أعلنت أوكرانيا عما سمته “هجوما معقدا” شنّه سلاح الجو الروسي على عاصمتها كييف مساء أمس، في وقت يُنتظر فيه وصول موفد من بكين إلى كييف اليوم الثلاثاء في أول خطوة تخطوها الصين لإيجاد تسوية للنزاع المتواصل منذ أكثر من عام.
وقالت الإدارة العسكرية في كييف إن القوات الروسية شنت هجوما معقدا هو الثامن هذا الشهر، من اتجاهات مختلفة في وقت واحد على العاصمة الأوكرانية، باستخدام الطائرات المسيرات وصواريخ كروز وربما الصواريخ الباليستية.
ووصفت كييف الهجمة بالاستثنائية في كثافتها، مؤكدة أنها تلقت أقصى عدد من الصواريخ الهجومية في أقصر مدة زمنية.
من جهته، أكد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن قواته أسقطت 6 صواريخ روسية فرط صوتية من طراز كينجال في الهجوم الليلي الجديد الذي استهدف كييف، وهو نوع من الأسلحة التي يصعب اعتراضها.
وكتب ريزنيكوف على تويتر “إنجاز رائع آخر لسلاح الجو الأوكراني.. الليلة الماضية، أسقط المدافعون عن سمائنا 6 صواريخ روسية فرط صوتية من طراز كينجال و12 صاروخا آخر”.
وصواريخ “كينجال” (Kinzhal) التي تعني “الخنجر” من الأسلحة الروسية الباليستية “الفرط الصوتية” (Hybersonice)، وقد كشف عنها الرئيس فلاديمير بوتين في مارس/آذار 2018، وأطلق عليها وصف “السلاح المثالي”، واستعملتها موسكو لأول مرة في حربها على أوكرانيا.
At night, very intensive work of air defense systems was noted in Kyiv.
Russian troops attacked the Kyiv region with cruise missiles and Geran kamikaze drones.
According to some reports, the purpose of the attack was to hunt for air defense systems of the Ukrainian Armed… pic.twitter.com/p25OqPQo2r
— Spriter (@Spriter99880) May 16, 2023
كما قالت الإدارة العسكرية إنه تم اكتشاف وتدمير الغالبية العظمى من الأهداف الجوية في سماء كييف، مؤكدة أن الحطام سقط على 5 أحياء مختلفة في العاصمة، كان أكبرها ما وقع في حي سولوميانسكي غربي المدينة حيث احترق مبنى غير سكني، في حين سقطت أجزاء من الصواريخ في مناطق أخرى.
من جانبه أكد الجيش الروسي الثلاثاء أنه استهدف ليلا منشآت عسكرية في أوكرانيا بوابل من الصواريخ، مشيرا إلى أنه “أصاب كل الأهداف”.
وبحسب وزارة الدفاع الروسية، استهدفت الضربات نقاط انتشار للقوات الأوكرانية وذخيرة غربية ومخازن أسلحة. كما أكدت تدمير منظومة باتريوت أميركية مضادة للطائرات في كييف واعتراض سبعة صواريخ من طراز “ستورم شادو” البريطانية.
التطورات في باخموت
وعلى جبهة أخرى لا تزال مشتعلة شرقي البلاد، أعلنت القوات الأوكرانية أنها حققت انتصارات في مدينة باخموت وسيطرت على 10 مواقع روسية في ضواحيها.
وكان الجيش الأوكراني أعلن أمس الاثنين عما سماه “أول نجاح” لهجومه الرامي منذ الصيف الماضي إلى استعادة المدينة التي تسيطر القوات الروسية على القسم الأكبر منها وتحاول السيطرة عليها بالكامل.
وفي المعسكر المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرة مقاتلة من طراز “سوخوي-27” اعترضت طائرتين إحداهما فرنسية والأخرى ألمانية فوق بحر البلطيق ومنعتهما من اختراق المجال الجوي الروسي.
وأمس الاثنين، قالت روسيا إنها أسقطت لأول مرة صاروخ “ستورم شادو” (Storm Shadow) البعيد المدى الذي حصلت عليه أوكرانيا من بريطانيا، واستخدم في ضرب مواقع صناعية بمدينة لوغانسك (شرقي أوكرانيا) التي تسيطر عليها موسكو.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها أسقطت صاروخ “ستورم شادو” (ظل العاصفة)، وهو من صواريخ كروز البريطانية الصنع، وذلك خلال استهدف القوات الأوكرانية مواقع صناعية في مدينة لوغانسك في إقليم دونباس.
وأوردت وكالة تاس الروسية للأنباء أن أوكرانيا أطلقت صاروخين من هذا الطراز على لوغانسك.
حزم دفاع جديدة
في الأثناء، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يعود إلى بلاده بعد جولته الأوروبية محملا بحزم دفاع جديدة ومزيد من الأسلحة الأكثر قوة للجبهة ومزيد من الدعم السياسي.
وحصل زيلينسكي خلال زيارته للندن وباريس على وعود بمساعدات عسكرية جديدة تتضمن طائرات مسيرة هجومية بعيدة المدى.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده لن تمنح أوكرانيا طائرات مقاتلة، مؤكدا في مقابلة مع القناة الفرنسية الأولى أن ذلك ينسجم مع الموقف المبدئي لباريس الداعم لأوكرانيا في صمودها في وجه ما سماه العدوان الروسي، والرافض في الوقت نفسه منحها القدرة على استهداف الأراضي الروسية.
بريغوجين يرد
في شأن متصل، نفى قائد مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين صحة تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) عن عرضه معلومات استخباراتية عن مواقع القوات الروسية لكييف مقابل تنازل الأوكرانيين عن الأراضي المحيطة بمدينة باخموت المحاصرة بإقليم دونيتسك.
وكانت الصحيفة نقلت -عما وصفتها بوثيقة استخباراتية أميركية مسربة- أن بريغوجين عرض في آخر يناير/كانون الثاني الماضي تسليم أوكرانيا معلومات عن مواقع القوات الروسية إذا سحب القادة الأوكرانيون جنودهم من المنطقة المحيطة بباخموت.
وأضافت الصحيفة أن مسؤولَين أوكرانيَّين أكدا أن بريغوجين مدد العرض بشأن باخموت أكثر من مرة، لكن كييف رفضته لأن المسؤولين الأوكرانيين لا يثقون به، واعتقدوا أنها قد تكون خدعة. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي أن واشنطن لديها شكوك مماثلة بشأن نية بريغوجين وعروضه.
وفي ذات السياق، تفقد بريغوجين خطوط القتال الأمامية غربي مدينة باخموت. ونشر حساب موال للمجموعة شبه العسكرية الروسية الخاصة، مقطعا يظهر بريغوجين وهو يستمع إلى تقرير قائد ميداني قال إنه على خطوط التماس الأولى مع الجيش الأوكراني.
وأظهر بريغوجين أوراق هوية جندي أميركي سابق وجثته، قال إنه مواطن أميركي قتل وهو يحارب إلى جانب الجيش الأوكراني. وتعهد أن يسلم جثته إلى الجانب الأميركي بطريقة تليق به.
جولة للموفد الصيني
سياسيا، يبدأ اليوم لي هوي الممثل الصيني الخاص للشؤون الأوراسية، المكلف بمناقشة تسوية النزاع في أوكرانيا، زيارة إلى كييف، وفق ما أفاد به مسؤول أوكراني رفيع المستوى لوكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت الوكالة عن السلطات الصينية أن المبعوث الصيني سيبحث تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية.
وسيكون لي -الذي شغل منصب سفير الصين في روسيا بين عامي 2009 و2019- أرفع دبلوماسي صيني يزور أوكرانيا منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا.
وسيزور المبعوث الصيني أيضا روسيا وعددا من دول الاتحاد الأوروبي بينها بولندا وفرنسا وألمانيا.
وكانت الصين نشرت في فبراير/شباط الماضي وثيقة من 12 نقطة تتضمن موقفها من حرب روسيا وأوكرانيا ورؤيتها لحل الصراع بينهما، وذلك بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاعه.