنه سيرتكب خطأ فادحاً»، إذا قدم دعم بلاده لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، مشيراً إلى أن «فرنسا عضو في مجلس الأمن الدولي، وانحيازها للرباط في نزاع الصحراء، يشكل خروجاً عن الشرعية الدولية، علماً بأن الأمم المتحدة لم تجد حلاً للمشكلة المستمرة منذ 50 سنة».
وهاجم الرئيس الجزائري بشدة اليمين الفرنسي المتطرف، خصوصاً وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو الذي عدَّه «مسؤولاً عن حملة العداء ضد الجزائر» في الأزمة المشتعلة منذ أشهر، مشدداً على أن التعاون مع الأمن الداخلي الفرنسي «متوقف تماماً لأن الجهاز يعمل حالياً تحت إشراف الوزير روتايو، بعكس جهاز الأمن الخارجي (تابع لوزارة الجيوش) الذي تمكن من الحفاظ على مسافة بيننا».