وجد باحثون أن طول القامة أو قصرها قد يؤثر بشكل كبير على خطر إصابة الفرد بأمراض خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني وأمراض أخرى، وفق صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
فوفقًا لدراسة أجرتها مجموعة دولية من خبراء علوم الصحة، تُعرف باسم “تعاون عوامل خطر الأمراض غير المعدية”، فإن الأطفال البريطانيين في سن الخامسة هم أقصر بحوالي 2.5 بوصة من الأطفال في نفس العمر في أوروبا.
وبالمثل، وجدت دراسة أجرتها كلية “إمبريال كوليدج” في لندن أن تصنيف الطول العالمي للمملكة المتحدة قد تدهور على مدار الخمسة والثلاثين عامًا الماضية، حيث انخفض طول الفتيان في سن 19 من المرتبة الثامنة والعشرين في عام 1985 إلى المرتبة التاسعة والثلاثين عام 2019، وانخفض طول الفتيات في سن الـ19 من المرتبة 42 إلى 49.
وأوضح فريق إمبريال أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو نقص التغذية الصحية والبيئات المنزلية في سنوات الدراسة.
جينات تتحكم بالطول
وعلاوة على ذلك، حذّروا من أن هذا النقص في النمو يمكن أن يؤثر على صحة الطفل طوال حياته. فلدى الأطفال الأصحاء الذين يتبعون نظامًا غذائيًا متوازنًا، يُحدد نموهم بشكل أساسي من خلال جيناتهم.
ووفقًا لدراسة نُشرت عام 2023 في مجلة “سيل جينوميكس” هناك 145 جينًا محتملًا للطول. تُنظّم هذه الجينات خلايا الغضاريف في نهايات عظام الأطفال، مما يؤثر على طولهم.
وتتكاثر خلايا الغضاريف في مناطق من الأنسجة تُسمى صفائح النمو، وتقع قرب أطراف العظام الطويلة، مثل عظام الساقين والذراعين، وتُحدد طول كل عظمة في المستقبل.
وعندما يكتمل النمو (عادةً في سن 18 أو 19 عامًا للأولاد، و14 أو 15 عامًا للبنات)، تُستبدل هذه الصفائح بعظام صلبة، لكنها قد لا تصل إلى كامل إمكاناتها إذا لم تُغذَّ بشكل صحيح.
وترتبط معظم الآثار الصحية السلبية المرتبطة بالطول من طول القامة، وفقًا لمجموعة كبيرة من الأبحاث الحديثة – وفي النهاية، قد يُساعد هذا في تفسير سبب ندرة رؤية أشخاص طوال القامة جدًا أو كبار في السن جدًا.
وقد تحدث توماس ساماراس، عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية الأميركي، عن هذه الظاهرة عام 1992 في نشرة منظمة الصحة العالمية. ودرس 3600 لاعب بيسبول وخلص إلى أنه “مع ازدياد طول الرجال، انخفض متوسط أعمارهم عند الوفاة”.
وقال: “لقد انخفض متوسط العمر المتوقع بحوالي عام واحد لكل بوصة”. وقد دعمت العديد من الدراسات منذ ذلك الحين هذا الارتباط.
فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت على جنود سردينيا أن من يقل طولهم عن 170 سم تقريبًا يعيشون عامين أطول من زملائهم الأطول، وفقًا لما ذكرته مجلة “بيديموغرافي آند سوشال بيولوجي” عام 2012. ووجدت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة “لايف سينسس” عام 2003، أن الشعوب الأقصر في أوروبا لديها 77 معمرًا لكل مليون، مقارنة بـ 48 لكل مليون لدى الشعوب الأطول.
الطول والسرطان
وقد يكون ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان بين الرجال والنساء الأطول أحد الأسباب المهمة.
كذلك أفاد باحثون في معهد كارولينسكا في السويد عام 2015 أن كل زيادة بمقدار 10 سم في الطول عن المتوسط، تزيد من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 18% لدى النساء و11% لدى الرجال. واقترح الباحثون أن أحد الأسباب المحتملة هو أن الأشخاص الأطول لديهم ببساطة خلايا أكثر يمكن أن تتحول إلى سرطان.
ويرجح العلماء أن الأشخاص الأطول يتعرضون لمستويات أعلى من هرمونات النمو في شبابهم، وأن هذه الهرمونات يمكن أن تعزز تطور السرطان.
وبحسب “ديلي ميل”، يدعم هذه الفكرة جيفري كابات، وهو عالم بارز في علم الأوبئة السرطانية في كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك، حيث وجدت أبحاثه أن زيادة الطول مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بجميع أنواع السرطان ــ ولكن بشكل خاص سرطان الغدة الدرقية، والمستقيم، والكلى، وبطانة الرحم، والقولون والمستقيم، والقولون، والمبيض، والثدي.
واقترح أن السبب قد يكون عامل النمو الشبيه بالأنسولين (IGF-I)، الذي ثبت أنه يُسبب تكاثر الخلايا بشكل مفرط – المرحلة الأولية من السرطان – ويمنع هذه الخلايا المتكاثرة بشكل مفرط من قتل نفسها، وهو أحد خطوط الدفاع الأولى لأجسامنا ضد السرطان.
في الوقت نفسه، ارتبط طول القامة لدى الرجال بزيادة خطر الإصابة بأشكال عدوانية من سرطان البروستاتا.
ووجد باحثون في جامعة أكسفورد عام 2017 أن كل 4 بوصات إضافية في الطول عن المتوسط تزيد من خطر إصابة الرجل بسرطان البروستاتا العدواني بنسبة 21%، واحتمال وفاته بنسبة 17%.
طول القامة وخطر الإصابة بأمراض القلب
كذلك يرفع طول القامة من خطر الإصابة بأمراض القلب. فقد أشارت دراسة أجراها أطباء قلب أميركيون ونُشرت في مجلة “مراجعات في طب القلب والأوعية الدموية” في عام 2014 إلى أن أطول 25% من الرجال لديهم ضعف خطر الإصابة بالرجفان الأذيني الطبيعي.
ووجدت دراسة أجريت في جامعة غوتنبرغ في السويد عام 2017 مستوى مماثلًا من زيادة الخطر لدى النساء.
في المقابل، تقل مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بالنسبة للأشخاص طوال القامة. فقد أظهرت دراسة أميركية أجريت عام 2014 أن الرجال الأطول قامةً قلّ لديهم معدل الإصابة بالنوبات القلبية بأكثر من الثلث مقارنةً بأقصرهم قامةً.
كما أظهرت دراسة أجرتها جامعة ولاية واين في ديترويت عام 1996 أن الرجال الذين يقل طولهم عن 158 سم أقل عرضة للانتحار بشكل خاص.
وزعم الباحثون أن السبب في ذلك هو أن الذكور قصيري القامة عمومًا يتعين عليهم تطوير مهارات المرونة النفسية الفعالة عندما يكونون صغارًا، من أجل التعويض عن افتقارهم إلى القامة.
وفي الوقت نفسه، يزيد طول المرأة من خطر الإصابة بالتهاب بطانة الرحم، وهي حالة تتشكل فيها أنسجة تُشبه الرحم في أماكن أخرى من الجسم.