من المتوقّع أن يكون عام 2025 فوضويًا على غرار الأعوام السابقة، في ظل الحروب القائمة في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتحالفات بين القوى، وبالطبع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني المقبل، والتأثير الكبير المتوقّع لسياسته الخارجية على الشؤون الدولية.
وبما أنّه لا يُمكن التنبؤ بتصرفاته، إلا أنّه سيكون للرئيس المُنتخب ترمب تأثير قوي لا سيما على الأزمتين الدوليتين الرئيسيتين: أوكرانيا والشرق الأوسط.
ما هي “النقاط الساخنة” خلال عام 2025؟
1- الشرق الأدنى والشرق الأوسط
منذ بدء الحربين الإسرائيليتين على غزة ولبنان في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يغرق الشرق الأوسط في بحر من الدماء، ويترنّح على شفا حرب شاملة.
ورغم ذلك، يبدو أنّ التصعيد لا يزال تحت السيطرة بين إسرائيل وإيران، ولكن إلى متى يمكن أن يستمر ذلك؟
مع عودة ترمب إلى الرئاسة، تبدو الحكومة الإسرائيلية أقلّ استعدادًا لإيجاد حل سياسي في غزة، رغم توقيعها اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بحسب وكالة فرانس برس.
ويبدو أنّ تعيين ترمب مؤيدين لإسرائيل في إدارته المقبلة، على غرار مايك هاكابي السفير الأميركي المقبل في تل أبيب والمؤيد للاستيطان، يمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو شيكًا على بياض، في حال لم تحدث أي مفاجآت.
وقال المحلل في شركة الاستشارات الأمنية “لو بيك إنترناشيونال” مايكل هورويتز: إنّ الصراع في غزة “قد يدخل في نوع من الجمود، حيث تفرض إسرائيل الحل العسكري وتُبقي قواتها في داخل القطاع، دون أن تتجلّى بدايات حل سياسي”.
وأضاف أنّ الإدارة الأميركية المقبلة ستسعى أيضًا إلى ضمّ السعودية إلى اتفاقيات أبراهام للسلام لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
ولكنّه رأى أنّه ما دامت الحرب في غزة مستمرة، فإن مثل هذا الاتفاق يبدو مستبعدًا.
2- الحرب على أوكرانيا
مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، سيكون قد مضى على الحرب الروسية على أوكرانيا 3 سنوات تقريبًا، حيث تُواجه كييف وضعًا صعبًا للغاية مع نقص المقاتلين، بينما تعتمد على المساعدات العسكرية الغربية لمواجهة القوات الروسية التي تكسب المزيد من الأراضي في الشرق، ويتمّ تعزيزها بذخائر وجنود من كوريا الشمالية.
وسط ذلك كلّه، تتزايد الضغوط على كييف للتفاوض، وهو ما يعني استسلام أوكرانيا من وجهة نظر موسكو.
وقبيل انتخابه، أعلن ترمب أنّه سيجد حلًا للحرب “خلال 24 ساعة”.
وتتخوّف كييف من الأسوأ في حال عودة ترمب، نظرًا لتهاونه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال فترة ولايته الأولى، وتعيينه شخصيات منتقدة لأوكرانيا في حكومته المقبلة على غرار تولسي غابارد، بالإضافة إلى احتمال وقف الدعم العسكري الأميركي في عهده.
ورغم أنّه من الصعب التنبؤ بما سيفعله ترمب المعروف بتقلّباته ودعمه لدبلوماسية الصفقات، سيكون عام 2025 حاسمًا بالنسبة لأوكرانيا، اعتمادًا على الضغوط التي تُمارسها واشنطن، وعلى قدرة أوروبا على دعم كييف.
3- صواريخ بيونغيانغ وتعاونها مع موسكو
عام 2024، زادت كوريا الشمالية عدد تجاربها الصاروخية الباليستية. كما تقاربت على نحو غير مسبوق مع روسيا، حيث وقّعت بيونغيانغ وموسكو معاهدة دفاع مشترك. وفي خطوة غير مسبوقة، أرسلت بيونغيانغ نحو 10 آلاف جندي للقتال في أوكرانيا، وفق زعم الدول الغربية.
وقال الباحث في مؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي فيودور ترتيسكي لوكالة فرانس برس: “يُريد بوتين جنودًا وذخائر من كوريا الشمالية، وفي المقابل تُريد بيونغيانغ التكنولوجيا العسكرية من موسكو”.
وأضاف: “علينا أن نُعدّ أنفسنا لتصرّفات من كوريا الشمالية لم نشهدها من قبل”، مشيرًا إلى أنّ كيم جونغ أون تخلّى أيضًا عن “أي فكرة لإعادة التوحيد مع كوريا الجنوبية”.
من جهته، قال الباحث في مؤسسة “بركينغز” آندرو يو لفرانس برس، إنّ “التعاون العسكري مع موسكو يأتي على خلفية تصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية”، مشيرًا على سبيل المثال إلى تدمير بيونغيانغ مؤخرًا للطرق بين الكوريتين، والتوغّل المزعوم لطائرات بدون طيار كورية جنوبية لدى جارتها، وتجربة جديدة لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات في نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.
وأكد يو ضرورة “الاستعداد لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار الكبير والتصعيد المحتمل في شمال شرق آسيا”.
4- الصراع بين الصين وتايوان
من ناحيته، يُثير الصراع بين الصين وتايوان الخشية من اندلاع حرب عالمية في المستقبل.
وتزعم الصين أنّ تايوان جزء من أراضيها، وتقول إنّها لن تستبعد استخدام القوة لإعادة الجزيرة إلى سيطرتها.
وفي السنوات الأخيرة، كثّفت بكين ضغوطها العسكرية، حيث تُرسل بشكل شبه يومي، الطائرات الحربية والطائرات بدون طيّار والسفن حول الجزيرة.
في المقابل، تُعدّ الولايات المتحدة الحليف الأمني الرئيسي لتايوان، على الرغم من أنّها لا تعترف بالجزيرة دبلوماسيًا.
وتبنّى الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء خطًا عدائيًا مماثلًا تجاه بكين، حتى إن ترمب عيّن ماركو روبيو وزيرًا للخارجية في عهده المقبل، والذي يُعتبر من الصقور المُعارضين لبكين، وسبق أنّ مُنع من دخول الأراضي الصينية.
ومن المتوقع أنّ يتولّى مايك والتز منصب مستشار الأمن القومي الإستراتيجي في البيت الأبيض، وهو الذي أعلن أنّ واشنطن في “حرب باردة مع الحزب الشيوعي الصيني”، داعيًا لـ”التصدّي لتهديد الحزب الشيوعي الصيني” ولـ”تسليح تايوان الآن”.