طهران- بعد شهرين من توصل دمشق وطهران إلى اتفاق تزوّد الأخيرة بموجبه جيش النظام السوري بمنظومة الدفاع الجوي “15 خُرداد”، أعلنت إيران استعدادها لبناء “مصانع وإطلاق خطوط إنتاج للمنتجات الدفاعية الإستراتيجية” في سوريا.
وذكرت وكالة أنباء “إرنا” الرسمية، أن وزير الدفاع الإيراني العميد محمد رضا آشتياني ونظيره السوري الفريق علي عباس اتفقا على “تعزيز القاعدة الدفاعية لسوريا استعدادا لمحاربة الإرهاب”، مضيفة أن الجانب الإيراني أكد استعداده لتزويد دمشق بأحدث الأسلحة الدفاعية.
وفي لقاء جمع الوزيرين على هامش اجتماع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بنظيره السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي بدمشق، قال آشتياني إن بلاده على استعداد للتعاون مع سوريا “في بناء المصانع وإطلاق خطوط إنتاج للمنتجات الدفاعية الإستراتيجية من أجل تعزيز أمن الشعب السوري وإنشاء البنى التحتية الدفاعية متعددة الأطراف وتعزيز قاعدة الأسلحة في سوريا”.
يأتي ذلك في إطار تعاون طهران ودمشق انطلاقا من “الاعتماد على القوة المحلية والداخلية باعتبارها أحد أهم مكونات السلطة في أي بلد”، وفق وكالة “إرنا” التي نقلت عن وزير الدفاع الإيراني قوله إن بلاده “حققت قوة إنتاجية في مختلف المجالات البرية والبحرية والجوية والفضائية والإلكترونيات”، وإنها مستعدة للتعاون الدفاعي مع دمشق.
تجهيز القواعد
ويرى مراقبون إيرانيون في تجديد بلادهم استعدادها لتسليح القوات السورية وتعزيز دفاعاتها الجوية “ردا وعرفانا بجميل ما قدمته دمشق لطهران إبان الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وتشكيل جبهة أمامية في الجولان السوري بمواجهة إسرائيل”.
وكان الإعلام الإيراني الرسمي قد أكد قبل نحو شهرين أن “الهجمات المتتالية من قاذفات النظام الصهيوني وفشل أنظمة الدفاع الروسية “إس 300″ (S 300) و”إس 400″ (S 400) المتمركزة بسوريا في التعامل معها، دفعت السلطات العسكرية السورية إلى شراء نظام الدفاع الجوي الإيراني (خرداد 15)”.
من جهته، كشف مصدر إيراني مقرب من الحرس الثوري -فضل عدم الكشف عن هويته- أن التعاون الدفاعي بين إيران وسوريا يتواصل على 3 محاور:
- تجهيز القواعد العسكرية الإستراتيجية لمواجهة الهجمات الإسرائيلية.
- تعزيز الصناعات والبنى التحتية السورية لإنتاج العتاد والتجهيزات العسكرية.
- تقديم خدمات الاستشارة العسكرية لإعادة بناء الجيش السوري وتدريب قواته.
تعاون إستراتيجي
وفي حديثه للجزيرة نت، كشف المصدر الإيراني عن مد طهران الجانب السوري بأسلحة وتكنولوجيا متطورة منها الصواريخ الدقيقة ومنظومات الدفاع الجوي، موضحا أنه بالرغم من عدم استقرار الدفاعات الجوية الإيرانية بالكامل على الأراضي السورية فإنها تمكنت حتى الآن من اعتراض العديد من الصواريخ الإسرائيلية التي تستهدف أهدافا في العمق السوري.
وأوضح المصدر أن الاتفاقات العسكرية الإيرانية السورية دخلت بالفعل حيز التنفيذ، وأنها ستتواصل بوتيرة أسرع في حال توفير مصادرها المالية، مؤكدا أن التعاون في مجال صناعة الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة يمضي على قدم وساق منذ فترة داخل سوريا.
وختم المصدر الإيراني بالقول، إن الجانبين الإيراني والسوري اتفقا على قضايا إستراتيجية ولا سيما تعزيز القوة الجوية السورية في إطار خطة تعاون شامل وطويل الأمد، وذلك على هامش زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى دمشق الأسبوع الماضي.
وفي السياق، كان القيادي السابق في الحرس الثوري العميد المتقاعد حسين كنعاني مقدم قد كشف -في حديث سابق للجزيرة نت- أن بلاده تعمل على تعزيز جبهة أمامية في الجولان السوري لمواجهة إسرائيل، موضحا أن موضوع إنشاء قواعد عسكرية وصاروخية إيرانية في الجولان السوري إلى جانب تشكيل قوات التدخل السريع يشكل جزءا أساسيا من المباحثات الإيرانية السورية.
مواجهة إسرائيل
من ناحيته، يرى أستاذ الجغرافيا السياسية عطا تقوي أصل أن “التعاون العسكري بين طهران ودمشق موجه بالدرجة الأولى نحو إسرائيل”، موضحا أن “الرأي العام الإقليمي وجمهور المقاومة يطالب إيران بوضع حد للهجمات الإسرائيلية المتزايدة على أهداف المقاومة والسيادة السورية، باعتبار طهران حليفا إستراتيجيا لدمشق”.
ويقرأ تقوي أصل -في حديث للجزيرة نت- الاتفاق بين القيادة الإيرانية والسورية في إطار نقل التكنولوجيا الدفاعية إلى سوريا وذلك لقطع الطريق على تل أبيب التي تتعمد استهداف القوافل المتجهة إلى سوريا خشية أن تكون شحنات أسلحة إيرانية.
وفي ضوء التوافق الإيراني السعودي على استئناف العلاقات الدبلوماسية، يعتقد الأكاديمي الإيراني أن طهران تسعى لخفض التوتر بالمنطقة وقطع الطريق على بعض الجهات التي تتهم طهران بالتدخل في الشؤون العربية انطلاقا من حضورها العسكري في سوريا، مؤكدا أن طهران تسعى حثيثا لتعزيز قدرات سوريا لكي تكون دمشق قادرة على ردع الهجمات الإسرائيلية فضلا عن تأسيس جبهة أمامية بمحاذاة الحدود الإسرائيلية.
وخلص تقوي أصل إلى أنه لا نجاح لمشروع نقل التكنولوجيا الإيرانية إلى سوريا ومساهمة طهران في تجهيز القواعد العسكرية داخل سوريا إلا بتفاهم إقليمي، ولا سيما التفاهم بين طهران وموسكو من جهة ودمشق وموسكو من جهة أخرى.