القدس المحتلة- بينما كان الوسطاء وأطراف الحرب يضعون لمساتهم النهائية في الدوحة على اتفاق وقف إطلاق النار المستعرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي دفع المزيد من قواته إلى الضفة الغربية ونشر 7 سرايا بدءا من أمس الأحد بالتزامن مع إطلاق أول دفعة من الأسرى ضمن صفقة التبادل المتفق عليها.
وعلى أرض الواقع، عاشت الضفة ليلة الأحد/الاثنين على وقع انتشار مكثف للجيش الإسرائيلي وإغلاق عشرات البوابات على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية، بالتزامن مع هجمات للمستوطنين أسفرت عن إصابات وحرق ممتلكات فلسطينية.
وجاءت تصريحات رئيس الأركان هرتسي هاليفي، اليوم الاثنين، عن الاستعداد “لحملات ملموسة” في الضفة في الأيام القليلة المقبلة “وذلك لنسبق المخربين والقبض عليهم قبل أن يصلوا إلى مواطنينا” وفق تعبيره، لتكمل الصورة عن المشهد القادم.
في قراءتهما لانعكاسات اتفاق غزة على الضفة الغربية، يرى محللان تحدثا للجزيرة نت أنها ستكون على أبواب تصعيد إسرائيلي ميداني، ومزيد من التدخل الإسرائيلي في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية.
عاجل | الجيش الإسرائيلي: تعزيز الدفاعات وعمليات لإحباط الإرهاب في الضفة الغربية استعدادًا للإفراج عن السجناء pic.twitter.com/ODDiqHFY24
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) January 19, 2025
تهديد ووعيد
يشير المحلل الفلسطيني وديع عواودة إلى “مخاوف حقيقة” على الضفة، في ظل ازدياد التهديد والوعيد الذي بدأ قبل الحرب وخلالها نتيجة موقف الضفة من الحرب وتأييدها والعمليات المستمرة ضد الاحتلال.
ويوضح أن قادة الأحزاب المكوِّنة للحكومة الإسرائيلية “يؤمنون بحسم الصراع مع الفلسطينيين كوزير المالية زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش وأمثاله، لذك يحاولون فرض حقائق على الأرض”.
ولفت المحلل الفلسطيني إلى ازدياد كبير في عدد القتلى والجرحى من الجانبين، خاصة الجانب الفلسطيني في الضفة خلال الحرب.
وفي ظل تزايد الشعور داخل إسرائيل بأن الحرب لم تنجح في تحقيق أهداف مركزية، مقابل شعور بالانتصار لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) “فهذا من شأنه أن يدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمحاولة التعويض، وربما يحافظ على الائتلاف لتصعيد محتمل في الضفة”.
ووفق عواودة، فإن خروج نتنياهو من الحرب بضغط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب “قد يدفع لمحاولة إسرائيلية لفرض مزيد من الحقائق الجديدة في الضفة الغربية برضى أميركي”.
وبرأي الكاتب الفلسطيني، فإن بإمكان السعودية منع التصعيد الإسرائيلي في الضفة من خلال رفض دخول دائرة التطبيع مقابل “وعود” فقط بدولة فلسطينية، “فالسعودية والدول العربية لديها الحد الأدنى من القدرة على منع فرض حقائق جديدة على الأرض تتنافى مع مفهوم حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)”.
نذر انتفاضة
من جهته، يقول المحلل السياسي والاقتصادي أحمد صفدي من القدس إن قرار الحكومة الإسرائيلية، في اجتماع الجمعة الماضي، للمصادقة على صفقة الأسرى امتد ساعات طويلة، في ظل تهديدات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وسموتريتش بالانسحاب من الحكومة.
وأضاف أن ذلك جعل نتنياهو يضيف هدفا آخر للحرب وهو بسط السيادة على الضفة وتوسيع الاستيطان، والاقتحامات المتواصلة لإرضائهما كهدية مقابل عدم تصويتهما على الانسحاب من الحكومة.
وتابع أن هدية نتنياهو تعني أن “ما يواجه الضفة والقدس مشروع خطير جدا من اليمين المتطرف”.
واعتبر أن نشر الفرق العسكرية في الضفة قد يسبب انتفاضة ثالثة مسلحة لطالما حذرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منها.
دور السلطة
وفي ظل المخاطر الإسرائيلية على الضفة، يقول عواودة إن السلطة الفلسطينية “في هذه اللحظة التاريخية لديها مسؤولية تاريخية، وعليها أن تتجاوز الماضي وتتطلع للأمام وتضع في الاعتبار مصلحة غزة والشعب الفلسطيني قبل المصلحة هذا الفصيل أو ذاك”.
وتابع أن أي رجوع من قبل السلطة للخلف والحديث عن محاسبات فصائلية يعني “خراب بيت، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”.
وقال إن المطلوب من حماس والسلطة “تليين موقفيهما نحو قرار مشترك لعمل كينونة مشتركة على أساس هدف مشترك يتعلق بغزة ومستقبل أهلها”.
أما الصفدي فتوقع اتساع نطاق اقتحام مناطق الضفة لتعمد إحراج السلطة الفلسطينية، “بل وسيعمد الاحتلال لهدم منازل الفلسطينيين، خاصة في مناطق (ج)، ومصادرة الأراضي والاعتداء على القرى والبلدات وترك المستوطنين يكملون الدور معه دون حسيب أو رقيب وتكثيف اقتحام الأقصى من اليمين المتطرف والانقضاض على القدس وسكانها ومحلاتها التجارية”.
وقال إن قدوم ترامب، الذي منح القدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الأميركية وصادق على الاستيطان في الضفة الغربية والجولان السوري المحتل، يتطلب أعلى مستوى من وحدة الكل الفلسطيني لمجابهة المشاريع الإسرائيلية.
وصباح أمس الأحد، بدأ سريان وقف إطلاق النار في القطاع يستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض على مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.