تُوجّه جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيون) ضرباتها المتكررة صوب العمق الإسرائيلي، مستهدفة مطار بن غوريون وهدفًا عسكريًا جنوبي يافا.
ويعكس هذا الحدث الذي وقع في النهار تصعيدًا نوعيًا في المواجهة، إذ يوسع الحوثيون نطاق عملياتهم لتشمل أهدافًا إستراتيجية مؤثرة في الداخل الإسرائيلي.
“الهجوم الأكثر جرأة”
وتبرز مشاركة نظام “ثاد” الأميركي في اعتراض الصواريخ، وفق هيئة البث الإسرائيلية، عمق التورط الأميركي في الدفاع عن تل أبيب.
وتتزامن الصواريخ الحوثية مع استمرار الهجمات على السفن الإسرائيلية وحاملة الطائرات “يو أس أس هاري ترومان” ما يكرس تحول البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة إقليمية متزايدة التعقيد.
وعمّ التوتر في إسرائيل عقب الضربة، حيث دوت صفارات الإنذار في القدس وتل أبيب ومستوطنات الضفة، وأغلقت الملاحة الجوية في مطار بن غوريون، ما يعكس حجم الارتباك الأمني.
وأكدت التقارير الإسرائيلية سقوط شظايا صواريخ الاعتراض في مناطق مختلفة، مما يزيد احتمالات حدوث الثغرات في منظومة الدفاع الجوي.
ووصفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الهجوم الحوثي بـ”الأكثر جرأة”، فيما تساءلت القناة الثانية عشرة عن جدوى الإجراءات الدفاعية إذا كانت إسرائيل مضطرة إلى تعطيل أهم مطاراتها في كل هجوم.
من جهته، أكد المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي يحيى سريع أن الهجوم جاء دعمًا لغزة، متوعدًا بمزيد من العمليات ضد إسرائيل.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصواريخ، لكنه لم ينف تأثير الهجوم على الملاحة الجوية.
أما واشنطن، فقد علقت عبر البنتاغون بأن مشاركة نظام “ثاد” في التصدي للصواريخ “تعكس التزام أميركيًا بأمن إسرائيل”، لكنها امتنعت عن تأكيد أو نفي استهداف الحوثيين لحاملة الطائرات “ترومان”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد قال إن الحوثيين يتوسّلون السلام بعد أن تلقوا ضربات قاسية، على حد تعبيره.
“القوات الأميركية أمامها أيام سوداء”
وفي هذا الصدد، يقول عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، حزام الأسد: “عملياتنا مستمرة في منع الملاحة الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر، والرد على العدوان الأميركي على اليمن”، مضيفًا أن “القوات الأميركية في المنطقة أمامها أيام سوداء”.
ويُنوّه الأسد، في حديثه إلى التلفزيون العربي، من صنعاء، بأنه “لا يوجد أي انعكاس أو تأثير عسكري للضربات الأميركية، فهي تستهدف المدنيين ومناطق مفتوحة، إضافةً إلى معسكرات جرى ضربها سابقًا”.
ويتابع الأسد أنه يتوجب على الولايات المتحدة وقف الإبادة في غزة، بدل عدوانها على اليمن، مشددًا على أنه “في حال واصلت عدوانها فإنه ليس لدينا أي خيار سوى المواجهة مهما كلفنا ذلك من تضحيات”.
“هجمات الحوثيين تؤثر على العالم”
بدوره، يرى كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي، لورانس كورب أن الهجمات الأميركية ضد الحوثيين لم تكن كافية لإيقافهم عن مهاجمة السفن الإسرائيلية”، مشيرًا إلى أن “هجمات الحوثيين لا تؤثر فقط على إسرائيل، بل على العالم بأسره، لأنها تُكلِّف التجارة العالمية عبر البحر الأحمر الكثير”.
ويستطرد الباحث الأميركي في حديث إلى التلفزيون العربي، من فرجينيا: “الرد الأميركي سيكون أكثر حدة إذا لم يتوقف الحوثيون عن تخريب الملاحة في البحر الأحمر”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة “لا تنوي إزالة الحوثيين وإنما تسعى لوقف تخريب الملاحة في البحر الأحمر وعدم مهاجمة إسرائيل”.
وفي تعليق عن إمكانية نشر قوات أميركية على الأرض، يقول كورب: “هناك دائمًا مخاوف على حياة الجنود الأميركيين الذين قد نخسرهم على الأرض”، متابعًا أنه إذا ما استمر “تخريب” الحوثيين للتجارة العالمية فسيكون “هناك الكثير من القدرات العسكرية الإضافية لاستخدامها”.
“تغيّر الاستراتيجية العسكرية للمنطقة”
من جهته، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محمد عبد الواحد، من القاهرة، أنه على الرغم من تفوق القوات الأميركية، فإن قوة الحوثي تنبع من “امتلاكه أيديولوجية وعقيدة يدافع عنها ومن أجلها”، مشيرًا إلى أن “صواريخ الحوثي، رغم بساطتها، ستغير الاستراتيجية العسكرية في المنطقة بالكامل”.
ويوضح عبد الواحد، في حديثه إلى التلفزيون العربي، أن صواريخ الحوثي غير المكلفة تُجبر الولايات المتحدة على إطلاق صواريخ باهظة الثمن، مما يؤدي إلى خلل في الاستراتيجية العسكرية بالمنطقة. فضلًا عن ذلك، فإن صواريخ الحوثي وإيران هي “أول صواريخ تخترق أماكن محرمة فوق تل أبيب لم يصلها أحد من قبل”.
ويتابع عبد الواحد: “حتى وإن لم تُحدث صواريخ الحوثي تأثيرًا عسكريًا، فإنها تُحدث تأثيرًا معنويًا كبيرًا جدًا، لاختراقها الأمن القومي الإسرائيلي والقبة الحديدية، كما أنها تخلق حالة من عدم الاستقرار في إسرائيل وتُضعِف الاستقرار داخلها”.
ويختم قوله: “رغم الضربات الأميركية العنيفة على الحوثيين، فإنه من الصعب جدًا القضاء عليهم”.