رغم عمل كامالا هاريس الدؤوب في مواجهة تحديات كثيرة سادت حملتها الانتخابية، لم يتحقق الحلم الأميركي بوصول سيدة إلى البيت الأبيض، فأصبحت هاريس ثاني امرأة أميركية تهزم أمام دونالد ترمب.
كانت هاريس في يناير/ كانون الثاني 2021 أول أميركية من أصول آسيوية تتولّى منصب نائب الرئيس، لكنها لم تتمكن من بلوغ المرحلة الأخيرة في السباق الرئيسي الأربعاء، تمامًا كما حصل مع هيلاري كلينتون في العام 2016.
بدأت مغامرة هاريس صباح يوم أحد في يوليو/ تموز عندما اتصل بها الرئيس الأميركي جو بايدن وكانت انتهت للتو من تحضير الفطور لأطفال من أقاربها، وأبلغها أنه ينسحب من السباق الرئاسي، مؤكدًا دعمه لها لتواصل مسيرة الحزب الديمقراطي في مواجهة ترمب.
المرأة المتأثرة بوالدتها
لكن لكي تحقّق النجاح وتصل إلى قيادة الولايات المتحدة، كان لا بدّ لها أن تعمل بجهد كبير، كما فعلت خلال كل مسيرتها المهنية، بجدّ وببراغماتية.
ولعلّ سماعها تتحدّث عن والدتها يوضح جوانب كثيرة في شخصيتها. فقد قالت خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي في أغسطس/ آب عن والدتها الهندية والباحثة المتخصّصة بسرطان الثدي المتوفاة، “كانت تعلمّنا بألا نستكين وأن نكون دائمي الحركة”. وأضافت: “كنت الابنة البكر، وكنت أرى كيف كان العالم يتعامل معها أحيانًا، لكن والدتي لم تفقد صبرها يومًا”.
كذلك، لم تظهر هاريس يومًا فاقدة الصبر أو متوترة، على الأقل في العلن، خلال حملة انتخابية شهدت تهجمات، بينها شخصية، عنيفة ونادرة الحدوث. وروت هاريس يومًا أنّها غالبًا ما شاركت وهي طفلة، في تظاهرات تنادي بالحقوق المدنية إلى جانب والدها الجامايكي أستاذ الاقتصاد الجامعي ووالدتها.
انتخابات 2019
واستمدّت المدّعية العامة السابقة من طفولتها ذكرى سمحت ببروزها خلال مناظرة في إطار الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في 2019.
يومها، حملت هاريس المولودة في أوكلاند، بقوة على جو بايدن بسبب معارضته في الماضي إقرار قانون يزيل بعض تدابير الفصل العنصري ويقوم على نقل بعض الأطفال إلى مدارس بعيدة بالحافلة، وقد استفادت هي منها في طفولتها. وقالت: “الطفلة (في الحافلة) هي أنا”.
ولم تتابع هاريس مشوارها للترشح إلى الانتخابات الرئاسية حينها، بل انسحبت قبل الانتخابات التمهيدية، إلا أنّ بايدن عاد واستدعاها لتكون نائبة له.
واجهت “عنصرية” ترمب
وفي عام 2020، وصف دونالد ترمب نائبة الرئيس بأنها “وحش” و”امرأة غضوبة”، وهي ألفاظ تحمل بُعدًا عنصريًا وصورًا نمطية عن المرأة السوداء.
وسعى ترمب دائمًا إلى اختيار ألقاب ساخرة لنائبة الرئيس، إذ أطلق عليها لقب “كامالا الضحوكة”، في إشارة إلى ضحكتها الصاخبة.
وهاريس خريجة جامعة هاورد التي تأسّست في واشنطن لاستقبال الطلاب السود في خضمّ الفصل العنصري، وإن كانت لم تركّز في حملتها على أصولها الآسيوية أو لون بشرتها، إلا أنها لطالما عبّرت عن افتخارها بمسيرتها.
هاريس المدعية العامة
فبعدما كانت مدعية عامة في سان فرنسيسكو لولايتين بين العامين 2004 و2011، انتُخبت مرتين مدعية عامة لولاية كاليفورنيا بين العامين 2011 و2017 فكانت أول امرأة وأول شخص أسود يدير الأجهزة القضائية في أكثر ولايات البلاد تعدادًا للسكان.
وقد انتُقدت لقمعها الصارم للجرائم الصغيرة والذي أثّر خصوصًا، بحسب منتقديها، على الأقليات.
وفي يناير/ كانون الثاني 2017، أدّت اليمين عضوًا في مجلس الشيوخ في واشنطن حيث أصبحت أول امرأة لديها أصول من جنوب آسيا وثاني سناتورة سوداء في تاريخ البلاد.
وبعد انتخابها نائبة للرئيس، أهدت خطابها إلى “فتيات أميركا الصغيرات”.
ودافعت كامالا هاريس في 2022 بزخم عن حقّ الإجهاض الذي عادت عنه المحكمة العليا. وقالت في مارس/ آذار 2023 “بعض القادة الجمهوريين يحاولون استغلال القانون ضدّ النساء. كيف يجرؤون على ذلك؟ كيف يجرؤون على القول لامرأة ما يمكنها فعله وما لا يمكنها فعله بجسدها؟”.
بعيدة عن التكلف
وخلال الحملة الانتخابية، كانت مواقف كل من المرشحين الديمقراطية هاريس والجمهوري دونالد ترمب على طرفي نقيض تمامًا في قضايا كثيرة، بينها مسألة النوع الاجتماعي ومكانة النساء.
واعتبرت الصحافة الأميركية أحيانًا أنّ هاريس تفتقر إلى الحضور، وهو أمر يعزوه أنصارها إلى صور نمطية تمييزية حيال النساء.
لكنها أثبتت أنها تتقن فن المواجهات الكلامية التي تمرّست عليها خلال مرافعاتها كمدعية عامة حيث تفوقت على دونالد ترمب خلال مناظرة العاشر من سبتمبر/ أيلول، لكنها خسرت في مواجهته في صناديق الاقتراع. وقرّرت عدم التوجّه لأنصارها الأربعاء، وقال فريقها إنها ستتحدث غدًا.
وتحرص هاريس على الظهور بصورة المرأة البعيدة عن التكلّف، ولا تتردّد في وضع حذاء رياضي خفيف مع بزاتها الرسمية بالسروال والسترة.
وهاريس متزوجة من المحامي داغ إمهوف الذي يبدو إلى جانبها باسمًا باستمرار، وكان سيكون أول يهودي في موقع زوج الرئيسة في تاريخ الولايات المتحدة.
وقد ظهر الزوجان في لقطات على شبكات التواصل الاجتماعي وهما يتشاجران بتحبّب بشأن كرة السلة، فهو من أنصار لوس أنجليس ليكرز وتدعم هاريس سان فرانسيسكو واريورز.
وتعشق كامالا هاريس الملقبة “مومالا” في عائلتها، الطبخ. فخلال زيارة رسمية لباريس، خصّصت بعض الوقت لشراء طناجر نحاسية.