الكويت- وسط جدل قانوني ودستوري، وبعد حل مجلس الأمة مرة وبطلانه مرة أخرى، تشهد الكويت انتخابات جديدة للمجلس التشريعي في السادس من يونيو/حزيران القادم.
وتأتي الانتخابات وسط تساؤلات عن سريان مرسومي الضرورة 5 و6 المتعلقين بالدوائر الانتخابية واعتماد التصويت وفقا للعنوان المسجل بالبطاقة المدنية.
وتعرض مجلس الأمة للحل في 17 أبريل/نيسان 2020، في حين أبطلت المحكمة الدستورية المجلس في 19 مارس/آذار 2022، بسبب ما قالت المحكمة إنه بطلان حل المجلس السابق وبطلان دعوة الناخبين للانتخاب، لكنها أكدت سريان القوانين التي أقرها.
ووافق مجلس عام 2022 على المرسوم بقانون رقم (6) بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، بما يشمل إضافة بعض المناطق إلى الدوائر الانتخابية القريبة منها جغرافيا، كما وافق المجلس على المرسوم بقانون رقم (5) بما يشمل اعتماد التصويت لانتخابات أعضاء مجلس الأمة وفق عنوان السكن المسجل في البطاقة المدنية.
ضبابية المشهد
في هذا السياق، يؤكد الخبير الدستوري محمد الفيلي أن المرسوم الخاص رقم 5 بتعديل وإنشاء جداول الانتخابات هو مرسوم انتقالي للانتخابات التي كان من المزمع إقامتها في سبتمبر/أيلول الماضي، بمعنى أنه يستخدم مرة واحدة؛ وبالتالي لن يكون ساريا في الانتخابات المقبلة، أما المرسوم رقم 6 الخاص بإضافة بعض المناطق إلى الدوائر الانتخابية فهو قائم حتى الآن.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الفيلي أنه وفق الروايات المنسوبة لإدارة شؤون انتخابات مجلس الأمة، نلاحظ عدم الاستقرار؛ ففي بعض الروايات أنهم سيطبقون المرسوم رقم 5 وهذا غير جائز، وفي روايات أخرى يقولون إننا بصدد تنفيذ القانون السابق على صدور المراسيم المذكورة، مشيرا إلى وجود جدول انتخابي تم فتحه للتعديل في فبراير/شباط الماضي، ونشرت بياناته نهاية أبريل/نيسان.
ويشير الفيلي إلى أن بيانات ذلك الجدول يجوز أن تكون محل طعن، لكن لم يتم تقديم أي اعتراض، وبالتالي لا يمكن الطعن بمحتوى الجدول لانتهاء فترة الاعتراضات، لذلك يعد هذا الجدول هو النهائي الذي سيعتمد.
ولفت إلى أن الصورة ستتضح أكثر يوم الانتخابات، مضيفا “إن كان لدى أي مرشح أو ناخب اعتراض سيطعن أمام القضاء، وهذا مرتبط بإجراء الانتخابات نفسها”.
قرارات المجلس المبطل سارية
أما الخبير الدستوري إبراهيم الحمود، فيشير إلى أن المرسوم رقم 6 بإضافة مناطق انتخابية جديدة قد صدر أثناء فترة حل مجلس الأمة 2020 في المرة الأولى، وتم عرضه على مجلس 2022 وتم إقراره، لذلك فهو لا يزال مفعّلا وآثاره موجودة ويتم العمل به رغم إبطال المجلس.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الحمود أن مرسوم الضرورة رقم 5 نص صراحة على أنه مرسوم انتقالي لا يطبق إلا على انتخابات 2022، لذلك لن يكون ساريا في الانتخابات المقبلة، وبالتالي نحن بحاجة إلى مرسوم بقانون جديد، أو يتم اعتماد الجداول الانتخابية التي كانت سارية قبل الانتخابات السابقة.
أحكام انتقالية
بدورها، أوضحت الخبيرة الدستورية حنان الدغيشم أن المادة الثالثة من المرسوم رقم 5 قررت أن أحكام هذا المرسوم انتقالية تنتهي بإجراء أول انتخابات بعد نفاذه، وبما أن هذه الانتخابات قد أجريت عام 2022؛ فإن أحكام هذا المرسوم قد انتهت ولا يمكن العمل بها.
وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت الدغيشم أن المرسوم رقم 6 لسنة 2022 والمتعلق بإضافة مناطق جديدة؛ فأحكامه لا تزال سارية، ولكن قد يكون من الصعب تفعيل هذه الأحكام بسبب أن القيود الانتخابية الجديدة لم تصبح نهائية، حيث صدر مرسوم الدعوة للانتخابات قبل انقضاء فترة الطعون الانتخابية، وتطبيقا لنصوص قانون الانتخاب فإنه يجب اعتماد الجداول القديمة.
تنظيم عملية التصويت
بدوره، أكد المحلل السياسي فهد الحبيني أن المرسوم رقم 5 صدر للتصويت لمرة واحدة، لأن الحكومة كانت تعتقد أن المجلس المنتخب في 2022 كان سيقوم بتنظيم عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية اللاحقة بكاملها، فكان التوجه بصدور مرسوم الضرورة لمرة واحدة، وذلك على أساس التصدي لعملية نقل القيود غير القانونية التي تشبه عملية التزوير في إرادة الناخبين، فتم اعتماد المرسوم في ذلك الوقت، ولكن لم تشأ الظروف باستمرار المجلس حين صدر حكم المحكمة الدستورية بإبطاله.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الحبيني أنه كان يتمنى أن يكون هذا المرسوم بشكل دائم حتى تكون عملية الانتخابات مكتملة الجوانب، ولا يكون هناك أي مجال للحديث عن نقل البعض لمكان إقامته، سعيا للتصويت لمرشح بعينه.
وأضاف أن مرسوم الضرورة رقم 6 بإضافة مناطق انتخابية جديدة -وهو أمر مستحق- لا يمكن أن يتم الطعن بقانونيته بعد اعتماده من المجلس المبطل، إذ إن المحكمة الدستورية التي أبطلت المجلس ذكرت في حيثيات الحكم أن جميع القوانين التي صدرت من مجلس 2022 هي قوانين صحيحة وستبقى سارية المفعول رغم إبطال المجلس، لذلك أصبح هذا القانون جزءا من قانون الانتخابات بحكم المحكمة، وبالتالي لن يفيد أي طعن يقدم بهذا الخصوص.
يذكر أن مجلس الوزراء وافق في 17 أغسطس/آب 2022 على مشروع مرسوم بقانون “ضرورة” بإضافة مناطق جديدة إلى الدوائر الانتخابية الأولى والثانية والرابعة والخامسة. كما صدر قانون “ضرورة” باعتماد التصويت في انتخابات أعضاء مجلس الأمة وفق عنوان السكن المسجل في البطاقة المدنية.
وحينها، أكد جمال الجلاوي وزير العدل وزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة أن ذلك يأتي من حرص القيادة السياسية العليا على أن تكون الانتخابات المقبلة خالية من أي شوائب أو مخالفات قانونية، وأن تكون كل دائرة معبرة عن إرادة ناخبيها بالشكل الصحيح.