إدلب- شهدت قرية اليعقوبية بريف مدينة جسر الشغور غرب إدلب، أمس الأحد، تدشين كنيسة القديسة آنا، برئاسة نيافة المطران ماكار أشكاريان، مطران الأرمن الأرثوذكس لأبرشية حلب وتوابعها، بعد سنوات من الهدم والخراب الذي أصاب قسما كبيرا منها نتيجة هزة أرضية في عام 2020.

يُقام الاحتفال بعيد القديسة آنا بشكل تقليدي في آخر أسبوع من شهر أغسطس/آب من كل سنة، ويُعد من أبرز الأعياد الدينية لدى أبناء الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية في سوريا.

وعاد الاحتفال بالقداس من جديد إلى إدلب بعد غياب دام 14 عاما، بالتزامن مع توافد الحجاج الأرمن من مختلف المدن السورية من حلب، واللاذقية، والحسكة، ودمشق وغيرها من المناطق، إلى الكنيسة.

مسيحيون يتوافدون إلى كنيسة القديسة آنا (الجزيرة)

لم الشمل

وقال وكيل مطران أبرشية حلب وتوابعها الأب ليفونيا غيان للجزيرة نت إنه “بعد 14 سنة عدنا إلى القرية التي ولدتُ بها مع عائلاتنا والأهل، لنشهد ونشارك في مراسم عيد القديسة آنا في الكنيسة التي تأسست عام 1320 للميلاد”.

ولفت إلى أنه بعد تحرير سوريا من النظام السابق بدأت الكثير من الأسر بالعودة، وشارك في هذا العيد المسيحيون من حلب واللاذقية والقامشلي والحسكة وكسب ودمشق ومن جميع المحافظات السورية، مما سمح للأهالي باللقاء مع بعضهم البعض من جديد ولمّ شملهم بعد غياب لسنوات.

احتفالات في مدخل الكنيسة الغربي (الجزيرة)

وأوضح الأب غيان أن الكنيسة الحالية أعيد بناؤها عام 2020 عقب الهزة الأرضية التي ضربت المنطقة “بمبادرة محبة وأخوة من رهبنة الفرنسيسكان، لتكون رمزا للصمود والتجذر والإيمان”، وتبادل الأهالي التهاني خلال طقوس التدشين والعيد، وتعانقوا بعد سنوات من الغياب والتهجير، في مشهد حمل الكثير من الدفء الإنساني والفرح الروحي.

وختم بتوجيه رسالة دعاء لجميع السوريين، قائلا “دعاؤنا أن يتذكر الشعب السوري دائما أنهم إخوة، عشنا معا وسنبقى كذلك، علينا أن نستعيد الوعي الذي يغيب أحيانا عن قلوبنا وعقولنا، وأن نتذكر أن ما يجمعنا هو أكبر من كل ما يفرّقنا، رسالتنا اليوم رسالة محبة، ووحدة، وسلام لكل أبناء البلاد”.

إجراء مراسم القداس في الكنيسة (الجزيرة)

احتفالات قديمة

بدورها، قالت آني خيجو القادمة من مدينة حلب للمشاركة في العيد للجزيرة نت إنه “في نهاية شهر أغسطس/آب من كل عام نحتفل في كنيسة القديسة آنا التي يحبها جميع أهل المنطقة، وهذه الاحتفالات هي استمرار لما فعله أجدادنا قبلنا، ونقضي فيها الأسبوع الأخير من هذا الشهر”.

وأضافت أن قرية اليعقوبية تتربع على تلة صغيرة في بلدية القنية، و”ما يميزها هو مزار هذه الكنيسة التي ذكرت بالتاريخ منذ عام 1320، وتمت إعادة ترميمها سنة 1914 للميلاد”.

جزء كبير من الكنيسة تدمر بفعل زلزال ضرب المنطقة عام 2020 (الجزيرة)

وأكدت خيجو أن “الفرحة اليوم لا يمكن أن توصف بعد انقطاع دام أكثر من 14 عاما، لأننا عدنا ونجتمع مع الأهل والأحباء والأقارب والأصدقاء بعد غياب طويل عن هذه القرية التي تتمتع بالجمال الساحر بشجرها وتلالها وقدمها بالتاريخ”. وأوضحت أن الكنيسة يأتي إليها الزوار من جميع أنحاء سوريا والعالم.

من جانبه، قطع جورج مسافة أكثر من 100 كيلومتر من مدينة حلب ليحضر طقوس الافتتاح والعيد بعد غياب لأكثر من 10 سنوات، ويوضح للجزيرة نت أنه فور تحرير سوريا استطاع القدوم للمشاركة.

فرقة الكشافة النحاسية تشارك في مراسم افتتاح الكنيسة (الجزيرة)

فرحة بعد حرمان

أما زوئبيك سلوم حداد، من قرية اليعقوبية، فقالت للجزيرة نت إن “الشعب السوري يشتاق لهذا اليوم ليأتي لقريتنا ليزور القديسة آنا، بمشاركة الخواجات والمطران من جميع الطوائف”.

وأضافت “نقوم باستقبالهم بالورد والزمر والطبل ونذبح الذبائح ونطبخ الهريسة وهي أكلة خاصة بهذا اليوم مكونة من اللحم والحنطة، ويأكل منها كل من يحضر هذا الاحتفال بعد مباركتها من المطران في الكنيسة”.

وتستقبل زوئبيك مع أهالي القرية كل القادمين من باقي المحافظات بحفاوة كبيرة تعبيرا عن الحب في هذا الأسبوع الخاص بعيد القديسة آنا والذي يبدأ يوم الأحد من نهاية كل شهر أغسطس/آب ويستمر لمدة أسبوع.

بعض السوريين قطعوا مسافات طويلة لحضور طقوس الافتتاح (الجزيرة)

من ناحيته، صرح بدرس قطنيان الذي جاء من مدينة اللاذقية للجزيرة نت بأنه “بعد 14 عاما من الحرمان من زيارة القرية، استطعنا بعد التحرير القدوم واستعادة الأجواء القديمة المليئة بالمحبة والسلام والتآلف والتعاطف”.

ووجّه رسالة للشعب السوري في الداخل والخارج، قائلا إن “العودة أصبحت ضرورية بعد التحرير من أجل إعادة بناء سوريا وإعمارها معا للنهوض ببلدنا الحبيب ليكون في قمة التطور والازدهار”.

شاركها.
Exit mobile version