تُعد حادثة لافون -أو ما عُرفت بعملية “سوزانا”- واحدة من أكثر الفضائح الاستخباراتية إثارة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ففي عام 1954 نفذت إسرائيل عملية سرية على الأراضي المصرية استهدفت تقويض استقرار النظام الجديد بقيادة جمال عبد الناصر، وإفساد علاقات القاهرة مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

تكشف تفاصيل هذه العملية عن شبكة معقدة من التخطيط والتنفيذ، إذ جرى اختيار أهداف حساسة لعمليات تخريبية بهدف إثارة الشكوك لدى بريطانيا والولايات المتحدة بشأن نية النظام المصري وقتها تجاهها، لكن العملية انتهت بفشل ذريع بعد كشف الخلية المنفذة واعتقال أفرادها، مما أدى إلى أزمة سياسية داخل إسرائيل عُرفت بـ”فضيحة لافون”.

فما فضيحة لافون؟ وما أسبابها ونتائجها؟ وما روايات الشهود حولها؟

رئيس الوزراء المصري جمال عبد الناصر (يمين) ووزير الدولة البريطاني أنتوني نوتنغ يوقعان اتفاقية الجلاء 1954 (غيتي)

ضرب الاستقرار في مصر

بعد ثورة يوليو/تموز 1952 التي أنهت حكم الملك فاروق ومهّدت لقيام النظام الجمهوري بقيادة الضباط الأحرار، دخلت مصر مرحلة انتقالية دقيقة.

ومع تدرج جمال عبد الناصر، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الوزراء المصري، في بسط نفوذه على مقاليد الحكم، تفاقمت الخلافات الداخلية بينه وبين اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية.

وعلى المستوى الخارجي، كانت المفاوضات المصرية البريطانية بشأن اتفاقية الجلاء عن الأراضي المصرية من القاعدة البريطانية بقناة السويس تقترب من نهايتها في يونيو/حزيران 1954، مما أثار المخاوف الإسرائيلية من أن يؤدي الانسحاب البريطاني إلى تعزيز القوة العسكرية المصرية، الأمر الذي قد يمهّد لخوض الدول العربية بقيادة مصر حربا جديدة ضدها بعد هزيمة 1948.

وقد أسهمت سياسة إدارة الرئيس الأميركي دوايت آيزنهاور حينئذ -التي اتسمت ببرود تجاه إسرائيل- في تغذية هذه المخاوف، مع احتمال انفتاح واشنطن على القاهرة، حسبما ترصد ميثاق بيات في كتابها “السياسة الأميركية تجاه إسرائيل في عهد إدارة الرئيس دوايت آيزنهاور”.

ووسط تصاعد التوترات السياسية الإقليمية مطلع الخمسينيات، أعدت الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية خطة سرية ضمن وحدات شعبة الاستخبارات العسكرية، استهدفت ضرب الاستقرار الداخلي في مصر عبر سلسلة عمليات نوعية بهدف تعويق وتأخير الانسحاب البريطاني من مصر.

تمحورت الخطة حول تجنيد عناصر يهودية مصرية شابة للقيام بتفجيرات واعتداءات على دور السينما والمقار العامة والمراكز الثقافية إلى جانب استهداف سيارات الدبلوماسيين والرعايا البريطانيين.

كذلك تشير الباحثة ليفيا روكاخ -في كتابها “إرهاب إسرائيل المقدس”- إلى أن الهدف كان واضحا في تقويض ثقة الرأي العام العربي والدولي بالنظام المصري الناشئ، وإحباط أي مسعى غربي لتزويده بالمساعدات العسكرية.

في تلك الأثناء، كان بن غوريون قد ترك منصب رئاسة الوزراء متوجها إلى حياة شبه منعزلة في إحدى مستوطنات النقب، غير أن غيابه لم يوقف دفع الخطة إلى مرحلة التنفيذ.

وتوضح رواية روكاخ أن مقربين منه داخل الحكومة استغلوا نفوذهم لتزوير توقيع وزير الدفاع الجديد بنحاس لافون -الذي تولى المنصب خلفا لموشيه شاريت- على أوامر تنفيذية بالغة الحساسية.

وبذلك حُولت خطة استخباراتية سرية إلى عملية تحمل غطاء رسميا مزيفا، مما جعلها واحدة من أكثر الحوادث المثيرة للجدل في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حسب الباحثة روكاخ.

(Original Caption) Pinhas Lavon, focal point of the greatest political storm in Israeli history, resigned, Feb. 9, as Secretary General of the Histradut Labor Federation. Lavon, temporarily removed from political power by the resignation, was forced to quit to end the feud between Ben-Gurion's Mapai Labor Party and Lavon's supporters. Lavon was cleared recently of any blame for a secrecy shrouded security operation failure in 1954 by the country's former coalition cabinet. Ben-Gurion did not agree with the cabinet's decision and demanded they re-open the case. Finally Ben-Gurion resigned, Jan. 31, in protest to the cabinet decision, automatically bringing about the fall of the government. Ben-Gurion is now acting as caretaker Premier until President Ben-Zvi can find someone to form a new government.
بنحاس لافون تولى منصب وزير الدفاع الإسرائيلي خلفا لموشيه شاريت (غيتي)

العملية سوزانا

ومع حلول مساء 16 يونيو/حزيران 1954، انطلقت الإشارة السرية التي كانت في انتظارها الخلية الإسرائيلية العاملة داخل مصر والتي كان أغلبها من اليهود المصريين.

وخصص برنامج موجه لربات البيوت على راديو إسرائيل حلقة عن إعداد الكيك الإنجليزي، وكانت هذه رسالة مشفرة أُعدّت سلفا لبدء تنفيذ سلسلة عمليات تخريبية، إذ يذكر يوسي ميلمان وإيتان هابر في كتابهما “الجواسيس” أن مثل هذه البرامج الإذاعية كانت إحدى وسائل الاتصال المبتكرة بين قادة العمليات وأفراد الخلايا النائمة.

في قلب ذلك المشهد، برز اسم إيفري جلعاد الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي الذي أُقيل عام 1951 إثر اتهامه بسرقة ثلاجة قبل أن يجد لنفسه موقعا جديدا في الوحدة 131 المختصة بالعمليات السرية والتخريبية خلف خطوط ما تصفها إسرائيل بـ”الأراضي المعادية”.

وبناء على أوامر مباشرة من شعبة الاستخبارات العسكرية، وصل جلعاد إلى الإسكندرية أوائل عام 1954 متخفيا في صورة وكيل لشركة إلكترونيات ألمانية، مستخدما هوية مزورة باسم “الرائد بول فرانك”، وهو ضابط ألماني اختفى أثره بعد مهمة استخباراتية في فلسطين.

ويذكر عادل حمودة في كتابه “عملية سوزانا” أنه بهذه التغطية المحكمة تمكن جلعاد من التحرك بحرية نسبية داخل مصر، جامعا المعلومات ومهيئا الأجواء لتنفيذ عمليات ستشكّل لاحقا جوهر “قضية لافون” أو “عملية سوزانا”.

في سياق عملية “سوزانا”، أوكلت قيادة الوحدة 131 تحت إشراف المقدم مردخاي بن تسور مهمة خاصة إلى الرائد أفراهام دار، المعروف بدوره في تنظيم الهجرة اليهودية من أوروبا إلى إسرائيل.

وقد دخل أفراهام دار إلى مصر بجواز سفر بريطاني يحمل اسما مستعارا، وهو “جون دارلينغ”، وأسّس شبكة تجسس في القاهرة والإسكندرية لتنسيق العمليات التخريبية التي كانت تستهدف مرافق مدنية، مثل دور السينما ومكاتب البريد، والأهم من ذلك مؤسسات بريطانية وأميركية في القاهرة والإسكندرية.

ومع اقتراب عقارب الساعة من 11 صباحا في الثاني من يوليو/تموز 1954، اتخذت الخلية خطواتها الأولى، فقد تقدّم أحد أفرادها، وهو فيليب ناثانسون، نحو صندوق بريد في الإسكندرية ووضع لفافة صغيرة داخله، وفي التوقيت ذاته تقريبا ألقى كل من زملائه فيكتور ليفي وروبير داسا لفافات مماثلة في صناديق بريد أخرى قريبة.

وسرعان ما شبّ حريق في مكتب البريد الأميركي بالإسكندرية وأسفر عن وقوع ضحايا، وعند وصول الرائد ممدوح سالم ضابط المباحث العامة إلى موقع الحادث، عثر على جراب نظارة يحوي بقايا فوسفور أحمر، وهو ما كشف عن أن الحريق ناجم عن تفاعل كيميائي متعمد، وفق ما يرويه عادل حمودة في كتابه “عملية سوزانا”.

ورغم خطورة الحادث، فلم تشر الصحافة إلى شيء يتجاوز مجرد خبر عابر، لكن مساء 14 يوليو/تموز، أعاد داسا المحاولة حين دخل مكتبة المركز الثقافي الأميركي في الإسكندرية بصحبة فتاة شابة، تاركا خلفه جراب نظارة.

وفي الوقت ذاته تقريبا اندلعت حرائق في المكتبتين الأميركيتين بالقاهرة والإسكندرية، مما أسفر عن إصابات بين الموظفين والزوار، في حين أرجعت وسائل الإعلام السبب إلى “تماس كهربائي”، متجاهلة خلفياته التخريبية.

بداية سقوط الخلية

في مساء 23 يوليو/تموز 1954، وبالتزامن مع الذكرى الثانية لثورة يوليو/تموز، قادت المصادفة إلى كشف الخلية، فقد كان النقيب حسن المناوي معاون مباحث قسم العطارين في جولة اعتيادية بشارع فؤاد بالإسكندرية حين استوقفه صراخ قادم من أمام سينما “ريو”، حينها اندفع نحو مصدر الصوت ليجد رجلا يخرج مسرعا والنيران تلتهم بنطاله.

تحرك الضابط بسرعة وألقى بالرجل أرضا وبدأ يلف جسده لإخماد اللهب، ولكن تبيّن لاحقا أن الرجل هو فيليب ناثانسون أحد عناصر خلية إسرائيلية سرية، ففي أثناء محاولته نفض سرواله سقط من يده جراب نظارة، تناثرت منه حبيبات مسحوق أسود اللون اتضح لاحقا أنه مادة مستخدمة في عمليات تخريبية.

وكما يذكر يوسي ميلمان ودان رافيف في كتابهما “أمراء الموساد”، فقد اقتيد ناثانسون إلى قسم الشرطة، وهناك أدلى تحت ضغط التحقيق باعترافات كشفت هوية شريكه فيكتور ليفي، مؤكدا انتماءهما إلى خلية تجسس إسرائيلية تنشط داخل مصر.

ووفق ما أشار إليه أحمد عادل رئيس وحدة الدراسات في “مجموعة 73 مؤرخين” لأحد المواقع الإخبارية، فإن هذه اللحظة كانت الشرارة الأولى لانهيار شبكة التجسس التي ستعرف لاحقا بـ”قضية لافون”.

في ذلك اليوم، كانت الخطة الإسرائيلية قد وصلت إلى مرحلتها الأخطر، إذ جرى تحديد أهداف بارزة في القاهرة والإسكندرية لوضع المتفجرات، من بينها محطة القطارات ومسرح ريفولي في القاهرة، وسينما مترو وسينما ريو في الإسكندرية.

ولكن بعد سقوط فيليب ناثانسون في قبضة الأمن واعترافه، دهمت قوة من الشرطة منزله لتعثر على أدلة حاسمة شملت صورة فوتوغرافية كتب على ظهرها عبارة “فيكتور، روبير، فيليب: أصدقاء إلى الأبد”، بالإضافة إلى أفلام فوتوغرافية توضح بالتفصيل طرق صناعة القنابل وشفرة الاتصالات اللاسلكية.

وعندما عاد العميل روبير داسا إلى منزله فوجئ بكمين لرجال الأمن المصري ينتظره، وقد كشفت التحقيقات اللاحقة أنه كان قبل لحظات من القبض عليه قد وضع قنبلة حارقة داخل حقيبة أودعها في مخزن أمانات محطة سكك حديد القاهرة، في خطوة كانت ستؤدي إلى تفجير كبير وسط العاصمة.

اعترافات صموئيل بخور عازار أضافت خيطا جديدا للتحقيق مما أدى إلى انهيار شبكة التجسس سريعا (الصحافة الإسرائيلية)

استمرار تفكيك الخلية حتى انهيارها

وخلال التحقيقات، تمسك الأصدقاء الثلاثة برواية واحدة أمام سلطات الأمن، مؤكدين أنهم أشعلوا الحرائق بدافع وطني، بزعم إرغام البريطانيين على مغادرة مصر، غير أن تقرير المعمل الجنائي كشف بوضوح الطبيعة التخريبية للعملية، إذ أثبت أن أغلفة النظارات التي استخدموها كانت مليئة بمزيج من مواد شديدة الاشتعال، تضمنت كلورات البوتاسيوم والزنك المعدني وأكسيد الحديد ومسحوق الألومنيوم.

قاد فيكتور ليفي ضباط المباحث إلى مقر الشبكة في الإسكندرية بحثا عن الجهاز اللاسلكي الذي كانت الخلية تستخدمه في الاتصال، غير أن المحاولة باءت بالفشل، وعند استجوابه اتهم فيكتور زميله صموئيل عازار بسرقة الجهاز. استمرت المراقبة الأمنية للمكان حتى تمكنت السلطات من إلقاء القبض على عازار ليلة 27 يوليو/تموز.

ومن اللافت أن اعترافات صموئيل أضافت خيطا جديدا للتحقيق، إذ كشف عن الشخص الخامس في الشبكة وهو مائير صمويل ميوحاس، موضحا أن هذا الأخير كان يحتفظ بأموال الخلية في الإسكندرية، واستخدم مبلغ 500 جنيه مصري لشراء المواد اللازمة لصناعة القنابل الحارقة.

واعتمادا على اعترافات ميوحاس، تمكنت السلطات المصرية من الإيقاع بالطبيب موسى مرزوق الذي كان يُعد العقل المؤسس للشبكة في القاهرة، ومع سقوطه بدأ باقي الأعضاء في الانهيار واحدا تلو الآخر، ومع ذلك ظل أخطر عنصرين خارج قبضة الاعتقال، وهما جون دارلينغ ضابط الجيش الإسرائيلي، وإيفري جلعاد اللذان نجحا في الهروب.

وقد لعبت مارسيل نينيو، إحدى أعضاء الشبكة، دورا محوريا في الربط بين الخلية في مصر والقيادة العليا في باريس، إذ تلقت ما مجموعه ألف جنيه مقابل خدماتها، وفق ما أورده إيربش فولات في كتابه “عمليات الوحدات السرية الإسرائيلية”.

اعتراف إسرائيلي متأخر

ويذكر إبراهيم عيد في “جواسيس على ضفاف النيل” أنه قبيل جلسات المحاكمة وقعت حادثة مثيرة في ليلة 21 ديسمبر/كانون الأول 1954 حين فتح السجّان أحمد ظاهر باب زنزانة العميل ماكس بينيت بعد أن سمع أنينا خافتا، ليجده يحتضر والدماء تنزف من يده ومات قبل يوم من موعد مثوله للمحاكمة.

ووفق ما ذكره ريتشارد ديكون في كتابه “الخدمة السرية الإسرائيلية”، كان بينيت قد زار مصر 3 مرات، آخرها عام 1953 مدعّيا إقامة علاقات مع ضباط الجيش المصري بهدف استيراد أطراف صناعية من ألمانيا لعلاج مشوهي الحرب، وهي حجة وفرت له غطاء للتحرك وبناء شبكة اتصالاته.

لاحقا، نفت إسرائيل أي علاقة لها بالحادثة، وأُرسل جثمان بينيت إلى ألمانيا الغربية ليدفن هناك، غير أنه في عام 1959 نُبش القبر سرا ونُقل الجثمان إلى إسرائيل لإعادة دفنه، ووُضع في قبر بلا علامة، ولم تخطر السلطات أرملته بعملية النقل إلا قبل يوم واحد من مراسم الدفن، كما تجاهل مجتمع الاستخبارات جميع طلبات الأسرة للحصول على تفسير لملابسات الوفاة.

ماكس بينيت لم تعترف به إسرائيل رسميا عميلا لها إلا عام 1988 (الصحافة الإسرائيلية)

ولم تعترف إسرائيل رسميا بماكس بينيت عميلا لها إلا عام 1988، حين مُنح رتبة عقيد في احتفال أقيم بمكتب وزير الدفاع في تل أبيب، حسب ما يذكره ميلمان في كتابه “أمراء الموساد”.

ويذكر الصحفي البريطاني ديفيد هيرست في كتابه “البندقية وغصن الزيتون” أن أفراد الشبكة -باستثناء موسى مرزوق وصموئيل عازار اللذين أُعدما في 31 يناير/كانون الثاني 1955- استُقبلوا في إسرائيل استقبال الأبطال بعد إطلاق سراحهم في إطار صفقة تبادل أسرى مع مصر عام 1968.

ومن المواقف اللافتة أن وزير الدفاع موشيه ديان حضر حفل زفاف مارسيل إحدى أبرز عناصر الشبكة، وقال لها “حرب الأيام الستة حققت نجاحا كافيا إذ أدت إلى إطلاق سراحك”.

مارسيل نينيو في حفل زفافها وإلى جوارها رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير (الصحافة المصرية)

انكشاف الفضيحة

وكما يذكر إبراهيم عيد، فإن إيفري جلعاد الذي تمكن من الهرب قبل القبض عليه في مصر، استُدعي عام 1955 على عجل للإدلاء بشهادته في القضية، إذ ألقى باللوم على أعضاء الخلية في مصر في فشل العمليات، غير أنه اعترف لاحقا بأنه أدلى بشهادة غير صحيحة التزاما بأوامر موشيه ديان، بهدف الحفاظ على صورة إسرائيل أمام الرأي العام.

وزعم أن جهاز الموساد كان يسعى إلى كشف شبكة عملاء “مودعين” في مصر بغية إلحاق الضرر بجهاز استخبارات الجيش وانتزاع السيطرة التي كان يتمتع بها في الساحة الاستخباراتية.

وتكشف الوثائق -التي أفرج عنها جيش الدفاع الإسرائيلي أوائل عام 2016- عن تأسيس إسرائيل وحدة تخريبية تعمل بأسلوب قوات الكوماندوز خلف خطوط العدو.

وتشير هذه الوثائق إلى أن وزير الدفاع آنذاك بنحاس لافون وجّه هذه الوحدة لاستهداف مصالح بريطانية في مصر، مع إضفاء طابع يوحي بأن المنفذين إسلاميون، في محاولة للإضرار بالعلاقات المصرية البريطانية وإثارة الشكوك المتبادلة بين الطرفين.

ومع فشل هذه العملية والفضيحة التي وقعت فيها إسرائيل يومئذ، لم تُبدِ السلطات الإسرائيلية تعاونا يذكر مع بقية عناصر الشبكة التي اعتقلتها القاهرة في قضية لافون، فقد أُعدم اثنان من اليهود المصريين عام 1955، في حين صدرت بحق 4 آخرين أحكام بالسجن لمدد طويلة.

ويذكر يوسي ميلمان في “أمراء الموساد” أنه بعد العدوان الثلاثي على مصر “حرب السويس” عام 1956 رفضت إسرائيل عرضا مصريا لمبادلتهم بأسرى مصريين وقعوا في قبضة الجيش الإسرائيلي، وذلك بناء على معارضة رئيس الأركان حينها موشيه ديان الذي خشي أن تفضي الصفقة إلى حرج سياسي لإسرائيل.

ولكن في عام 1968 تم الإفراج عن العملاء مارسيل نينيو وفيليب ناثانسون وروبرت داسا وفيكتور ليفي ضمن صفقة تبادل شملت آلاف الأسرى المصريين، ومع ذلك ظل الـ4 بعد الإفراج عنهم بأكثر من 20 عاما يوجّهون شكاوى من الإهمال، في حين اشتعل الجدل في الصحافة الإسرائيلية بين اتهامات متعارضة وروايات متبادلة بشأن طريقة تعامل مؤسسات الدولة معهم.

شاركها.
Exit mobile version