مع استئناف المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة، تسود أجواء من التفاؤل الحذر بإمكانية قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في وقت قال فيه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تريد التوصل إلى اتفاق خلال الأسبوعين المقبلين، معربًَا عن تفاؤله بنجاح إبرام الاتفاق قريبًا، سواء خلال ولاية الرئيس جو بايدن أو بعدها.
ولفت بلينكن إلى أن ذلك سيكون على أساس الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي، والتي تحظى بتأييد العالم بأسره عمليًا، وفق تعبيره.
مشاورات أمنية إسرائيلية
في المقابل، كانت هيئة البث الإسرائيلية قد أفادت نقلًا عن مصدر إسرائيلي بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مشاورات أمنية لبحث صفقة التبادل مع حركة حماس.
من جانبها، نقلت وكالة “رويترز” عن قيادي في حركة حماس قوله إنها وافقت على قائمة من أربعة وثلاثين محتجزًا قدمتها إسرائيل بموجـب الاتفاق المحتمل لوقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف القيادي لرويترز أن الحركة لا ترى تجاوبًا من إسرائيل بشأن الانسحاب من القطاع، مشددًا على أن أي اتفاق سيعتمد الموافقة على الانسحاب ووقف إطلاق النار.
تأجلت زيارة مدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع للدوحة في انتظار رد حركة حماس- الأناضول
وفي تل أبيب، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن زيارة مدير الموساد ديفيد برنياع إلى الدوحة تأجلت في انتظار رد حركة حماس، لكي تقرر حكومة نتنياهو ما إذا كانت هناك جدوى لسفره، بحسب ما نقلته هذه الوسائل عن مصادر مطلعة.
يحدث كل ذلك في وقت تفرض الرقابة العسكرية الإسرائيلية سرية تامة على مجريات المفاوضات على غير العادة، وفي وقت من المقرر أن يعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مشاورات أمنية ليلية لبحث صفقة التبادل مع حركة حماس.
جسر الفجوات بين إسرائيل وحماس
وفي هذا السياق، يشير الباحث السياسي إياد جودة إلى أن المفاوضات بشأن وقف الحرب على غزة بدأت منذ وقت طويل، وغالبًا ما كان الاتفاق وشيكًا، معتبرًا أن إسرائيل “هربت” من توقيع اتفاق في يناير/ كانون الثاني 2024 لأن نتنياهو أراد تطبيق أجندات خاصة.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من خانيونس في غزة، يشير جودة إلى “أنباء تتحدث عن جسر الفجوات الكبيرة التي كانت قائمة بين الموقفين الإسرائيلي والفلسطيني بسبب ترحيل القضايا الأساسية والمهمة إلى المرحلة الثانية”.
ويلفت إلى أن إسرائيل تريد تحقيق المرحلة الأولى ما يثير مخاوف بشأن مستقبل أي اتفاق سيمر بعدة مراحل.
كما يوضح الباحث السياسي أن المرحلة الأولى والتي ستنفذ خلال ستة أسابيع، تتضمن إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين الذين جرى تصنيفهم بأنهم مرضى وكبار سن، مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المحاور وعودة جزئية للنازحين. ويلفت إلى أن تثبيت وقف إطلاق النار سيتم في مرحلة تالية.
تغيّر أولويات المجتمع الإسرائيلي
من جهته، يلفت الباحث في مركز مدى الكرمل مهند مصطفى إلى أن أغلبية تمثل حوالي 70% من المجتمع الإسرائيلي تؤيد وقف الحرب من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، استنادًا إلى استطلاعات الرأي.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من أم الفحم، يوضح مصطفى أن ذلك يعني تغيّر الأولويات داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث باتت الأولوية إطلاق سراح الأسرى وإن كان ثمن ذلك هو وقف الحرب.
ويرصد مصطفى ضغطا من داخل المجتمع الإسرائيلي باعتبار أن الحرب على قطاع غزة استنفدت أدواتها العسكرية وأن إسرائيل انتصرت، لكن هذا النصر غير مكتمل دون إطلاق سراح الأسرى.
ويقول: “إن نتنياهو معني بالذهاب إلى مرحلة أولى من الاتفاق قبل مجيء ترمب من أجل تخفيف الضغط الإسرائيلي ومن أجل إرضاء الإدارة الأميركية”، لافتًا إلى أن هذا القرار سيلقى معارضة من داخل الحكومة الإسرائيلية لكنه لن يؤدي إلى إسقاطها.
ما حقيقة التفاؤل الأميركي؟
وفي قراءة للتفاؤل الأميركي بشأن قرب التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، يعتبر مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور خليل جهشان أن الموقف الأميركي “لم يشهد أي تغيير جذري”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يرى جهشان أن التفاؤل الضئيل الذي أبداه مسؤولون في البيت الأبيض هو “انعكاس للتفاؤل الإسرائيلي”.
ويقول: “إن إسرائيل لم تتعاون مع الإدارة الأميركية في الجولات السابقة من المفاوضات”.
ويضيف جهشان: “نحن لسنا بصدد تحليل عملية تفاوضية، بل حوار طرشان”، حسب قوله.
ويعتبر أن هذا الحوار ترافقه “حرب نفسية” وسط تبادل الاتهامات بين الأطراف و”التشكيك”.
كما يلفت إلى أن المستجد الآن هو “تخفيض سقف الاتفاق، الذي لم يعد ذلك الذي تحدثنا عنه قبل أسابيع”.