يجري نائب الرئيس الأميركي، جاي دي فانس، اليوم الجمعة، جولة في قاعدة عسكرية أميركية في غرينلاند، في زيارة تعتبرها كل من كوبنهاغن ونوك استفزازية، في ظل مسعى الرئيس دونالد ترمب لضم الجزيرة الدنماركية ذات الموقع الاستراتيجي والغنية بالموارد.
والأربعاء الماضي، عاد ترمب وشدّد على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى الجزيرة الشاسعة الواقعة في المنطقة القطبية الشمالية من أجل أمنها القومي والدولي، وسبق أن رفض استبعاد السيطرة عليها بالقوّة. وقال: “علينا الحصول عليها”.
تنديد دنماركي
من جانبه، أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس قناعته بأن خطط ترمب “جديّة”. وقال: إن “الاعتقاد بأن هذا مجرد كلام مبالغ فيه من قبل الإدارة الأميركية الجديدة هو خطأ كبير. إنه ليس كذلك إطلاقًا”.
وشدّد مسؤولون دنماركيون ومن غرينلاند، بدعم من الاتحاد الأوروبي، على أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسيطر على غرينلاند.
وندّدت رئيسة الوزراء الدنماركية مته فريدريكسن بخطط الوفد الأميركي لزيارة الجزيرة القطبية رغم عدم تلقيه دعوة بذلك، معتبرة أن الخطوة تشكل “ضغطًا غير مقبول” على غرينلاند والدنمارك. وكان من المقرر في البداية أن تكون الزيارة أوسع لمجتمع غرينلاند.
وأفاد أهالي غرينلاند الذين يعارض معظمهم مقترح الضم الأميركي بحسب استطلاع أجري في يناير/ كانون الثاني الفائت، بأنهم سيستقبلون الوفد بشكل فاتر، مع توقعات بخروج عدد من التظاهرات.
وتعد غرينلاند 57 ألف نسمة معظمهم من شعب الإنويت ويعتقد بأنها تحتوي على احتياطيات هائلة غير مستغلة من المعادن والنفط، رغم أن التنقيب عن النفط واليورانيوم محظور.
“لا تتصرف كحليف جيد”
وتقرّر في نهاية المطاف أن يكتفي فانس وزوجته أوشا بزيارة قاعدة بيدوفيك للفضاء التي تديرها الولايات المتحدة في شمال غرب الجزيرة، مصحوبين بوزير الطاقة الأميركي كريس رايت.
ومن المقرر أن يجتمع الوفد مع أعضاء “قوة الفضاء الأميركية” و”الاطلاع على ما يجري في ما يتعلق بأمن” غرينلاند، بحسب ما أفاد فانس في تسجيل مصوّر.
وأثار نائب الرئيس الأميركي حفيظة الدنماركيين مطلع فبراير/ شباط الماضي، عندما قال: إن الدنمارك “لا تقوم بواجبها (في حماية غرينلاند) ولا تتصرف كحليف جيد”.
وسارعت فريدريكسن للرد بأن الدنمارك لطالما كانت حليفًا وفيًا للولايات المتحدة إذ قاتلت إلى جانب الأميركيين على مدى “عقود طويلة جدًا” بما في ذلك في العراق وأفغانستان.
وتعد قاعدة بيدوفيك جزءًا رئيسيًا من البنى التحتية الأميركية للدفاع الصاروخي، إذ يضعها موقعها في المنطقة القطبية الشمالية على أقصر طريق للصواريخ التي يتم إطلاقها من روسيا باتّجاه الولايات المتحدة.
وأدان رئيس حكومة غرينلاند المنتهية ولايته نيوك إيغده الإثنين الماضي، “التدخل الأجنبي”، وذكّرت الحكومة المؤقتة بأن لا دعوة أو لقاء رسميًا في غياب سلطة تنفيذية جديدة.
وكانت القاعدة المعروفة بـ”قاعدة توله الجوية” حتى عام 2023 عبارة عن منصة تحذير من أي هجمات محتملة من الاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة. كما أنها موقع استراتيجي للمراقبة الجوية والبحرية في نصف الكرة الأرضية الشمالي، تتهم واشنطن الدنمارك بإهماله.
وقال المحاضر لدى “كلية الدفاع الملكية الدنماركية” مارك جاكوبسن: إن فانس “محق في أننا لم نستجب للرغبات الأميركية بتعزيز التواجد، لكننا اتّخذنا خطوات باتّجاه تحقيق هذه الرغبة”. وأفاد بأن على واشنطن تقديم مطالب محددة أكثر إذا كانت تسعى لاستجابة دنماركية مناسبة.
وأعلنت كوبنهاغن في يناير الماضي، أنها ستخصص مبلغًا قدره حوالي ملياري دولار لتعزيز حضورها في المنطقة القطبية الشمالية وشمال الأطلسي عبر شراء مراكب متخصصة ومعدات مراقبة.
وأعرب بوتين عن قلقه الخميس من أن بلدان حلف شمال الأطلسي (الناتو) “بالمجمل، تصنّف أقصى الشمال بشكل متزايد على أنه نقطة انطلاق لصراعات محتملة”.
تعاون في مجال التعدين
وقال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، وهو مسؤول تنفيذي سابق في قطاع التعدين، لشبكة “فوكس نيوز” الخميس، إنه يأمل في أن تتعاون الولايات المتحدة وغرينلاند في مجال التعدين من أجل “توفير الوظائف والفرص الاقتصادية لغرينلاند والمعادن والموارد الحيوية للولايات المتحدة”.
ورفض أهالي غرينلاند والسياسيون في الجزيرة إلى جانب المسؤولين الدنماركيين مساعي ترمب للسيطرة على المنطقة المتجمدة الساعية للاستقلال عن الدنمارك.
وبينما تؤيد جميع الأحزاب السياسية في غرينلاند الاستقلال، لم يؤيد أي منها فكرة الانضمام إلى الولايات المتحدة.
وتأتي زيارة جاي دي فانس في وقت تشهد غرينلاند تقلبات سياسية. وبعد الانتخابات التي جرت في مارس/ آذار الماضي، لم تتشكل في المنطقة غير حكومة انتقالية، فيما ما زالت الأحزاب تتفاوض على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
وبحسب الاستطلاعات، يؤيد معظم أهالي غرينلاند الاستقلال عن الدنمارك لكنهم يرفضون ضمها من قبل واشنطن.
وحقق القوميون المطالبون بسرعة نيل جزيرتهم القطبية الشمالية استقلالها عن الدنمارك صعودًا غير مسبوق في الانتخابات التي أجريت الثلاثاء. كما أن الحزب الديمقراطي الفائز يقدّم نفسه على أنّه “ليبرالي اجتماعي” يؤيّد استقلال الجزيرة في نهاية المطاف.