يترقب الفلسطينيون بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة صباح الأحد عند الساعة الثامنة والنصف بالتوقيت المحلي (الساعة 6:30 بتوقيت غرينتش)، بعد موافقة إسرائيل عليه إثر 15 شهرًا من الحرب المدمرة التي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى في القطاع.
واستمرت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 130 شخصًا منذ الأربعاء، وفقًا للدفاع المدني في القطاع.
شهداء وتجريف وإنذارات
واستشهد السبت خمسة أفراد من عائلة واحدة من النازحين الفلسطينيين، في قصف استهدف خيمتهم في منطقة المواصي بخانيونس جنوب قطاع غزة، بحسب الدفاع المدني.
كما واصل الاحتلال الإسرائيلي استهدافاته في القطاع، حيث أفاد مراسل التلفزيون العربي بأن آليات الاحتلال قامت بتجريف محيط مركز إيواء شمالي قطاع غزة، كما استشهد فلسطيني في غارة إسرائيلية على بلدة الفخاري جنوب شرقي مدينة خانيونس.
بالتوازي مع ذلك، أنذر الجيش الإسرائيلي سكان غزة من التنقل بين شمال القطاع وجنوبه أو الاقتراب من مناطق وجوده العسكري.
“تهديد باستئناف القتال”
وفي ظل ضبابية بشأن آلية تبادل الأسرى ومخاوف من خرق إسرائيلي محتمل للاتفاق المعلن، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت إن تل أبيب تحتفظ بحق استئناف القتال في غزة بدعم أميركي.
وتعهد نتنياهو بإعادة كل المحتجزين في القطاع الفلسطيني إلى ديارهم، مشددًا في الوقت نفسه في خطاب متلفز على أن إسرائيل “غيّرت وجه الشرق الأوسط” منذ بدء الحرب، وفق قوله.
كما اشترط رئيس الوزراء الإسرائيلي تلقيه قائمة بأسماء المحتجزين المزمع الإفراج عنهم الأحد قبل أي عملية تبادل بين محتجزين في غزة ومعتقلين لدى إسرائيل في إطار اتفاق الهدنة.
غرفة عمليات لمراقبة تنفيذ الاتفاق
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الذي أعلن أن اتفاق وقف إطلاق النار يبدأ صباح الأحد في تمام الساعة 8:30 بالتوقيت المحلي في غزة، أكّد للتلفزيون العربي أن غرفة العمليات المشتركة لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد بدأت أعمالها في القاهرة، مشيرًا إلى الاطمئنان إلى التزام الأطراف بالاتفاق.
كما شدّد على أهمية الضمانات لاستئناف مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، مؤكدًا أنه لا يمكن تحمل الفشل في هذه الصفقة.
من جهتها، أعلنت مصر التي تؤدي دور الوساطة إلى جانب قطر والولايات المتحدة، اليوم السبت، أن إسرائيل ستطلق سراح أكثر من 1890 فلسطينيًا معتقلين لديها مقابل الإفراج عن 33 أسيرًا إسرائيليًا في المرحلة الأولى من هدنة غزة.
وقالت وزارة الخارجية المصرية إنه سيتم إطلاق سراح المعتقلين خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ومدتها 42 يومًا.
حركة حماس أوضحت أن آلية إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ستعتمد على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنه، مشيرة إلى أنه سيتم نشر قوائم الأسرى يومًا بيوم ضمن آلية متفق عليها في بنود وقف إطلاق النار.
50 شاحنة وقود
بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن العمليات العسكرية ستتوقف من الطرفين مؤقتًا بدءًا من الساعة 8:30 من صباح الأحد وفقًا للاتفاق.
وأشارت إلى أنه من المنتظر إطلاق سراح المحتجزين بعد الساعة الرابعة من مساء الأحد. وقد نشرت وزارة القضاء الإسرائيلية قائمة بأسماء 735 أسيرًا فلسطينيًا للإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل مع حماس.
يحدث ذلك، فيما تشهد مدينة العريش المصرية، “استعدادات نهائية” لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من معبر رفح الحدودي.
وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن 50 شاحنة وقود ستدخل قطاع غزة عندما يبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس الأحد.
كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم السبت، الانتهاء من إعداد “خطة شاملة” للتعامل مع قرار وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بهدف إعادة الحياة الطبيعية إلى القطاع.
لحظات “ثقيلة”
وفي هذا السياق، يشير مدير عام مؤسسة “الحق” لحقوق الإنسان، شعوان جبارين، إلى أن اللحظات الأخيرة قبيل سريان وقف إطلاق النار تمر “ثقيلة”، تمامًا كما مرّت الأشهر الـ15 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ولا يستبعد جبارين ارتكاب الاحتلال المزيد من المجازر في الساعات القليلة التي تسبق بدء تنفيذ الاتفاق.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من رام الله، يلفت جبارين إلى أن الاحتلال يهدّد عائلات الأسرى ويمنعهم من إظهار أي مظاهر احتفالية بعد إطلاق سراحهم، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات ليست مفاجئة، لأن الاحتلال يدرك مكانة الأسرى بالنسبة للشعب الفلسطيني.
كما يشير إلى أن بعض الأسرى من أصحاب المحكوميات المرتفعة سيتم الإفراج عنهم وإبعادهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية، في محاولة لإضعاف المجتمع الفلسطيني ومنعه من الاستفادة من قياداته.
ويعتبر جبارين أن مسرح الجريمة في غزة يجب أن يُفتح أمام الخبراء الدوليين للتحقيق في جرائم الاحتلال.
وعود أميركية
من جهته، يوضح رئيس تحرير موقع “عرب 48″، رامي منصور، أن نتنياهو أجرى مشاورات مع “الكابينت” السياسي والأمني، ومن ثم مع الحكومة الموسعة، بشأن التصديق على الاتفاق والتدابير الأمنية التي سيتخذها الجيش الإسرائيلي لتأمين المستوطنات في غلاف غزة.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من استوديوهات لوسيل، يشرح منصور أن نتنياهو يبدو أنه قدم لوزير المالية بتسلئيل سموترتش، الذي بقي في الحكومة رغم تصويته ضد الاتفاق، نص المحادثات التي جرت بين كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ونتنياهو، وكذلك المحادثات بين الرئيس المنتخب دونالد ترمب ونتنياهو، والتي أكّدوا فيها على حق إسرائيل في تجديد القتال في حال عدم التزام حماس بالاتفاق.
ويقول منصور: “إن تجديد الحرب متوقع جدًا لأن إسرائيل قد تختلق مبررات وتتذرع بأن حماس تعيد التسلح أو تخطط لعمليات ضد إسرائيل”،معتبرًا أن المرحلة الأولى من الاتفاق مرحلة “هشة جدًا”، كما أن وقف الحرب في المرحلتين الثانية والثالثة غير مضمون لأن نتنياهو اضطر لوقف الحرب تحت ضغط ترمب.
ويرى أن المشكلة تكمن في أن “اعتبارات الحرب لدى نتنياهو ترتبط بحسابات حزبية شخصية”، رغم أن المؤسسة العسكرية تقول إن الحرب استنفدت نفسها وإن الأولوية الآن لإطلاق سراح الأسرى.
كما يلفت منصور إلى أن الضفة الغربية التي عاشت “جحيمًا” منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قد تشهد واقعًا صعبًا بعد وقف إطلاق النار في غزة، مرجحًا ضم إسرائيل مساحات جديدة في الضفة التي قد تكون ضمن “سلة هدايا” وعد ترمب بمنحها لنتنياهو.