أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة، لاستكمال المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتمديد المرحلة الأولى منه.
وخلافًا للبنود والاتفاق، يقول وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن محور صلاح الدين على الحدود بين قطاع غزة ومصر سيبقى منطقة عازلة، مدعيًا أن حماس تخطط لشن هجمات جديدة.
وتوعد كاتس في الوقت نفسه بالمضي قدمًا في مشروع ما سمّاه بـ”الهجرة الطوعية” لسكان قطاع غزة.
“تصريحات تضليلية”
بدورها، قالت حركة حماس إن مزاعم وادعاءات وزير الأمن هي تصريحات تضليلية وتأتي في سياق محاولات الاحتلال للتنصل من التزاماته بموجب وقف إطلاق النار.
ووصفت الحركة إعلان كاتس المنطقة الحدودية بين غزة ومصر منطقة عازلة، بأنه انتهاك واضح للاتفاق، ومحاولة لاختلاق الذرائع لتعطيله.
وأكدت التزامها الكامل ببنود الاتفاق واستعدادها للدخول في المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية من الاتفاق، مطالبة الوسطاء والمجتمع الدولي بالتحرك الفوري لإلزام الاحتلال بالتقيّد باستحقاقات وبنود الاتفاق.
وفي سياق متصل، وصف المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنها إنجاز بحد ذاتها، لافتًا إلى أنها لم تكن لتتحقق لولا الرئيس دونالد ترمب، على حد تعبيره.
ثم هاجم ويتكوف حركة حماس، قائلًا إنه “لا تسامح معها”.
ونقل موقع “أكسيوس” عن ويتكوف، أنه إذا سارت الأمور على ما يرام في العاصمة المصرية القاهرة فقد يسافر إلى المنطقة الأسبوع المقبل.
وتتقاطع هذه التصريحات مع الجهود المكثفة التي يبذلها الوسطاء الدوليون لتثبيت وقف إطلاق النار خاصة مع دخول شهر رمضان.
“ثمن باهظ”
تعليقًا على التطورات، يعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري أن هناك عدة عوامل يمكن قراءتها بالنسبة للموقف الإسرائيلي؛ بدءًا من حسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويشير في حديث إلى التلفزيون العربي من الناصرة، إلى أن نتنياهو يريد الحفاظ على ائتلافه الحكومي، رغم وجود ضغوط داخلية تطالب باسترجاع الأسرى من قطاع غزة.
ويرى خوري أن إسرائيل لا تريد أن تدفع الثمن الذي تريده حماس، حيث تعتبره ثمنًا باهظًا جدًا من حيث أسماء أسرى بعينهم تطالب بهم الحركة أو الانسحاب الكامل من قطاع غزة والإعلان عن وقف الحرب. ويعني ذلك “حسم مسألة جوهرية وهي من يحكم قطاع غزة بعد الحرب”.
ويقول خوري: “لا نستطيع الحديث عن تقدم حقيقي في جولة المفاوضات الثانية، فيما تأتي معادلة جديدة وهي محاولة تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق”.
“نتنياهو يحاول انتزاع نصر سياسي”
ومن جانبه، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق فوزي العشماوي، أن نتنياهو في مأزق كبير لأنه لا يستطيع أن يتنصل من الاتفاق، ويعرّض حياة الأسرى للخطر.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من القاهرة يقول العشماوي: “إن نتنياهو لا يستطيع أن يمضي قدمًا في الصفقة دون المناكفات التي اعتاد عليها”، لافتًا إلى أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي انتزع ملف التفاوض من رئيسي الموساد والشاباك ومنح الصلاحية الأساسية لرون ديرمر”.
وبحسب العشماوي، يسعى نتنياهو إلى أن يظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه يحاول الحفاظ على الأمن، وهو يبدي مواقف متشددة لانتزاع نصر سياسي، بعد أن عجز عن تحقيق نصر عسكري من خلال تعيين جون ديرمر.
ويشير أن هذا الأخير “مواطن أميركي وإسرائيلي عُين وزيرًا للشؤون الإستراتيجية لكي يتولى الإشراف على ملف المفاوضات”.
ويشدّد العشماوي على أن لا بديل لنتنياهو عن دور الوساطة المصرية والقطرية، لأنه يعلم أن انهيار الاتفاق سيكون أكثر صعوبة من المضي قدمًا فيه.
“حماس تملك أوراق قوة”
يلفت الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، إلى أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” تدرك من خلال التجربة أن نتنياهو يتقدم في قاعات المفاوضات خطوة ويتراجع ميدانيًا في محطات كثيرة خطوتين.
وبناء على هذه الصيغة، يشير عفيفة في حديث إلى التلفزيون العربي من خانيونس، إلى أن حماس تدرك أنه ينبغي عليها الحفاظ على أوراق قوة.
ويشرح أن من بين تلك الأوراق ما تم إنجازه حتى الآن في المرحلة الأولى: التزامها بتنفيذ الاستحقاقات المرتبطة بها، وكسر خطوط حمراء حاول نتنياهو وحكومته وضعها منذ البداية على غرار إطلاق سراح أسرى من بينهم أسرى المؤبدات، ومن هم من ذوي الأوزان “الكبيرة”.
كما يلفت إلى أن مبدأ انسحاب الاحتلال من قطاع غزة الذي اعتبره نتنياهو من الخطوط الحمراء، كسر بدوره ولو جزئيًا من خلال الانسحاب من نتساريم.
وفيما يشير إلى أن حماس لا زالت تمتلك ورقة الأسرى، يقول إن الظرف السياسي الداخلي الإسرائيلي يخدم الحركة.