أمضى نائب لبناني 721 يومًا في المجلس النيابي، واحتاج فقط حقيبة نوم لا يتجاوز وزنها كيلوغرامين وحقيبة ملابس متوسطة الحجم.
وفي الوقت الذي كان الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون يحضر حقائبه لدخول القصر الرئاسي، كان النائب ملحم خلف يحضّر امتعته لمغادرة البرلمان اللبناني، بعد أن مكث فيه سنتين!
أنهى خلف اعتصامه في مبنى البرلمان، عقب انتخاب جوزيف عون رئيسًا جديدًا للبلاد. فبعد انتهاء جلسة التصويت في البرلمان، ظهر ملحم خلف محتفلًا ومسرورًا، وهو يغادر البرلمان ملتحفًا بألوان العلم اللبناني وحاملًا معه حقيبته.
أوفى بوعده
وفرحة خلف ليست حصرًا على اختيار لبنان رئيسًا له بعد سنتين من شغور المنصب الرئاسيّ، وبعد فشل 13 جلسة تصويت عليه، بل بوفائه بالوعد الذي قطعه على نفسه كرجل قانوني، بالاعتصام داخل مجلس النواب منذ بدء شغور منصب الرئاسة.
فالرجل الذي كان نقيبًا للمحامين، قرَّر الاعتصام التزامًا منه بنص الدستور، الذي يوجب على المجلس النيابي الانعقاد بشكل مستمر حتى ينتخب رئيس للبلاد.
وقال خلف لوسائل إعلام محلية: “أُغادر اليوم بعد 721 يومًا من العزة، كنت فيها داخل المجلس النيابي وأُقدمها للشعب اللبناني الذي يستحق أن يفكر أحد به”.
“قمت بواجبي”
وكان خلف قد فاز بمقعد نيابي في دائرة بيروت الثانية ضمن لائحة “بيروت التغيير” التي تضم شخصيات من المجتمع المدني، كما أنه عرف بمشاركته في التظاهرات التي طالبت بالتغيير في لبنان.
وقال خلف في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت: “عندما تؤمن بالديمقراطية وبأنك مسؤول عن الأمانة التي استأمنك عليها الشعب لا يمكن أن تخذل الشعب”، مؤكدًا أنه ما كان ليكون مرتاحًا داخل منزله ومكتبه دون أن يتألم لشعبه الذي يتألم بدوره جراء الأزمات المتراكمة.
وأكد أن ما فعله هو “أدنى ما يمكن فعله تجاه الشعب والأجيال القادمة”، لافتًا إلى أن ما قام به هو واجبه وواجب أي نائب بأن يكون حاضرَا داخل المجلس النيابي لانتخاب رئيس جمهورية منذ الشغور الرئاسي.
خلف “حارس على الدستور”
وشهدت منصات التواصل شهدت تفاعلًا واسعًا بعد خروج خلف من البرلمان، وقد نشر النائب في البرلمان اللبناني وضاح الصادق صورة تجمعه مع النائب خلف وقال مخاطبًا الأخير: “كنت حارسًا على الدستور منذ أن دقّت ساعة الاستحقاق الرئاسي، وأشهد أنني لم أر صلابة كتلك التي أبدَيتَها طيلة أكثر من 700 يوم. ملحم خلف، كل الاحترام والتقدير”.
أما الناشط السياسي عصام الخوري فقد كتب: “بعد 721 يومًا من الشرف والفخر والاعتزاز في الامتثال لأحكام الدستور، وفي البقاء في قاعة المجلس النيابي دفعًا لانتخاب رئيس الجمهورية، يعود ملحم خلف اليوم إلى منزله ومكتبه وأصدقائه وعائلته، مرفوع الرأس، عالي الجبين، مرتاح الضمير، لكلّ ما تحقّق رغم كلّ التحدّيات الجسام”.
وكتب الصحفي عبد الرحمن الشاطري: “النائب المستقل ملحم خلف يغادر مجلس النواب حاملاً الحقيبة، للمبيت لأول مرة على سريره في المنزل بعد أن كان يبيت على كنبة في إحدى القاعات المجاورة للقاعة العامة”.
وقال جون الحايك: “صراحة ترفع لك القبعة وشكرًا على تعبك والوقت يلي استهلكته على هذه الأرض دفاعًا عن هذا الحق! مش سهلة الله يوفقك!”