لندن- “ليحفظ الرب الملك” هذه العبارة التي سيرددها البريطانيون لأول مرة منذ أكثر من 7 عقود، هي التي كانت إشارة التتويج الفعلي والنهائي للملك تشارلز الثالث من طرف كبير أساقفة كانتربري الذي وضع تاج “القديس إدوارد” على رأس الملك معلنا بداية عهده.
واستمر حفل التتويج -الذي سيبقى خالدا في تاريخ المملكة المتحدة- لأكثر من 4 ساعات، وجرت أهم فصوله في كنيسة “وستمنستر”، وهي نفس المكان الذي شهد مراسم تتويج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية وكذلك مراسم تشييعها، لتحقق المملكة المتحدة تلك العبارة الشهيرة “ماتت الملكة عاش الملك” لتأكيد استمرارية واحدة من أعرق الأسر الحاكمة في العالم.
ولم يخلُ هذا الحفل -الذي شاهده مئات الملايين عبر العالم- من لقطات مثيرة وأحداث غير مسبوقة، حتى وإن حصلت في الهامش ولم يتم تسليط الضوء عليها، إلا أنها ذات دلالة قوية وأحدثت الكثير من الجدل، خصوصا مع حضور 203 شخصيات تمثل دول العالم فيهم 100 زعيم دولة.
“لستَ مَلِكي”
مع ساعات الصباح الأولى حاولت مجموعة من حركة “لستَ مَلِكي” -التي ذاع صيتها منذ اعتلاء الملك تشارلز الثالث للعرش- أن توزع عددا من اللافتات المكتوب عليها “لستَ ملكي” وأن تنتشر على طول الطريق الرابط بين قصر باكنغهام وكنيسة وستمنستر، إلا أن الشرطة قامت بمصادرة اللافتات واعتقال عدد منهم.
هذا الحادث أشعل مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره كثيرون حدثا غير مسبوق وتعديا على حرية الرأي والتعبير، علما أن كثيرين توقعوا هذا التعامل من الشرطة البريطانية التي استبقت يوم التتويج بالتحذير من أنها ستتعامل بكل صرامة مع أي محاولة لتعكير أجواء الاحتفال.
وأكدت الشرطة البريطانية -في بيان- أنها اعتقلت عددا من الأشخاص بتهمة الاشتباه في سعيهم لتقويض السلم العام وإزعاج الناس.
ودخلت منظمة “هيومن رايتس ووتش” على الخط لتصدر بيانا شديد اللهجة، قالت فيه إن اعتقال الأشخاص لمجرد أنهم أرادوا التعبير عن رأيهم “هو أمر نتوقع رؤيته في موسكو وليس في لندن”، كما أصدرت منظمات حقوقية بريطانية ومن بينها منظمة “حرية” بيانا تقول فيه إن ما حدث هو أمر غير مسبوق في تاريخ المملكة المتحدة.
وتحول خبر الاعتقال إلى الموضوع الأكثر تفاعلا في بريطانيا تحت وسم “notmyking#” (لستَ مَلِكي)؛ حيث عبّر كثيرون عن غضبهم من اعتقال أشخاص يعبرون عن رأيهم بطريقة سلمية.
الأمير المعزول
بعد الكثير من التكهنات حول حضور الأمير هاري لحفل تتويج والده، ظهر الأمير الشاب أو الأمير “الاحتياطي” كما أطلق على نفسه في كتابه الأخير، وكان ظهوره غير عادي، حيث لم يدخل مع أفراد الأسرة المالكة، وإنما مع أبناء أعمامه، وكان في الصف الثالث خلف بقية الأسرة، وذلك إثر سحب كل الألقاب الرسمية منه بعدما قرر العيش بعيدا عن الأسرة الملكية.
وحسب وسائل الإعلام البريطانية، فإن الملك لم يوجّه دعوة لابنه هاري، من أجل حضور بقية مراسم التتويج في قصر باكنغهام، وإنما اقتصر الأمر على حضوره للكنيسة.
ومباشرة بعد مغادرة الملك للكنيسة، شوهد الأمير يغادر مسرعا في سيارته، ليظهر بعدها أنه كان متجها إلى مطار “هيثرو” للعودة إلى الولايات المتحدة حيث يقيم مع زوجته ميغان وأطفاله، ولم يدم مقام الأمير في بلاده سوى ساعات قليلة، ما يؤكد حجم القطيعة بينه وبين أسرته، وخصوصا والده وأخاه.
تتويج بكل الديانات
من بين المشاهد التاريخية وغير المسبوقة التي شهدها حفل تتويج الملك تشارلز الثالث حضور ممثلين عن الديانات السماوية الثلاث إضافة للسيخية والبوذية للمشاركة في حفل التتويج، وفي السابق كان ممنوعا عن ممثلي الديانات حضور حفل التتويج داخل الكنيسة، وكان الأمر مقتصرا على الأساقفة، وتحديدا أساقفة المذهب البروتستانتي.
إلا أن الملك تشارلز ضغط على الكنيسة لتغيير قواعدها، ليحضر ممثلون عن الإسلام والمسيحية (المذهب الكاثوليكي والأرثوذكسي) واليهودية والسيخية والبوذية، وكان لهم دور في حفل التتويج لأول مرة في التاريخ، وسبق للملك تشارلز أن عبّر رغبته في أن يتم وصفه بأنه “المدافع عن إيمان الجميع” وليس “المدافع عن الإيمان” الذي يقصد به العالم المسيحي فقط.
ولأول مرة أيضا تحضر سيدة ضمن الأساقفة الذين قاموا بتتويج الملك، وترأست معهم كل المراسم، إضافة إلى قراءة عدد من النصوص الدينية باللهجات الأسكتلندية والويلزية والأيرلندية، وذلك اعترافا من الملك بالتنوع في مملكته.
ديانا.. الحاضر الغائب
رغم وفاتها منذ عقود، فإن طيف الأميرة ديانا لا يزال حاضرا في أي حدث كبير تعرفه الأسرة الملكية البريطانية، وهذه المرة قارن كثيرون بين المظهر الذي حلت به الأميرة كيت زوجة ولي العهد الأمير ويليام ومظهر الأميرة ديانا، خصوصا أن كيت اختارت ارتداء قراطين كانا للأميرة الراحلة ديانا.