يوآف غالانت الذي أقاله بنيامين نتنياهو من منصب وزير الأمن في إسرائيل اليوم الثلاثاء، هو جنرال سابق حدّد معالم الحملة التي تخوضها إسرائيل ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لكنه اختلف جذريًا مع رئيس الوزراء بشأن مستقبل هذه الحرب.
وبعدما كان القوة الأبرز خلف توسيع العمليات العسكرية في لبنان في سبتمبر/ أيلول، أقصي يوآف غالانت في يوم انشغال الولايات المتحدة، البلد الداعم الأكبر لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا، بانتخاباتها الرئاسية، وبعد أشهر من التباينات مع نتنياهو بشأن مآلات الحرب في القطاع الفلسطيني.
أصرّ غالانت المعروف بمواقفه المتشددة والمنضوي في حزب نتنياهو، والذي اختلف معه مرّات عدة بشأن السياسات المتبعة، بأن على إسرائيل توسيع المعركة إلى لبنان.
وبينما كان المسؤولان على توافق بشأن الجبهة الشمالية مع لبنان، كان الخلاف بينهما عميقًا بشأن الجبهة الجنوبية في غزة، حيث فشلت الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام، في إيجاد حل لمسألة الأسرى الإسرائيليين.
وقال نتنياهو في بيان الثلاثاء: “على مدى الأشهر الماضية تآكلت الثقة.. في ضوء ذلك، قررت اليوم إنهاء ولاية وزير الدفاع”، مشيرًا الى تعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفًا لغالانت.
في 18 سبتمبر، أعلن غالانت بأن “مركز ثقل” الحملة العسكرية الإسرائيلية “سينتقل إلى الشمال”، واصفًا ذلك بأنه “بداية مرحلة جديدة في الحرب تتطلب الشجاعة والتصميم والصمود”.
بعد أيام، أعلنت إسرائيل أن قواتها البريّة بدأت عمليات ضد حزب الله داخل الأراضي اللبنانية، بعد سلسلة عمليات قصف مدمّرة أضعفت الهيكلية القيادية للحزب.
أول من أيّد نقل الحرب إلى الشمال
ويقول الخبير الجيوسياسي لدى شركة “لو بيك” للاستشارات الأمنية ومقرها الشرق الأوسط مايكل هورويتز، إن “غالانت كان أول من أيّد فكرة أن على إسرائيل نقل المبادرة إلى الشمال، بعد أيام فقط من هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.
ويوضح المحلّل السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية كاليف بن-دور بأن “الحجة كانت بأنه من المفضّل في الحرب قتال العدو الأكثر قوّة أولًا، وقوّة حزب الله تتجاوز قوة حماس بأشواط”.
وبحسب هورويتز، كان يُنظر إلى غالانت بعد نحو عام على بدء حرب غزة “سواء كانت تلك النظرة محقّة أم لا، على أنه كان استشرافيًا، وراهن على قدرة إسرائيل على استعادة زمام المبادرة”.
وأشار بن-دور الى أن غالانت، العنصر في القوة البحرية الخاصة والمستشار العسكري لرئيس الوزراء الراحل أرييل شارون، والقائد العسكري الرفيع الذي قاد العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة في 2008-2009، فرض نفسه كسياسي “مسؤول”.
ويضيف المحلل بأن غالانت “يُعتبر شخصية تركّز على الانتصار في الحرب، وما يُنظر إليها على أنها المصلحة الوطنية، بدلًا من الخوض في الأمور السياسية السخيفة”، وهو أمر يلقى تقديرًا حتى في أوساط الإسرائيليين “الذين لا يشاركونه بالضرورة وجهات نظره السياسية”.
متهم بارتكاب جرائم حرب
تعرّض غالانت (65 عامًا) لاتهامات بارتكاب جرائم حرب على خلفية العدوان المتواصل على غزة الذي أودى بحياة 43391 شخصًا على الأقل، معظمهم مدنيون، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.
وفي مايو/ أيار الماضي، طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي توقيف بحق كل من نتنياهو وغالانت، بتهم تشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والقتل والتجويع المتعمّد للمدنيين، علمًا بأن المذكرتين لم تصدرا بعد.
وفور إعلان إقالته، نزل مئات الإسرائيليين الى الشوارع احتجاجًا. ودافع غالانت في أول خطاب له بعد الإقالة، عن أداء الجيش في عهده، وقال إن قرار نتنياهو يأتي بعد سلسلة إنجازات حققها الجيش والأجهزة الأمنية، ونتيجة لخلافات مع نتنياهو بشأن عدة ملفات من بينها قضية التجنيد.
كما أكد غالانت على “ضرورة استخلاص العبر من خلال التحقيق بشأن هجوم 7 أكتوبر”، مشددًا على أنه بالإمكان التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، وأن على إسرائيل أن تقدّم تنازلات.
في أغسطس/ آب، نقل الإعلام الإسرائيلي عن غالانت بأنه قلّل من أهمية إعلان نتنياهو بأن هدف الحرب تحقيق “انتصار كامل” ضد حماس في غزة، معتبرًا أنه مجرّد “هراء”.
خلافات غالانت مع نتنياهو
اختلف غالانت مرارًا مع نتنياهو بما في ذلك بشأن إصلاحات قضائية مثيرة للجدل، أثارت موجة احتجاجات منذ مطلع 2023، والمفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة في غزة.
ويقول هورويتز إن غالانت الذي نجا سابقًا من محاولة واحدة على الأقل لإقالته، يعد شخصية وطنية قادرة على جمع الإسرائيليين، وفق قوله.
وكان غالانت، وهو أب لثلاثة أبناء، انضم إلى حزب نتنياهو “الليكود” عام 2019، بعد بضع سنوات على دخوله السياسة مع حزب “كولانو” (يمين وسط).