أطلق حزب الله اللبناني الأحد وابلًا كثيفًا من الصواريخ على إسرائيل، هو الأكثر كثافة وعددًا منذ بدء المواجهة بين الجانبين.
أكثر من مئتي صاروخ، سبعة عشر منها كانت موجهة نحو تل أبيب الكبرى، وفق ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية، ما أسفر عن إصابة أحد عشر إسرائيليًا في نهاريا وحيفا وبيتاح تكفا شرق تل أبيب، وكفار بلوم بالجليل الأعلى فيما احتمى ملايين الإسرائيليين داخل الملاجئ.
تصاعد في الميدان والسياسة
في المقابل، استشهد عسكري لبناني وأصيب ثمانية عشر آخرون، بعد استهداف الاحتلال حاجزًا للجيش اللبناني في العامرية، على طريق القليلة.
وشنّ الجيش الإسرائيلي غارات متفرقة على قانون راس العين بقضاء صور وبلدة الغندورية جنوبي لبنان، كما جدّد استهدافه للضاحية الجنوبية لبيروت.
وتزامن التصعيد على الأرض مع تصعيد آخر في التصريحات بين لبنان وإسرائيل، فقد أكد حزب الله للتلفزيون العربي أنه لن يقبل أي بند يمنح صلاحيات لإسرائيل تمس بالسيادة اللبنانية، وأن أي قصف لبيروت سيقابله قصف آخر على تل أبيب.
وعلق رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي على استهداف إسرائيل لجيش بلاده بالقول: إن ذلك يمثّل رسالة دموية برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.
في هذه الأثناء، اعتبر عضو مجلس الحرب الإسرائيلي المستقيل بيني غانتس، أن الحكومة اللبنانية تطلق يد حزب الله، داعيًا إلى ضرب لبنان ومنشآتها بقوة.
يأتي هذا في أعقاب دعوة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان.
وحث بوريل من بيروت، على ضرورة الضغط على إسرائيل وحزب الله لقبول المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، فهل تعكس التصريحات الصادرة من لبنان وإسرائيل نيات للتصعيد أم التهدئة؟ وما مدى جدية تل أبيب في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار واحتمالات التسوية؟
رسائل حزب الله الصاروخية
وفي هذا الإطار، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن إطلاق حزب الله هذا العدد الكبير من الصواريخ رسالة واضحة وقوية إلى إسرائيل، فهو أطلق نحو 300 صاروخ، بعد أن قالت إسرائيل بأنها قضت عليها وعلى قدرات الحزب الصاروخية.
ويوضح شلحت للتلفزيون العربي، من مدينة عكا، أن رسالة الحزب السياسية جاءت من خلال الصواريخ لتقول بأنه لا يمكن فرض تسوية سياسية تسعى إليها إسرائيل قائمة على الإملاءات، ومنها حرية العمل العسكري في الأراضي اللبنانية، وتضمين الاتفاق القرار الدولي رقم 1559، وليس فقط القرار رقم 1701، ما يعني نزع سلاح حزب الله.
ويضيف أن إسرائيل تريد أن يتضمن الاتفاق بندًا لما تسمى “الحروب بين الحروب” التي يمكن أن تخوضها إسرائيل مستقبلًا، وكذلك تضمين الاتفاق ملف الحدود السورية اللبنانية، وضرورة مراقبتها، والسماح لإسرائيل بقصفها متى شاءت لمنع وصول السلاح من إيران من خلالها، كما تدّعي حكومة بنيامين نتنياهو.
ويخلص شلحت إلى أن هذه الشروط مرفوضة من حزب الله، وكانت ضرباته الصاروخية اليوم رسالة واضحة بذلك.
إما التفاوض أو التصعيد
من جهته، يقول الكاتب الصحفي قاسم قصير، إن هذا اليوم كان تاريخيًا بامتياز، فحزب الله أطلق نحو 350 صاروخًا في رسالة لإسرائيل مفادها إما أن تقبل التفاوض حسب مسوّدة الاتفاق التي سلّمها آموس هوكستين للطرف اللبناني، أو أن تذهب المنطقة إلى تصعيد كبير.
ويوضح قصير في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، أن الجيش الإسرائيلي يواجه عقبات كبيرة في حربه على لبنان، فهناك مقاومة شرسة في جنوبي لبنان، وكانت هناك معارك قوية في بلدتي الخيام والبيّاضة، أحرقت خلالها المقاومة عددًا من دبابات ميركافا الإسرائيلية، وهناك صواريخ الحزب التي وصلت إلى مديات جديدة.
ويرى أن رسالة الحزب واضحة بأنه ما زال مسيطرًا، وأنه أعاد بناء صفوفه، وأن لديه قدرات لم يستخدمها بعد، وأنه قادر على استخدام صواريخ غير تقليدية في حوزته، وفي حال قامت إسرائيل باستهداف منشآت حيوية للحزب فإنه سيقوم بالأمر نفسه في تل أبيب.
إدارة بايدن غير راغبة
أما دوغ باندو، محلل الشؤون السياسية والدولية في معهد كاتو الأميركي، فيقول، إن هناك حدودًا للضغوط الأميركية على حكومة نتنياهو، وما دامت إدارة بايدن ترفض وقف تزويد إسرائيل بالسلاح فإن نتنياهو سيمضي قدمًا في حربه.
ويصف باندو في حديثه للتلفزيون العربي من واشنطن، إدارة بايدن بأنها “صهيونية أكثر من الصهاينة” كما يقول بايدن نفسه، وهو يريد فعليًا استمرار الحرب على لبنان، لأنه يريد أن يستغل هذه الحرب لتدمير حزب الله أو على الأقل نزع سلاحه، لذلك فإنه لا يمارس ضغطًا على إسرائيل.
ويقول إن إسرائيل وضعت شروطًا لا يمكن لحزب الله قبولها، وفي المقابل فإن إدارة بايدن لا تمارس ما يكفي من ضغوط لوقف الحرب، ما يعني أن الوضع سيزداد صعوبة، حتى وصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض على الأقل.