كان حاتم بن عرفة يُنظر إليه كأحد أبرز المواهب الصاعدة في أوروبا، ولطالما تردد اسمه في وسائل الإعلام لأسباب مختلفة، بعضها يعود إلى موهبته الفذة، وأخرى بسبب شخصيته المثيرة للجدل، لكن مسيرته لم تصل إلى القمة التي تنبأ له كثيرون ببلوغها.
برز اسم بن عرفة المولود لأسرة تونسية مهاجرة إلى فرنسا، لأول مرة في أكاديمية كليرفونتين الشهيرة، حيث ظهر في فيلم وثائقي عن مواهب فرنسا الشابة، واشتهر بمشادة كلامية مع أبو ديابي.
وعندما صعد إلى الفريق الأول في ليون بسن الـ17، كان يُعتبر أحد ألمع المواهب الفرنسية، حيث تفوق في البداية على زميله كريم بنزيمة، وحصل على فرصة المشاركة مع الفريق الأول قبل 6 أشهر منه.
لكنه أيضا أظهر شخصية عنيدة ومتمردة، وهو ما بدأ يثير التساؤلات حول مدى قدرته على التطور والاستمرار.
في موسم 2007-2008، بعد رحيل فلوران مالودا إلى تشلسي، حصل بن عرفة على فرصة أكبر ليُثبت نفسه، فقدم موسما رائعا وساهم في فوز ليون بلقب الدوري الفرنسي، كما حصل على جائزة أفضل لاعب شاب في فرنسا.
ورغم كل هذا، لم يكن بن عرفة راضيا عن وضعه في الفريق، وبدأ يبحث عن تجربة جديدة، ولم يكن رحيله عن ليون هادئا، حيث أجبر النادي على بيعه لمارسيليا بعد أن رفض التدرب مع الفريق.
بدأ مشواره الجديد مع فريق الجنوب الفرنسي بشكل رائع، مسجلا 6 أهداف في أول 13 مباراة، لكنه دخل في خلافات مع المدرب إيريك غيريتس وزملائه، مما أثر على مستواه وأدى إلى تراجع أهميته في الفريق.
مع وصول ديدييه ديشامب كمدرب جديد لمارسيليا، خرج بن عرفة من حساباته، ورغم فوز الفريق بالدوري لأول مرة منذ 18 عاما، لم يكن له مكان في المشروع الجديد، فقرر الرحيل إلى نيوكاسل.
في الدوري الإنجليزي الممتاز، بدأ بن عرفة بداية واعدة مع نيوكاسل، وسجل هدفا رائعا ضد إيفرتون في أول مباراة له كأساسي.
لكن بعد مباراتين فقط، تعرض لإصابة خطيرة بكسر مزدوج في ساقه إثر تدخل عنيف من نايغل دي يونغ، مما أبعده عن الملاعب لموسم كامل.
عاد لاحقا وقدم لحظات من التألق، أبرزها هدفه المذهل في مرمى بلاكبيرن، الذي رُشح لجائزة بوشكاش لكن رغم موهبته، ظلت مشاكله مع الانضباط تلاحقه، مما أدى إلى استبعاده من الفريق وإعارته إلى هال سيتي، حيث لم ينجح في إثبات نفسه.
بعد نيوكاسل وهال سيتي، استمرت مسيرة بن عرفة في التذبذب، حيث لعب مع عدة أندية منها نيس، باريس سان جيرمان، رين، بلد الوليد، بوردو وليل، لكنه لم يتمكن من استعادة مستواه السابق. وعلى الرغم من أنه لم يعلن اعتزاله رسميا، إلا أن آخر ظهور له كان مع ليل في 2022، ومن غير المرجح أن يعود إلى الملاعب بسبب تقدمه في العمر وسمعته كلاعب يصعب التعامل معه.
قال عنه أسطورة الكرة الفرنسية ميشيل بلاتيني إنه يملك موهبة تضاهي دييغو مارادونا، فيما اعتبره زملاؤه “وحشا” في التدريبات، لكنه لم يستطع استغلال إمكانياته الفريدة للوصول إلى القمة.
رغم كل ما حدث، لا يمكن إنكار أن حاتم بن عرفة كان لاعبا موهوبا بشكل استثنائي، وكان باستطاعته أن يكون في مصاف النجوم العالميين مثل بنزيمة أو ميسي، لكنه اختار طريقا مختلفا.

خلال مسيرته الحافلة بالأزمات واللحظات الساحرة أيضا، ترك بن عرفة بصمته في قلوب الجماهير، وسيبقى اسمه خالدا في ذاكرة عشاق كرة القدم، حتى لو لم يصل إلى القمة.