يواصل المتظاهرون المؤيدون للقضية الفلسطينية تجمعهم أمام جامعة كولومبيا في نيويورك، احتجاجًا على حملة الاعتقالات الأخيرة وإيقاف عدد من الطلاب عن الدراسة وإلغاء تأشيرات البعض الآخر تحت تهم تُكيلها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من قبيل “الترويج للعنف والإرهاب”.
وتشير هذه الخطوات إلى ضغط متزايد يمارسه البيت الأبيض على الجامعة التي كانت مركزًا لاحتجاجات مناهضة لإسرائيل في ربيع العام الماضي.
وتكشف الجامعة في بيان رسمي عن رسالة من إدارة ترمب تطالبها بتعديل ما وصفتها بـ”السياسات التأديبية لتشديد الإجراءات ضد المحتجين”، وتضمنت الرسالة تلويحًا بإلغاء منح وعقود فيدرالية تصل إلى 400 مليون دولار إذا لم تمتثل الجامعة للمطالب التي تشتمل أيضًا بتعريف معاداة السامية رسميًا، ووضع قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا في الجامعة تحت “الوصاية الأكاديمية” لمدة خمس سنوات على الأقل.
انتهاك حرية التعبير
وقد اعتبر مشرعون ديمقراطيون ومنظمات أميركية إجراء إدارة ترمب انتهاكًا لحرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي.
وقد بدأت وزارة العدل تحقيقًا فيما إذا كانت احتجاجات جامعة كولومبيا المناهضة لحرب غزة تنتهك القوانين الفيدرالية لمكافحة الإرهاب.
وقال نائب المدعي العام تود بلانش، إنّ جهات إنفاذ القانون الفيدرالية نفذت مذكرة تفتيش في مساكن الطلاب في إطار تحقيق منفصل بشأن ما إذا كانت جامعة كولومبيا تؤوي مهاجرين غير شرعيين في حرمها الجامعي.
هجمة “فاشية شديدة”
ويضع الأستاذ المشارك بجامعة نيويورك د.سنان أنطون تدابير الإدارة الأميركية في إطار الهجمة “الفاشية الشديدة والواسعة” التي تشنّها إدارة ترمب على مناح كثيرة في الحياة وخصوصًا على الحيّز الأكاديمي.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من نيويورك، يعتبر أنطون أن التأثير على التدريس يعد ترهيبًا، لافتًا إلى شكاوى وطرد يتعرض له الكثير من الأساتذة الذين يدرسون مقررات لها علاقة بالشرق الأوسط والعالم العربي والاستعمار ودراسات الإبادة.
وندّد أنطون بسياسات ترمب، مشيرًا إلى أن التيار اليميني في الولايات المتحدة كان ينتقد الجامعات منذ الثمانينيات على اعتبار أن الجامعات “هي بؤرة لليسار”، وأن لديهم إشكالية مع توعية الطلاب بشأن التاريخ عمومًا وتاريخ الولايات المتحدة بشكل خاص.
ويلفت الأستاذ المشارك في جامعة نيويورك إلى أن الكثير من الديمقراطيين ينتفضون للتنديد بسياسات ترمب، مذكرًا بالممارسة القمعية في الجامعات الأميركية في عهد الرئيس السابق جو بايدن في مخالفة للقوانين وللحقوق الشخصية.
حلقة “قاتمة” في التاريخ الأميركي
وفي ما يخص الجانب القانوني لممارسات إدارة ترمب، يعتبر الخبير القانوني ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في فلسطين سابقًا مايكل لينك أن هذه الممارسات تمثل الهجوم على التعديل الأول للدستور الأميركي بشأن حرية التعبير.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يشير لينك إلى أن ترمب يعتمد على التشريعات التي تعود إلى عام 1952 وتسمح لوزير بترحيل شخص لمجرد اعتقاده أنه يشكل تهديدًا للسياسة الخارجية الأميركية.
ويصف لينك الأمر بأنه “ضبابي ويوفّر سلطات لوزير لا يملكها عادة”.
واعتبر “أن تطبيق هذا القانون على طلاب في الجامعات يعبّرون عن رأيهم بشأن سياسة أميركا الخارجية تجاه إسرائيل سيشكل حلقة مفصلية وقاتمة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية”.
أفعال “غير مسبوقة”
من جانبه، يرى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق توماس وريك أن إجراءات إدارة ترمب تمثّل أفعالا غير مسبوقة، لافتًا إلى أنّها “تخطت أولئك الذين ينتقدون جامعة كولومبيا”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يقول وريك: “ما قامت به إدارة ترمب هي “أنها أتت بفكرة التعبير عن الرأي وأمن الطلاب في الحرم الجامعي وحوّلتها إلى شيء مثير للجدل”.
ويوضح أن هناك سلطة قانونية كانت تنزع للتصدي للإرهابيين والجواسيس وهي تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي.
ويضيف: “عندها، كان يمكن الافتراض أن هناك معلومات سرية لا يمكن الكشف عنها على الملأ، وبالتالي، يمكن طرد شخص لا يحمل الجنسية الأميركية”، مشيرًا إلى أن هذا التشريع لا يغطي القضايا الحالية، حيث يطالب الأميركيون برؤية الأدلة التي اعتُمد عليها لطرد طالب من الجامعات الأميركية.