«نبوءة كلوب»… سطّرها سلوت وصلاح في «قلب أنفيلد» باللقب 20 لليفربول
قبل 343 يوماً، وقف يورغن كلوب في قلب ملعب «أنفيلد» يودّع جماهير ليفربول بكلمات ملؤها العاطفة، قائلاً: «لا يبدو الأمر كالنهاية، بل كالبداية».
آنذاك، بدا حديثه مفعماً بالتفاؤل، لكنه بدا للكثيرين بعيداً عن الواقع. اليوم، يتضح أن كلماته كانت نبوءة تحققت.
ففي مشهد كروي تاريخي، تُوّج ليفربول بطلاً للدوري الإنجليزي الممتاز للمرة العشرين في تاريخه، معادلاً رقم مانشستر يونايتد في قمة المجد الكروي الإنجليزي.
المدرب الهولندي أرنه سلوت الذي جاء من فينورد الصيف الماضي، دخل بسرعة إلى قائمة العظماء في «أنفيلد»، بعدما قاد الفريق إلى التتويج قبل أربع جولات من نهاية الموسم، عقب الفوز الكاسح على توتنهام بنتيجة 5-1.
بهذا الإنجاز، أصبح سلوت ثالث مدرب في تاريخ ليفربول يحقق لقب الدوري في موسمه الأول، بعد جو فاغان وكيني دالغليش، وأول مدرب يحقق ذلك في موسمه الأول بالدوري الإنجليزي منذ أنطونيو كونتي مع تشيلسي عام 2017.
رغم أن سلوت ورث فريقاً موهوباً، فإن بصمته كانت واضحة، سواء في التحولات التكتيكية الدقيقة أو إدارة اللاعبين ببراعة لافتة. اختياره بدا مقامرة العام الماضي، لكنه أثبت أنه رهان رابح بكل المقاييس.
منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حافظ ليفربول على صدارة الدوري بلا منازع، وحقق سلسلة مذهلة من 26 مباراة دون هزيمة، مع سجل شبه مثالي: خسارتان فقط في 34 مباراة. في موسمٍ شهد تذبذب منافسيه، بدا ليفربول وكأنه يسير وحده بثبات نحو القمة.
الأداء داخل الملعب كان باهراً. محمد صلاح تألق كعادته وقاد خط الهجوم ببراعة، وسجل هدفاً جديداً وضعه خامساً في ترتيب الهدافين التاريخيين للدوري الممتاز برصيد 185 هدفاً، متجاوزاً سيرجيو أغويرو. أما القائد فيرجيل فان دايك، فكان صخرة الدفاع، ومصدر الإلهام بثباته وحضوره القوي.
الاحتفالات في «أنفيلد» كانت استثنائية. هذا أول لقب دوري يحتفل به مشجعو ليفربول داخل الملعب منذ 1990، بعدما أُجبر الفريق على الاحتفال خلف الأبواب المغلقة في موسم 2019-2020 بسبب الجائحة.
منذ ساعات الصباح الباكر، تدفق المشجعون إلى محيط «أنفيلد»، حاملين أعلاماً وكؤوساً مقلدة وسط غابات من الدخان الأحمر وأجواء كرنفالية.
داخل الملعب، علت الهتافات مبكراً، خصوصاً نشيد: «لن تسير وحدك أبداً»، في حين ازدان المدرج الشهير «الكوب» بلافتة جديدة كُتب عليها: «لطالما كانت ليفربول»، إشارةً إلى تصريحات فان دايك الأخيرة بعد تجديد عقده.
ورغم أن البداية لم تكن مثالية، عندما سجل دومينيك سولانكي هدفاً لتوتنهام مبكراً، جاء الرد سريعاً وعاصفاً. لويس دياز أدرك التعادل بعد عمل جماعي بين صلاح وسوبوسلاي، ثم أطلق أليكسيس ماك أليستر قذيفة صاروخية سكنت الشباك، قبل أن يضيف كودي غاكبو الهدف الثالث بطريقة رائعة قبل نهاية الشوط الأول.
في الشوط الثاني، واصل ليفربول استعراضه. صلاح أحرز الهدف الرابع، محتفلاً مع الجماهير بالتقاط صورة سيلفي مع أحد المشجعين، قبل أن يسجل سولانكي بالخطأ في مرماه الهدف الخامس، لينطلق سيل من البالونات الحمراء من المدرجات وسط هتافات: «أبطال… أبطال».
ليفربول أنهى رسمياً سيطرة مانشستر سيتي التي امتدت أربع سنوات متتالية على لقب الدوري، وأطلق احتفالات يُتوقع أن تستمر طويلاً حتى موعد تسليم الكأس الشهر المقبل.
الفضل لا يعود إلى سلوت وحده، بل أيضاً إلى ريتشارد هيوز المدير الرياضي الذي أدار عملية اختيار خليفة كلوب بدقة وإيمان برؤية واضحة، فكان قرار التعاقد مع سلوت بمثابة «ضربة معلم».
أثبت ليفربول هذا الموسم أن الاستمرارية والانضباط والعمل الجماعي يمكنها أن تصنع المعجزات. في موسم كانت فيه معظم الفرق الكبرى تعاني من التقلبات، وقف ليفربول شامخاً، رمزاً للتجديد والطموح الذي لا يعرف حدوداً.
مع نهاية الموسم، سيُكتب اسم أرنه سلوت بحروف من ذهب في سجل ليفربول. البداية الجديدة التي وعد بها كلوب أصبحت حقيقة، والأمل الذي حمله في كلماته بات واقعاً نابضاً في «أنفيلد».