كوالالمبور- طالب أعضاء البرلمان الماليزي بالإجماع بمعاقبة إسرائيل على قتل الصحفيين الفلسطينيين. وجاء في بيان مشترك لهم ومنظمات مجتمع مدني، أن استهداف قوات الاحتلال المتعمد للصحفيين وقتلهم خرقٌ فاضح للقوانين الدولية واتفاقيات جنيف والحريات الإعلامية المعترف بها عالميا، وعلى المؤسسات والمحاكم الدولية الاضطلاع بمسؤولياتها بمعاقبة المسؤولين عن ذلك.

وقال نائب رئيس مجلس النواب أنديرا محمد شاهر، إن استهداف 6 صحفيين في 10 أغسطس/آب الجاري في قطاع غزة دليل على سياسة منظمة تهدف إلى تغييب الشهود والتكتم على جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين، وقدّم تعازي البرلمان لأسر الشهداء الصحفيين والشعب الفلسطيني.

وعقب جلسة للمجلس أول أمس الخميس تناولت تطورات الوضع في فلسطين، قال شاهر، إن قتل سلطات الاحتلال الإسرائيلي 239 صحفيا في غزة جريمة لا تقل عن جرائم الحرب الأخرى التي ترتكبها منذ عامين، وإن أعضاء البرلمان على اختلاف توجهاتهم وأحزابهم السياسية يطالبون الحكومة ببذل كافة الجهود في المنتديات والمحاكم الدولية لمعاقبتها على جرائمها.

فعالية تضامنية في ماليزيا مع الصحفيين الفلسطينيين الشهداء (الجزيرة)

دعوات للتحرك

من ناحيته، وصف زعيم المعارضة في البرلمان حمزة زين الدين استهداف الصحفيين بجرائم تتعدى فلسطين إلى المجتمع الدولي، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

وتساءل زين الدين، في تصريحات خاصة بالجزيرة نت، عن سبب استهداف الصحفيين الفلسطينيين إذا لم يكن منع وصول الحقائق للمجتمع الدولي، وأضاف أن جرائم استهداف “النظام الصهيوني” الصحفيين ليست جديدة، لكنها تعدت كل الحدود التي يمكن تصورها.

وانتقد ما اعتبره تقصيرا من الحكومة والدول المجاورة لفلسطين، وطالبها بالتحرك على جميع الأصعدة لوقف جرائم الإبادة، وقارن بين تصرف الدول المجاورة لأوكرانيا في تعاطيها مع الحرب وضحاياها، حيث تدخلت عسكريا وإنسانيا سياسيا، كل دولة بحسب موقفها من الحرب، في حين لم تبذل الدول المجاورة لفلسطين -برأيه- ما يكفي من الجهد لوقف التطهير العرقي.

حمزة زين الدين زعيم المعارضة في البرلمان الماليزي: إذا ليس عندكم أدلة على جرائم الإبادة فلجأوا لأرشيف الجزيرة ماليزيا: جرييمة قتل الصحفيين الفلسطينيين جزء من الإبادة المصدر: الجزيرة نت
زين الدين: جرائم استهداف إسرائيل الصحفيين ليست جديدة، لكنها تعدت كل حدود يمكن تصورها (الجزيرة)

وعن الدور الذي يمكن أن تقوم به الحكومة الماليزية، قال زين الدين، إن بلاده تتمتع بثقة عالية لدى المجتمع الدولي والمنتديات الدولية، وهذا يستوجب عليها أن تقاتل من أجل وقف جرائم الإبادة، وذلك بحشد الدول في الأمم المتحدة وغيرها وتقديم الأدلة في المحاكم والمنتديات الدولية.

وأضاف “إذا كانت الحكومة لا تمتلك الأدلة، فعليها أن تستعين بما لدى قناة الجزيرة من مواد وأدلة دامغة للحقائق على الأرض، إضافة للمصادر الأخرى التي تدين إسرائيل بجرائم الحرب”.

ناشطون يحملون لافتات تدعو إلى وقف الإبادة في غزة (الجزيرة)

إجماع وطني

من جانبه، أشاد عزمي عبد الحميد، رئيس مجلس تنسيق المنظمات الإسلامية الماليزية (مابيم)، بما وصفه بإجماع وطني على إدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها استهداف الصحفيين، وعرض في مؤتمر صحفي عقده في البرلمان -أول أمس الخميس- قائمة بأسماء الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا بنيرات قوات الاحتلال في غزة.

وطالب الدول بالتوقف عما وصفه بالخطب العصماء لإدانة الجرائم “الصهيونية” والتضامن مع الشعب الفلسطيني، والتحرك العملي لمحاسبة إسرائيل على جرائمها “الشنيعة” أمام المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الآليات الدولية، وتقديم المجرمين السياسيين والعسكريين للعدالة وكل من يعطي أوامر بالقتل.

ويُعتبر عزمي عبد الحميد شخصية معروفة دوليا بنشاطه الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان، ودعا إلى تشكيل تحالف للمنظمات والمنتديات الإعلامية للدفاع عن الحريات الصحفية في فلسطين، وإنقاذ من تبقى منهم، كما طالب الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو) والاتحاد العالمي للصحفيين والمؤسسات الإعلامية الدولية بإيجاد آلية لحماية الصحفيين في مناطق النزاع خاصة في فلسطين المحتلة.

ناشطة ماليزية ترفع صورة صحفية فلسطينية شهيدة (الجزيرة)

واستهجنت افتتاحية لصحيفة نيو ستريت تايمز، ما وصفته بـ “وجود دولة غير متحضرة في القرن 21 تمارس قتل الصحفيين عيانا”، وقالت إن “النظام الصهيوني” يسخر من القانون الدولي والمؤسسات الدولية بادعائه أن صحفيي الجزيرة الشهداء أنس الشريف ومحمد قريقع وزملاءهما أعضاء في الجهاز العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأضافت الصحيفة المقربة من الحكومة أن قتل صحفيي الجزيرة وزملائهم دليل على ما أرادت إسرائيل إخفاءه من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وأن قتلهم يعكس “دي إن إيه” النظام الإسرائيلي الذي أسس على الكذب والأساطير، وتحدثت الافتتاحية عما وصفته بـ “تاريخ إسرائيل الأسود الناتج عن كذبة ادعاها يهود أوروبيون بأنهم شعب بلا أرض وأن فلسطين بلا شعب”.

ناشطون ماليزيون ينشرون صور وأسماء الصحفيين الفلسطينيين الشهداء (الجزيرة)

سابقة خطِرة

في المقابل، اضطرت صحيفة “ساراواك تريبوين” للاعتذار عن تقرير تبنى الرواية الإسرائيلية باستشهاد أنس الشريف وزملائه، وأوقفت مشاركة التعليقات على موقعها الإلكتروني، على إثر سيل من الانتقادات والاتهامات “بالعمالة للصهيونية وانعدام الإنسانية والمهنية”.

وطالبت هيئات صحفية محلية الحكومة بمحاسبة الصحيفة على الرغم من اعتذارها العلني، وقالت وزارة الداخلية في بيان، إنها تجري تحقيقا مع محرري الصحيفة المسؤولين عن مقال حمل عنوان “القضاء على مسلح انتحل صفة صحفي”، وأكدت أن المقال لم يراع المعايير المهنية، وأن التحقيقات تتركز على أن المادة المنشورة أثارت الرأي العام بنشر شائعات كاذبة، بما يخالف قانون النشر لعام 1984.

وفي تعليقه على المقال، اعتبر الصحفي عبد الله بوغس في موقع “فويس أوف مالايشيا” أن تبني “الرواية الصهيونية” سابقة خطِرة في الصحافة الماليزية، ودعا الهيئات الإعلامية إلى تقييم ما وصفه بسلوك مدمر يخالف الإجماع الوطني والمعايير الصحفية، وحذر من “تبني كذب نظام قام أساسا على الكذب”.

وأجمع محللون سياسيون تحدثوا للجزيرة نت، على أن استشهاد الصحفيين في قطاع غزة أغلق أي نافذة لاحتمال تصديق الروايات الإسرائيلية للصراع الدائر، وعزز صدقية الرواية الفلسطينية، وهو ما أكدته -برأيهم- منشورات وسائل التواصل الاجتماعي واعتمار الكوفية الفلسطينية من مذيعين ومشاركين في الندوات التلفزيونية منذ بداية معركة “طوفان الأقصى” وحتى الآن.

شاركها.
Exit mobile version