منذ اللحظة التي قررت فيها عائلة الموهبة الأرجنتينية جوليان ألفاريز رفض عرض ريال مدريد في بداية مسيرته، بدا القرار بعيد النظر وحكيما، مما ساعد في تشكيل أسطورة جديدة في عالم كرة القدم.
هذا القرار، الذي قد يراه البعض مخاطرة، تحول إلى لحظة محورية في حياة جوليان، وأدى إلى مسيرة مذهلة جعلته واحدا من أبرز المهاجمين على الساحة العالمية.
البدايات
في سن الـ11، كان جوليان قد جذب الأنظار بفضل موهبته الاستثنائية، حيث لاحظ كشافو ريال مدريد إمكانياته الكبيرة. لكن العائلة كانت ترى أن الوقت لم يكن مناسبا لانتقاله إلى أوروبا.
كان لديهم رؤية بعيدة المدى لأن جوليان كان في حاجة إلى المزيد من النمو الشخصي والرياضي. وقررت العائلة أن تبقيه في بلاده، في كالشين، حيث استمر في تطوير نفسه وتعلم قيم الانضباط والتواضع.
يوضح بييرو فوجليا، مكتشف جوليان، كيف أن الدعم العائلي كان حاسما في تشكيل شخصية جوليان.
ويقول: “كان والده ووالدته دائما إلى جانبه، يشاركونه في اتخاذ القرارات. كان لديهم إيمان بأن الاستقرار العاطفي والتوجيه الصحيح سيجعله لاعبا عظيما في المستقبل، وأنه سيحتاج إلى وقت ليكتسب الخبرة والنضج الكافي لمواجهة التحديات الكبيرة في مسيرته”.
ووفقا لفوجليا كان انتقال جوليان إلى أتليتيكو مدريد، “قرارا منطقيا. لأن خصائصه الفنية والبدنية تتناسب تماما مع فلسفة النادي وطريقة لعبه”.
كان أتلتيكو مدريد الذي يعتمد على التضحية والقتال، المكان المثالي لجوليان ليبرز فيه، حيث بات اليوم جزءا أساسيا من تاريخ أتلتيكو مدريد، بعد أن نجح في التكيف مع قيم النادي وأسلوبه ويسعى إلى تحقيق البطولات الكبرى وصناعة التاريخ معه.
ومنذ وصوله إلى فريق المدرب دييغو سيميوني الصيف الماضي قادما من مانشستر سيتي في صفقة ضخمة، شارك ألفاريز في جميع مباريات فريقه (41 مباراة).
وسجل الأرجنتيني 10 أهداف في الدوري و7 في دوري الأبطال و5 في كأس ملك إسبانيا.
ووفقا لإحصائيات شبكة “أوبتا”، أصبح ألفاريز ثالث لاعب في تاريخ أتلتيكو مدريد خلال القرن الـ21 يسجل في مباراتين متتاليتين على ملعب ريال مدريد في جميع المسابقات، بعد كل من دييغو فورلان في عام 2010 وأنطوان غريزمان في عام 2017.

لاعب متكامل
جوليان لم يكن مجرد مهاجم يركز على تسجيل الأهداف، بل كان لاعبا ذكيا ومتكاملا، يقدم المساعدة لزملائه، ويبذل جهدا كبيرا في استعادة الكرة.
لقد كان دائما يبحث عن التحسن المستمر، لا يكتفي بأي إنجاز، بل يسعى دائما لتحقيق المزيد.
ويرى فوجليا، أنه لا ينبغي مقارنة جوليان بأي لاعب آخر، سواء أكان دييغو مارادونا أو ليونيل ميسي، بل يجب أن يُسمح له بشق طريقه الخاص بناءً على إمكانياته الفريدة.
ورغم الإنجازات الكبيرة التي حققها جوليان في عمر 25 عاما في مسيرته، من الفوز بكأس كوبا أميركا والفوز بكأس العالم إلى دوري أبطال أوروبا، إلا أنه لا يزال يتمتع بنفس التواضع والإصرار اللذين ميزاه عندما كان طفلا.
ويحرص الموهبة الصاعدة دائما على الحفاظ على تركيزه العالي، سواء في التدريب أو المباريات، ويبحث دائما عن سبل لتطوير نفسه.
ورغم أنه فاز بكل شيء تقريبا، إلا أن شغفه لتحقيق المزيد لم يتوقف، مما جعله أحد أكثر اللاعبين تكاملا في العالم اليوم.