يُواجه الكاتب الجزائري-الفرنسي، المُثير للجدل، كمال داود في السابع من مايو (أيار) المقبل تهمة «انتهاك الخصوصية» أمام محكمة في باريس، وذلك في إطار دعوى قضائية رفعتها ضده امرأة في الثلاثينات من عمرها من ضحايا الإرهاب، وهي القضية التي شكّلت أحد أوجه التوترات، التي تعرفها العلاقات الجزائرية-الفرنسية منذ الصيف الماضي.
ونشرت المنصة الإخبارية الفرنسية «ميديا بارت»، الجمعة، خبراً مفاده أن محضراً قضائياً سلّم الروائي، الخميس، إفادة تتضمن مثوله أمام المحكمة الابتدائية بباريس في السابع من مايو المقبل، بناءً على شكوى رفعها محامون باسم سيدة تُدعى سعادة عربان، تُقيم بغرب الجزائر، حمّلته فيها وزر «استخدام قصة حياتها دون موافقتها» في روايته «حوريات»، التي فازت بجائزة «غونكور» الأدبية المرموقة في 4 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي بيع منها أكثر من 400 ألف نسخة.
يُشار إلى أن ضحية الإرهاب، سعادة عربان، رفعت نهاية العام الماضي دعوى ضد داود بمحكمة وهران (غرب) الجزائر، حيث يوجد مسكنه.
وتعيب سعادة عربان على داود أن رواية «(حوريا) تتضمن كامل قصتها»، وتتمثل في محاولة ذبحها من طرف عناصر جماعة مسلحة بغرب البلاد خلال هجوم على المنطقة التي كانت تعيش فيها مطلع تسعينات القرن الماضي. ونجت الطفلة سعادة يومها من موت محقق، لكن الاعتداء ترك أثراً بالغاً على حبال صوتها، وبالكاد تستطيع إسماعه عندما تتحدث.
وكشفت سعادة عربان عن تذمرها من داود ومؤلفه، بعد أيام قليلة من إعلان تتويجه بالجائزة، وذلك في ظهور لها على قناة جزائرية خاصة مع زوجها، الذي كان يُردد للصحافي المحاور ما تقوله؛ حيث أكدت أن شخصية «فجر» التي وظّفها داود في عمله الأدبي مستوحاة من قصتها الشخصية، مؤكدة أن المؤلف تعرّف عليها بصفتها مريضةً عند زوجته الطبيبة النفسية، التي كانت تُشرف على علاجها في عيادتها بكبرى مدن الغرب وهران بين 2015 و2023.
وأكدت سعادة عربان أن داود استشارها بشأن سرد قصتها في عمل أدبي، وأنه وعدها بمبلغ مالي يمكنها من شراء بيت بإسبانيا عندما يفوز بالجائزة، غير أنها رفضت، وفق ما ذكرته محاميتها الشهيرة، فاطمة الزهراء بن إبراهيم، في مؤتمر صحافي نظمته بالجزائر العاصمة في 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكانت عربان بجانبها.
وقالت المحامية إن زوجة داود شريكة معه في إفشاء السر الطبي؛ لأنها كانت تعالج لديها من تبعات الحادثة. كما أعلنت أنها رفعت ضده شكوى أخرى، تخص «التعدي على قانون السلم والمصالحة الوطنية»، الذي صدر في 2006، بهدف وضع حد للاقتتال الدامي مع المتطرفين. وفي تقديرها فقد خاض الروائي في «جراح مأساة التسعينات»، وهو أمر يحظره القانون، وكان ذلك سبباً في منع عرض الراوية في «الصالون الدولي للكتاب»، الذي ينظم سنوياً بالجزائر.
ومنذ أشهر، رفض كمال داود هذه الاتهامات، موضحاً أنه «معتاد على مثل هذه الهجمات»، ويعدّها «تشهيراً من النظام الجزائري»، الذي يراه غاضباً من انتقاداته المستمرة، خصوصاً حول الإسلام والعرب. كما أشار إلى أن هذا هو السبب وراء قراره الاستقرار في فرنسا مع عائلته في صيف 2023.
ومنذ حصوله على الجنسية الفرنسية عام 2020، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، نشر داود عدة مقالات، وأجرى حوارات في صحف فرنسية، عارض فيها مسعى جزائرياً لدفع فرنسا للاعتراف بالجرائم، التي ارتكبها خلال استعمار الجزائر (1830- 1962)، عادّاً ما وقع «صفحة يجب طيها، والنظر إلى المستقبل».
كما كانت له مواقف شديدة ضد «حماس»، إثر «طوفان 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023»، الأمر الذي جلب له سخطاً في الجزائر، وبات لدى حكومتها ومثقفيها ولدى قطاع واسع من المجتمع «ناطقاً باسم اليمين واليمين المتطرف في فرنسا، المعادي للجزائر، ومهاجريها والإسلام والعرب».