سلّمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء اليوم الجمعة جثمان الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس للصليب الأحمر الدولي، وفق ما أفاد مراسل التلفزيون العربي.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني، أن الصليب الأحمر أكد لإسرائيل تسلم جثمان يفترض أنه لشيري بيباس.
وبعدما تسلمت تل أبيب 4 جثامين أمس الخميس، خرجت الحكومة الإسرائيلية لتقول إن فحوص الحمض النووي غير متطابقة مع هوية جثة الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس.
وسارع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى اتهام المقاومة بخرق أهم بنود الصفقة بموجب استحقاقات المرحلة الأولى، وعاد إلى الحديث عن المخاطر التي قد تعترض استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
حماس “ملتزمة” بالاتفاق
المقاومة وعلى لسان حماس، عبّرت عن استغرابها من الضجة التي يثيرها الاحتلال بشأن هوية بيباس، معتبرة إياها حجة جديدة لإفشال الاتفاق.
وأشارت حماس إلى أنّها ستحقق في احتمال وجود خطأ أو تداخل في الجثامين، بفعل استهداف الاحتلال وقصفه المكان الذي كانت فيه عائلة بيباس مع آسريهم، وستقوم بفحص ادعاءاته بجدية تامة على أن تعلن النتائج بوضوح.
وعكس التهديدات الإسرائيلية، جدّدت حماس جديتها والتزامها الكامل بجميع التعهدات، مؤكدة ضرورة المضي قدمًا في تنفيذ استحقاقات الاتفاق على المستويات كافة.
واعتبرت الحركة أن ادعاءات جيش الاحتلال بقتل المقاومة عائلة بيباس محاولة يائسة للتنصل من مسؤوليته عن مقتل العائلة.
الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق
وتزامن الجدل بشأن هوية جثمان المحتجزة الإسرائيلية بيباس مع قرب الانتهاء من المرحلة الأولى من اتفاق غزة.
وقد أعلنت القسام عن أسماء ستة من الأسرى الإسرائيليين الأحياء سيفرج عنهم السبت، مقابل الإفراج عن دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين.
وبالتوازي مع تهديدات نتنياهو بنسف الاتفاق، تجري الاستعدادات لانطلاق محادثات المرحلة الثانية، وسط مواقف إسرائيلية متشددة وضغوط أميركية بضرورة بدئها، على أن تنتهي بوقف الحرب على القطاع، بحسب آخر تصريحات مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
“إسرائيل هي من لا يلتزم بشروط الاتفاق”
وتعليقًا على المشهد، يعتبر الباحث في مركز مدى الكرمل الدكتور إمطانس شحادة، أنه في كل عملية تبادل تتصاعد الادعاءات الإسرائيلية بأن حركة حماس لا تنفّذ الاتفاق.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من حيفا، يؤكد شحادة أن إسرائيل هي من لا يلتزم بشروط الاتفاق بعدم السماح بإدخال الآليات الثقيلة والجرافات والمنازل المتنقلة والمساعدات إلى قطاع غزة.
كما يلفت شحادة إلى أن إسرائيل “غير مستعجلة” ولا تريد الانتقال إلى المرحلة الثانية من المفاوضات، لأنه سيكون لذلك ثمنًا سياسيًا، مما قد يهدّد تماسك حكومة بنيامين نتنياهو.
ويشير إلى أن “الحكومة الإسرائيلية تستعمل الحجج لتأجيل المرحلة الثانية من الاتفاق من خلال إطالة أمد المرحلة الأولى، أو عرقلة المفاوضات لنسف المرحلة الثانية، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة”.
“مساحة رمادية”
ومن جهته، يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي، أن استخدام الحكومة الإسرائيلية للمعطلات ليس لعرقلة المرحلة الأولى وليس بالضرورة من أجل انهيار الاتفاق، لكن هناك خيار ثالث.
ويشرح الشوبكي في حديث للتفزيون العربي من الخليل، أن هذا الخيار هو أن يبقى نتنياهو في المساحة الرمادية، بحيث لم يحقق في المرحلة الأولى كل ما يحتاجه قطاع غزة ويؤثر على حياة الناس اليومية.
ويأتي ذلك “لضمان إحداث أكبر قدر من الضغط على الفصائل الفلسطينية، لأن الخطر الذي تم الحديث عنه منذ أسبوعين والمتمثل بتهجير الفلسطينيين يتم الآن البناء عليه من أجل إخراج حماس بشكل كامل من المشهد”، وفق تعبير الشوبكي.
إسرائيل “غير متأكدة” من رغبتها بالخروج من غزة
ومن جانبه، يشير الباحث في معهد هدسون ريتشارد وايتز إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وفريقه أكدوا أن الانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق سيكون صعبًا، لافتًا إلى أنه جرى التفاوض للتوصل إلى هذا الاتفاق في ظل إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
وايتز يضيف في حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، أن ترمب قال أيضًا “إنه لا يحب الإفراج عن عدد قليل من الأسرى الإسرائيليين في كل دفعة، وأنه يريد الإفراج عن الأسرى بشكل كامل”.
ويوضح أن حماس وافقت على الإفراج عن الأسرى شرط الانتقال إلى المرحلة الثاني من الاتفاق، وهو ما يعني خروج الجنود الإسرائيليين من القطاع، لكن إسرائيل ليست متأكدة من رغبتها في تحقيق هذا الأمر، على حد تعبيره.
كما يؤكد وايتز أن حركة حماس لا تزال تتمتع بالسلطة والقوة في القطاع.