بات واضحًا اعتماد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وهو رجل أعمال نجح بفضل الإعلام قبل السياسة، بشكل كبير على عالم التلفزيون والترفيه لتشكيل إدارته الجديدة، لا سيما من شبكة “فوكس نيوز”، القناة المؤثرة التي تلقى شعبية لدى المحافظين الأميركيين.
فقد عمد ترمب، كما فعل خلال ولايته الأولى، إلى الاستعانة بشخصيات معروفة بخبرتها الإعلامية أكثر من السياسة في تشكيل فريقه.
فريق ترمب
وعيّن ترمب بيت هيغسيث، مقدم برنامج صباحي يحظى بنسبة مشاهدة عالية في نهاية الأسبوع على “فوكس نيوز”، في قيادة وزارة الدفاع “البنتاغون”.
أما نجم البرامج التلفزيونية “الدكتور أوز”، فقد منحه ترمب إدارة التأمين الصحي، بينما رشّح ليندا مكماهون المؤسسة المشاركة للاتحاد العالمي للمصارعة الترفيهية لحقيبة التعليم.
كما ولّى شون دافي حقيبة النقل، وهو نجم سابق لتلفزيون الواقع على قناة “إم تي في”، انتخب لاحقًا عضوًا في مجلس النواب ثم غادر إلى قناة “فوكس بيزنس”.
ومع تلك التعيينات التي أقرها ترمب قبل دخول البيت الأبيض رسميًا في 20 يناير/ كانون الثاني القادم، لا يزال يتعيّن على مجلس الشيوخ الموافقة على هذه الخيارات.
“نظرية فعالة”
في هذا السياق، قال ريس بيك الأستاذ في جامعة نيويورك ومؤلف كتاب “شعبوية فوكس”: إن ترمب “صنيعة الإعلام وهو موجود في الصحف الشعبية منذ الثمانينيات. وكان أحد مساراته إلى الشهرة برنامجه لتلفزيون الواقع The Apprentice، فقد تمكّن من تقديم نفسه على التلفزيون كرجل أعمال ناجح”.
وأضاف لوكالة فرانس برس: “الدرس الذي يستخلصه هو أن قوة الإعلام هي قوة سياسية. يمكننا أن نسخر من ذلك، لكنني أعتقد أنه بشكل عام، أظهر أن هذه النظرية كانت فعّالة”.
وندد المرصد الإعلامي MediaMatters، المصنّف على اليسار، بعودة التقارب بين قناة “فوكس نيوز”، الإمبراطورية الإعلامية التي أسّسها قطب الأعمال المحافظ روبرت مردوخ، والبيت الأبيض.
وبالإضافة إلى بيت هيغسيث وشون دافي، يتولى توم هومان، من بين آخرين، مسؤولية تنفيذ سياسته الخاصة بالطرد الجماعي للمهاجرين بعدما كان مديرًا لمراقبة الحدود ومتعاونًا مع القناة، حيث يدافع عن مواقف دونالد ترمب بشأن الهجرة.
وقال ماثيو غيرتز، أحد الكتاب في MediaMatters، إن “هذا يثبت أن فوكس نيوز لديها الكثير من النفوذ. الشبكة عملت خلال إدارته الأولى (2017-2021) كما لو كانت تلفزيونًا رسميًا يمتدحه باستمرار ويهاجم أعداءه”.
“رئيس حكومة الظل”
سواء امتدحها أو انتقدها، بشكل حاد أحيانًا، فإن ترمب بوصفه الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، البالغ 78 عامًا، هو مشاهد لا يمل من برامجها ويستشهد بها كثيرًا عبر تغريدات أو منشورات على شبكته “تروث سوشال”.
فحين كان ترمب في البيت الأبيض بولايته الأولى، ظهر أحيانًا في البرنامج الرئيسي “Fox and Friends”. وعندما أصدر عفوًا عن جنود متهمين بارتكاب جرائم حرب، نسب الفضل على حسابه في تويتر إلى بيت هيغسيث الذي قام بحملة لصالحهم على القناة.
وتمت مقارنة شخصية رئيسية أخرى في “فوكس نيوز”، هي شون هانيتي، بـ”رئيس حكومة الظل” في البيت الأبيض حيث كان لديه إمكان الوصول المباشر إلى الرئيس.
وخلال الانتخابات الرئاسية عام 2020، أثارت قناة روبرت مردوخ غضب معسكر ترمب عندما نسبت، عن وجه حق وأمام كل منافسيها، الفوز إلى جو بايدن في ولاية أريزونا الحاسمة.
وفي الأسابيع التي تلت ذلك، رددت قناة “فوكس نيوز” نظريات المؤامرة بشأن الاحتيال لصالح الديمقراطي، ما دفعها إلى دفع مبلغ هائل يبلغ 787,5 مليون دولار لوقف ملاحقات بتهم تشهير من الشركة المصنعة لآلات التصويت دومينيون، التي كانت محور اتهامات باطلة.
واتهمت قناة “فوكس نيوز” بإثارة مخاوف الأميركيين من خلال تسليط الضوء على المشكلات المرتبطة بانعدام الأمن أو الهجرة، وهو ما تنفيه، وقد شهدت ارتفاع عدد جمهورها بفضل الانتخابات الرئاسية، ووسعت الفجوة مع منافسيها “سي إن إن” و”إم إس إن بي سي”.
وشهدت الحملة تزايد دور المؤثرين والبودكاست على حساب قنوات الكابل الكبرى، التي بدأت تفقد زخمها، لكن بحسب ريس بيك فإن “فوكس نيوز” لا تزال تحتل موقعًا محوريًا في المشهد الإعلامي المحافظ” وتفرض مواضيعها عليه.