خروج مصر الدرامي من كأس العالم لليد يثير تساؤلات وانتقادات
ودّع منتخب مصر لكرة اليد منافسات الدور ربع النهائي لبطولة كأس العالم لكرة اليد 2025 في الثواني القاتلة قبل نهاية المباراة، ما أعاد لأذهان المصريين السيناريوهات المشابهة التي تعرض لها المنتخب في بطولات سابقة خلال السنوات الماضية، وحرمته من الوصول إلى الأدوار النهائية ومنصات التتويج، ما أثار انتقادات وتساؤلات حول تكرار الإقصاء الدرامي.
ويُصنف منتخب مصر لكرة اليد بأنه أحد أكبر منتخبات قارة أفريقيا والعالم على الإطلاق، بفضل إنجازاته منذ أوائل حقبة التسعينات وحتى الآن، وهو ما وضع «الفراعنة» خلال بطولة كأس العالم الحالية ضمن التصنيف الأول، بجوار منتخبات الدنمارك، وفرنسا، والسويد، وألمانيا، والمجر، وسلوفينيا، والبرتغال.
وانطلقت منافسات مسابقة يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، وتُختتم في الثاني من شهر فبراير (شباط) المقبل، بمشاركة 32 منتخباً، في تنظيم مشترك يضُم 3 دول، هي: (كرواتيا والنرويج والدنمارك).
وخسرت مصر أمام «الديوك» الفرنسية بنتيجة 34 – 33، بعد أن شهدت الدقيقة الأخيرة من زمن المباراة خطف مصر لهدف التعادل في آخر 4 ثوان لتصبح النتيجة 33 – 33.
ونجح الفرنسي لوكا كاراباتيتش في تسجيل هدف سريع، لكن لم يحتسبه الحكم في البداية، وبعد اللجوء لتقنية الفيديو تم التأكد من صحة الهدف الذي تم تسجيله في الدقيقة 29:59.7 أي قبل 3 أجزاء من الثانية من نهاية اللقاء.
ولا يعد سيناريو خسارة مصر أمام فرنسا هو السيناريو القاتل الوحيد في الفترة الأخيرة، إذ تعرّض المنتخب المصري للخسارة في آخر 4 سنوات بسيناريوهات قاتلة مماثلة.
كان السيناريو الأبرز خلال بطولة العالم 2021، التي استضافتها مصر، حيث خرج «الفراعنة» من ربع النهائي أمام الدنمارك بعد الخسارة 4 – 3 في رميات الترجيح عقب التعادل 35 – 35، بعد مباراة شهدت أفضلية التقدم للمنتخب المصري خلال شوطي المباراة والشوطين الإضافيين.
بعدها وخلال أولمبياد طوكيو 2021، خسر الفراعنة الميدالية البرونزية بعد الهزيمة 33 -31 أمام إسبانيا في الثواني الأخيرة، حيث حرمت أخطاء التمرير وعدم الدقة والتركيز في إنهاء كثير من هجمات المنتخب المصري من إحراز ميداليته الأولمبية الأولى في تاريخه.
وفي أولمبياد باريس 2024، فرّطت مصر في تأهلها إلى الدور نصف النهائي عندما خسرت مجدداً أمام إسبانيا بنتيجة 28 – 29 بعد انتهاء الوقت الأصلي 25 – 25، حيث خطف «الماتادور الإسباني» الفوز قبل 25 ثانية من نهاية الوقت الإضافي.
وهي السيناريوهات التي تداولها رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر، لافتين إلى أن الخسائر بالطريقة نفسها في الثواني الأخيرة أمر يستدعي التساؤلات ويستوجب النظر.
خسائر منتخب مصر لكرة اليد بنفس السيناريو في الثواني الأخيرة امر يستوجب النظر فيه فنيا بدنيا و نفسياً.خسرنا من دنمارك بضريات ترجيح بعد تعادل 35/35و اوليمبيك طوكيو من اسبانيا33/31وخسرت برونزوخسرت تاني اوليمبيك باريس من اسبانيا 28/29آخر 20 ثانيه،ثم خسارة امس بنفس النهايات..!!
— Ahmed Ettobejy (@AhmedAb52716100) January 29, 2025
وقال الناقد الرياضي المصري، محمد البرمي، إن «تكرار إقصاء المنتخب المصري خلال الثواني الحاسمة أمر يدعو للاستغراب، وأصبح يمثل «عقدة» لدى المشجعين، فرغم كل الإمكانات المتاحة للمنتخب، فإنه يلعب بطريقة غير احترافية، رغم ما يملكه حالياً من تشكيلة محترفين كبيرة».
ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن تكرار هذا السيناريو بسبب افتقاد الخبرة في التعامل مع المواقف الكبيرة، وغياب الاستعداد النفسي، كذلك فإن المنتخب المصري نراه دائماً في موقف رد الفعل لا الفعل نفسه، بمعنى أنه يفرط في فرصة التقدم خلال الشوط الأول بما يُريحه خلال الشوط الثاني، ثم يجاهد وينتفض حتى يصل للتعادل، ثم يبدأ في التراجع وارتكاب الأخطاء، وهو أمر يتعلق بالخبرة في المقام الأول».
ويضيف: «الأمر الآخر، عقلية اللاعبين المصريين، فهناك عزيمة كبيرة جداً، لكن ليس لديهم طموح كاف، وهو أمر يجب علاجه من ناحية الاستعداد النفسي والعقلي، لتحسين الأداء في المباريات والبطولات المقبلة لتجنب مثل هذه الخسائر المتكررة».
كما انتقد كثير من المشجعين «الاكتفاء بالأداء المشرف فقط، الذي أصبح أعلى مستوى يمكن الوصول إليه».
وجاء انتقاد البعض لتكرار الإقصاء في الثواني الحاسمة عبر السخرية، والاستعانة ببعض المشاهد الدرامية.
ووصفت الناقدة الرياضية المصرية، هبة الله محمد، خسارة الفراعنة بـ«القاسية»، لافتة إلى أن الخروج في آخر ثوان سببه الأخطاء البسيطة من المنتخب المصري، التي يتزامن معها سرعة رد فعل من المنتخب المنافس، لذا تتغيّر النتائج في آخر الثواني.
وتُبين «هبة الله محمد»، لـ«الشرق الأوسط»، أنه لتجنب هذه السيناريوهات الدرامية، هناك حاجة ماسة إلى احتراف مزيد من اللاعبين المصريين أوروبياً، قائلة: «رغم العدد الكبير حالياً من المحترفين المصريين، فإن هناك حاجة للمزيد، فالمنافسة العالمية دائماً تكون مع المنتخبات الأوروبية الأفضل في العالم، وبالتالي يجب الابتعاد عن المستوى المحلي والاتجاه للاحتراف».
في المقابل، ثمّن مشجعون آخرون أداء المنتخب رغم الهزيمة، وأن لاعبيه قدموا مستوى رائعاً، مؤكدين أنهم يفخرون بأدائهم.
وتتفق الناقدة الرياضية هبة الله محمد مع ذلك، مؤكدة أنه على الرغم من خسارة المنتخب، فإنه قدم أداءً مميزاً خلال هذه النسخة من بطولة العالم، وتظل مصر هي أفضل منتخب عربي في كرة اليد، مُستنكرة الهجوم المكثف على المنتخب من رواد «السوشيال ميديا»، موضحة أنه في غير محله، بسبب غياب بعض اللاعبين المميزين، بالإضافة إلى الإجهاد، بعد 7 مباريات بالبطولة، وما سبقها من مباريات تحضيرية.
يُذكر أن وزير الرياضة المصري، أشرف صبحي، أشاد بـ«الأداء البطولي» الذي قدّمه منتخب كرة اليد، مؤكداً أن الفريق أثبت روحاً قتالية عالية، وقدّم أداءً مشرفاً يعكس تطور مستوى اللعبة، مثنياً على الجهود المبذولة من قبل اللاعبين والجهاز الفني.