“الأسد أو نحرق البلد”.. لم يكن تعبيرًا مجازيًا أطلقه جنود بشار الأسد وموالوه حماسةً وانتهى، بل كان سياسةً حقيقيةً اتّبعوها ضد أي منطقة عارض أهلها الأسد، ليستخدموا معها مختلف أنواع الأسلحة ويذيقوها ويلات الجوع والحصار، ويصبح الانتماء لها تهمةً تستوجب الاعتقال والإخفاء القسري أو الإعدام ميدانيًا.
وهذا ما يفسّر مقتل نحو 203 آلاف مدني على يد قوات نظام الأسد والميليشيات التابعة له، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، منذ مارس/ آذار 2011، إذ لم يكن سقوط هذا العدد من الضحايا أمرًا جانبيًا خلّفته الحرب في طبيعة الحال، بل كان المدنيون هدفًا في حد ذاتهم، حيث لاحقتهم البراميل والصواريخ والقذائف إلى أسواقهم وجامعاتهم ومستشفياتهم ومنازلهم.
ويمكن القول إن جنود الأسد لم يتركوا طريقةً للقتل لم يجرّبوها بالشعب السوري، بدءًا من الرصاص والذبح، مرورًا بقصف البراميل والقذائف والصواريخ، يُضاف إليها استخدام الكيماوي والأسلحة الحارقة، ورمي القنابل العنقودية، وزراعة الألغام، مع اعتماد سياسة الحصار والتجويع المميت، وليس انتهاءً بتعذيب المعتقلين حتى الموت، وقطع أخبارهم عن ذويهم ليموتوا قهرًا وحسرةً عليهم.
10 طرق.. كيف قتل بشار الأسد السوريين؟
في ما يلي سنسرد 10 طرق رئيسة استخدمها نظام الأسد في معركته ضد الشعب السوري، علمًا أن بعضها لا يزال مستمرًا فصولاً حتى بعد سقوط النظام..
1. مواجهة الحناجر بالبنادق
ما إن ثار الشعب السوري واندلعت الاحتجاجات في محافظة درعا ضد النظام الحاكم بتاريخ 18 مارس/ آذار 2011 حتى واجهتها قوات نظام الأسد بالرصاص الحي، ليشهد ذلك اليوم إراقة أول دم في الثورة السورية بمقتل محمود جوابرة.
استمرت قوات النظام في مواجهة المظاهرات بالرصاص، لتقتل آلاف المحتجين وترتكب المجازر في مختلف المحافظات السورية، ومن أبرزها ارتكاب مجزرة جمعة أطفال الحرية في مدينة حماة، يوم الجمعة 3 يونيو/ حزيران 2011، حيث فتحت قوات الأمن الرصاص على عشرات آلاف المتظاهرين خلال محاولتهم الوصول إلى ساحة العاصي الواقعة في مركز المدينة، لتقتل 65 مدنيًا وتصيب عددًا كبيرًا من المتظاهرين بجراح، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
لم يُستخدم الرصاص مع المتظاهرين فقط، بل استخدمته قوات النظام في عمليات قنص المارّة، وفي استهداف الأحياء السكنية بالرشاشات، وفي تصفية المحتجزين بالإعدامات، كما حدث في مجزرة حي التضامن بمدينة دمشق في 16 أبريل/ نيسان عام 2013، حيث أظهر مقطع فيديو كشفت عنه صحيفة الغارديان البريطانية، ضمن تحقيق صحفي نشرته عام 2022، مقتل 41 مدنيًا رميًا بالرصاص ثم دفنهم في حفرة أعدّت مسبقًا لهذا الغرض، مع وجود مؤشرات إلى إعدام الآلاف من أبناء الحي بالطريقة ذاتها، ودفنهم ضمن مقابر جماعية.
وتتالت المجازر بعد ذلك، منها ما وقع في قرية البيضا ومدينة بانياس بمحافظة طرطوس، بتاريخ 2 و3 مايو/ أيار 2013، حيث قُتل 268 شخصًا بينهم نساء وأطفال، رميًا بالرصاص من مسافة قريبة من قبل قوات الأسد، حسب توثيق منظمة العفو الدولية، وما هذه المجازر إلا أمثلة محدودة عمّا شهدته سوريا خلال سنوات الثورة الأولى من إعدامات ميدانية على نطاق واسع.
ولم ينتهِ رصاص جنود الأسد بسقوطه في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، إذ لا تزال فلوله تستخدمه في محاولة لإعادة سوريا إلى نقطة الصفر، حيث قُتل يامن عسكر برصاص اشتباكات بين مجموعتين مسلحتين تابعتين لقوات نظام الأسد أثناء مروره في محيط مدينة الصنمين شمال محافظة درعا، في 4 يناير/ كانون الثاني 2025، كما قُتل عنصران من قوات إدارة العمليات العسكرية في هجوم لعناصر النظام السابق في مدينة جبلة بريف محافظة اللاذقية، في 22 يناير/ كانون الثاني 2025.
2. الصيت لتنظيم الدولة والفعل للأسد
رغم ارتباط عمليات الذبح بتنظيم الدولة، إلا أن الميليشيات التابعة لنظام الأسد نفّذت عدة مجازر ذبحًا بالسكاكين والحراب والسواطير قبل ظهور التنظيم في سوريا أساسًا، وخصوصًا في أعوام الثورة السورية الأولى، مستهدفةً الأطفال والنساء والشيوخ.
تركّز عدد كبير من هذه المجازر في محافظة حمص، كما أنها ارتُكبت على أساس طائفي، وتعتبر مجزرتا قرية الحصوية وسهول الحولة من أشهرها، حيث راح ضحية مجزرة الحولة 107 قتلى، بينهم 49 طفلاً دون العاشرة من العمر، و32 امرأة، حيث قامت عناصر نظام الأسد في 25 مايو/ أيار 2012 بتكبيل أيدي الأطفال وتجميع النساء والرجال، ثم ذبحهم بحراب البنادق والسكاكين ورميهم بالرصاص بعد ذبحهم.
كما قُتل 108 أشخاص رميًا بالرصاص وذبحًا بالحراب والسواطير في قرية الحصوية، بتاريخ 15 يناير/ كانون الثاني 2013، على يد قوات نظام الأسد والميليشيات الموالية له، وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان التي وثّقت في ذات التقرير، مقتل 3098 شخصًا على يد قوات نظام الأسد في ما لا يقل عن 50 مجزرة تحمل صبغة طائفية، في الفترة الممتدة من مارس/ آذار 2011 حتى 15 فبراير/ شباط 2018.
3. سياسة الأرض المحروقة.. عندما يكون القتل غاية
رغم وجود مبرر في عُرف “الدولة” لاستخدام السلاح ضد من تصفهم بأنهم “جماعات مسلحة” خارجة عن نطاق القانون، إلا أن الأمر في سوريا كان مختلفًا، إذ لم يكن هدف قوات نظام الأسد مواجهة فصائل المعارضة المسلحة فحسب، بل إلحاق أوسع دمار ممكن وقتل أكبر عدد ممكن وتشريد أعظم عدد ممكن في كل منطقة خرجت عن سيطرة النظام.
ودليل ذلك اتباعها سياسة الأرض المحروقة مرارًا وتكرارًا، عبر قصف المدن والبلدات بأسلحة ذات تأثير عشوائي غير دقيق، من قذائف وصواريخ وقنابل عنقودية وبراميل متفجرة، حيث ألقت قوات نظام الأسد نحو 82 ألف برميل متفجر على مختلف المحافظات السورية، متسببةً بمقتل ما يزيد عن 11 ألف مدني، كما نفّذت 252 هجومًا بذخائر عنقودية، ما أدى إلى مقتل 835 شخصًا، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كما شنّت هجمات بصواريخ بالستية قادرة على تدمير أحياء وقتل عائلات بأكملها خلال ثوانٍ معدودة، إحداها ما وثقته منظمة العفو الدولية من مقتل ما لا يقل عن 160 شخصًا وإصابة المئات بجراح وتدمير عشرات المنازل، إثر ثلاث ضربات بصواريخ بالستية استهدفت ثلاث مناطق شرق محافظة حلب يومي 18 و22 فبراير/ شباط 2013.
ورغم أن هذه الأسلحة انتهى استخدامها من قبل قوات نظام الأسد بسقوطه، إلا أن مخلّفاتها لا تزال تحصد أرواح السوريين إلى الآن، حيث تخفي الأراضي السورية داخلها مقذوفات وقنابل عنقودية وألغام، لم تنفجر إلى الآن، مهددةً بشكل أساسي حياة النازحين واللاجئين العائدين إلى منازلهم بعد تهجيرهم منها.
4. الموت القادم من الأرض
اعتمدت قوات نظام الأسد على زراعة الألغام عند خطوط التماس مع أطراف النزاع الأخرى، لإفشال أي محاولة تسلل نحو مناطق سيطرتها، إلا أنها لم تكن وحدها في استخدام هذا السلاح، وإنما استخدمته جميع الأطراف لذات الغرض، إلا أن الألغام لا تفرّق بين مدني ومسلّح، لذلك راح ضحيتها نحو 3521 مدنيًا وأصيب ما يزيد عن 10 آلاف مدني بجراح متفاوتة، منذ مارس/ آذار 2011 وحتى نهاية عام 2024، حسب توثيق الشبكة السورية.
ولأن الألغام مما لا يمكن الجزم بالطرف المسؤول عن زرعها، فإن هذه الحصيلة تشمل جميع الأطراف، وإن كانت المؤشرات تؤكد أن لقوات الأسد حصة الأسد فيها، على اعتبار أن نسبة كبيرة من انفجارات الألغام حدثت في مناطق كانت خاضعة لسيطرتها.
ولم تكن الألغام وحدها مما يهدد حياة المدنيين ويعيقهم عن العودة إلى ديارهم، وإنما تخفي الأرض داخلها قذائف وصواريخ وطلقات رشاشات وقنابل من مخلّفات الحرب، حيث تشترك مع الألغام بكونها لا يمكن تحديد الطرف المسؤول عنها.
وحدها القنابل العنقودية يختلف حكمها عن باقي الذخائر ومخلّفات الحرب المدفونة تحت التراب، لكون استخدامها كان حكراً على قوات نظام الأسد وحليفه الروسي، لذلك فإن المسؤولية تتجه نحوهما مباشرة.
5. القتل أو التشويه
لم تكتفِ قوات نظام الأسد باستخدام الأسلحة التقليدية في حربها ضد الشعب السوري ضمن المناطق الخارجة عن سيطرتها، بل تعدّتها إلى الأسلحة المحرّمة دوليًا، حيث استخدمت -مع حليفها الروسي- الأسلحة الحارقة أكثر من 120 مرة، في الفترة الممتدة من 2012 حتى 2018، متسببةً في إحداها بمقتل 61 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 200 آخرين بحروق، في هجوم على بلدة كفر بطنا في محافظة ريف دمشق، بتاريخ 16 مارس/ آذار 2018، حسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
وكانت نتيجة هذه الهجمات إما القتل أو إصابة المستهدفين بحروق وتشوّهات تعيش معهم طوال حياتهم، علمًا أنّ الحرق من الوسائل التي استخدمتها قوات نظام الأسد ضد الشعب السوري مباشرةً، فمثلاً عند ارتكابها مجزرة حي التضامن قامت بعد إطلاق الرصاص على المدنيين وإلقائهم في الحفرة بسكب الوقود عليهم وإشعالهم، حتى يموت حرقاً من لم تقتله الرصاصات.
6. أسلحة دقيقة.. ولكن لقتل المدنيين
تستخدم الجيوش الطائرات الانتحارية المسيّرة والصواريخ الموجهة لإصابة أهداف عسكرية دقيقة وذات تأثير محدّد، من دون إلحاق ضررٍ بالمدنيين، إلا أن قوات نظام الأسد عمدت إلى استخدامها على نطاق واسع خلال عام 2024 لضرب أهداف مدنية بحتة.
ورغم قلّة عدد ضحايا الطائرات الانتحارية المسيّرة والصواريخ الموجهة، إلا أنها تعطي انطباعًا حقيقيًا بأن المدنيين مستهدفون حتى وإن امتلكت قوات نظام الأسد سلاحًا دقيقًا مثلهما.
فقد وثّق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، بتقرير أصدره في شهر يونيو/ حزيران 2024، مقتل 3 مدنيين وإصابة 17 آخرين بينهم 4 أطفال وسيدة بهجمات انتحارية بالمسيّرات، إضافةً إلى ضربها أهدافًا مدنية، حيث استهدفت الطرق 17 مرة، والمنازل 13 مرة، والحقول الزراعية 8 مرات، كما استهدفت محلاً تجاريًا ومسطحًا مائيًا وسوقًا شعبيًا.
من جهته، وثق فريق “منسقو استجابة سوريا” مقتل 14 شخصًا وإصابة 33 آخرون بجراح إثر هجمات بالصواريخ الموجهة، منذ بداية عام 2024 حتى 15 يوليو/ تموز 2024.
7. الجوع أو الركوع
“الجوع أو الركوع”، سياسة انتهجها نظام الأسد ضد المناطق الخارجة عن سيطرته، حيث منع عنها الماء والطعام والمواد الطبية، ليمارس عقابًا جماعيًا على جميع الأهالي.
حصار نظام الأسد المُطبق للمناطق، دفع السكان أحيانًا لأن يأكلوا القطط والكلاب والحشائش وأوراق الأشجار في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة، لكن الحياة كانت عصيةً على بعضهم، ليقتل حصار مخيم اليرموك جنوب دمشق 128 شخصًا، حسب تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في 10 مارس/ آذار 2014.
إلى ذلك، قتل حصار الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ما لا يقل عن 397 مدنيًا، بينهم 206 أطفال، و67 سيدة بسبب الجوع ونقص الدواء تحديدًا، في الفترة الممتدة من أكتوبر/ تشرين الأول 2012 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2017، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كما تعرضت مدينة حمص لحصار أودى بحياة 150 شخصًا بسبب سوء التغذية وضعف الإمكانات الطبية، خلال حصار بدأ في مايو/ أيار 2011 وانتهى في مايو/ أيار 2014، حسب وكالة الأناضول.
8. سلاح ردع الأعداء لخنق الأبرياء
تسعى الدول من خلال امتلاكها السلاح الكيماوي لأن تلوّح به كسلاح استراتيجي رادع للأعداء، لكن نظام الأسد لم يستخدمه لهذا الغرض أبدًا، وقد استبيحت الأراضي السورية من إسرائيل وأميركا وغيرهما على مدار السنوات الماضية، بل أراد من خلاله أن يخنق سكّان المناطق الخارجة عن سيطرته، حيث استخدمه 217 مرة وراح ضحيته 1514 شخصًا، فيما أصيب 11 ألفًا و80 شخصًا، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وبذلك، يضاف السلاح الكيماوي إلى الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة، في قائمة الأسلحة المحظورة دوليًا، التي استخدمها نظام الأسد في حربه ضد شعبه.
9. الموت قبل الموت
حالة الحقد التي كانت تملأ قلوب جنود الأسد بعد اندلاع الثورة السورية دفعتهم لأن يتلذذوا بتعذيب المعتقلين ويذيقوهم جميع أصناف الموت قبل الموت الحقيقي.
وفي هذا السياق، استخدم السجّانون مع المعتقلين أساليب تعذيب نفسية وجسدية وجنسية، منها التعذيب باستخدام الكهرباء والنار والمواد المشتعلة والزيت المغلي، والتعذيب بطريقة الشبح والتعليق.
ويُضاف إلى ما تقدّم، التحطيم والتكسير والقطع والقلع والقص والنتف والطعن والجلد والضرب والرمي والسحل، والإغراق والخنق، واستخدام الدولاب وبساط الريح والكرسي الألماني والفلقة والصلب، وقطع وضرب وإيذاء الأعضاء التناسلية وإدخال أدوات وتعليق أثقال بها، وغيرها.
وقد أدّت هذه الأساليب وغيرها إلى مقتل 15 ألفًا و102 شخصًا تحت التعذيب على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 190 طفلاً و95 سيدة، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
لذلك فإن تعذيب المعتقلين وتعرّضهم لعمليات إعدام عبر شنقهم في السجون أو إعطائهم حقنة مميتة في المشافي العسكرية، يرجّح بأن يتضاعف عدد ضحايا المعتقلات عدة مرات، لا سيما بعد التأكد من أن نحو 115 ألف معتقل مختفون تمامًا، حيث فُتحت السجون بعد سقوط نظام الأسد ولم يجدوا لهم أي أثر، تزامنًا مع اكتشاف مقابر جماعية في عدة مناطق، لتكون محصلة ذلك اعتقاد شبه مؤكد لدى الحقوقيين بأن النسبة الساحقة من المختفين قسريًا خرجوا من سجون الأسد جثّة هامدة.
10. الإخفاء القسري في سوريا.. محاربة الأحياء
رغم أن الموت حزنًا وقهرًا مما لا يمكن إحصاؤه، ويصعب تحديده على وجه دقيق، إلا أنه مما لا شك فيه أن قوات نظام الأسد استخدمته عمداً خاصةً عبر سلاح الإخفاء القسري في سوريا، وذلك من خلال اعتقالها عشرات آلاف السوريين، ثم إنكارها اعتقالهم أو معرفة مكان وجودهم، وبالتالي قطع أخبارهم عن ذويهم، لتعيش عائلة المعتقل في حزن وألم دائم لا ينقطع، حتى شاع بين السوريين مثل: “أم الشهيد تنام، وأم المفقود لا تنام”، لتصبح حالة القهر سببًا مباشرًا للموت، حيث توفيت السيدة خولة الكناكري عند سماعها خبر اعتقال ابنها أسد الجاموس أثناء دخوله سوريا عبر معبر نصيب الحدودي مع الأردن، حسب سكان محليين.
لم تكن هذه الحالة الوحيدة للموت قهرًا، بل سبقها إليها أحمد مهمندار بعدما تحرّش السجّانون بزوجته أمام عينيه ليصرخ ثم يموت في لحظتها.
لذلك لم يكن الهدف من الإخفاء القسري هم المعتقلون فقط، بل كان لمحاربة ذويهم بهم، ودليل ذلك أن عدد المختفين قسريًا على يد قوات نظام الأسد لم يكن محدودًا أو استثناءً، بل تجاوز 115 ألفًا من أصل نحو 136 ألف معتقل، أي أن النسبة الساحقة من المعتقلين هم مختفون قسرًا، وهذا في الحد الأدنى الذي استطاعت توثيقه الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
طرق القتل.. هذا ليس كلّ شيء
رغم كثرة طرق القتل المذكورة وفظاعتها، إلا أن نظام الأسد لم يكتفِ بها، بل استخدم طرقًا أخرى في حربه ضد شعبه، كتفجير المفخخات، مثلما حدث في ضاحية زملكا بمحافظة ريف دمشق بتاريخ 30 يونيو/ حزيران 2012، حين استهدفت سيارة مفخخة موكب تشييع، ومن الطرق أيضًا دفن أشخاص على قيد الحياة.
كما أن هناك أسبابًا أخرى للموت كانت نتيجةً لحملة نظام الأسد العسكرية الهمجية على المناطق السكنية، التي أدت لنزوح ولجوء ملايين السوريين داخليًا وخارجيًا، حيث مات بعضهم حرقًا وبردًا في المخيمات، وغرقًا في البحار والأنهار، وإرهاقًا وعجزًا في الغابات، وجوعًا وعطشًا في الصحراء، لتغلق سوريا أخيراً حقبةً أليمةً ينتظر شعبها بعدها أن تتحقق العدالة بمحاسبة مجرمي نظام الأسد وألا تذهب دماؤهم سدى.