تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، هاتفياً، الأربعاء، في مكالمة استمرت 90 دقيقة بدأت فصلاً جديداً في تاريخهما الحافل.
كانت علاقتهما خلال فترة ولاية ترمب الأولى دراماتيكية وغير متوقعة، وتخللتها انتصارات دبلوماسية لبوتين ولحظات رسم فيها الرئيس الأميركي خطوطاً صارمة، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».
وفيما يلي بعض اللحظات والموضوعات الرئيسية في العلاقة بين ترمب وبوتين خلال فترة ولاية الرئيس الأميركي الأولى:
التدخل في الانتخابات
لقد خيَّمت الاتهامات الموجهة إلى موسكو بالتدخل في انتخابات ترمب في عام 2016 على تفاعلاته مع بوتين خلال ولايته الأولى. وقد خلصت كل من وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات، على الرغم من أن ترمب شكك مراراً وتكراراً في نتائجهما. وجاء التدخل في شكل حملة تأثير مدفوعة بالروبوتات لاستقطاب الجمهور وتقويض العملية الانتخابية، ومحاولات تعطيل أنظمة التصويت، واختراق شبكات الحزب الديمقراطي وموظفيه من قبل روسيا، من بين طرق أخرى، وفقاً لتقييمات الحكومة الأميركية.
لكن بوتين نفى التدخل، وصدّق عليه ترمب. ظهر الرجلان جنباً إلى جنب في هلسنكي عام 2018 في مؤتمر صحافي مشترك، قال فيه ترمب إن بوتين قدم تفنيداً «قوياً للغاية».
وقال ترمب إن التحقيق في التدخل الروسي كان «حملة شعواء كاملة»، متناقضاً مع وزارة العدل الخاصة به. وتابع لاحقاً: «يقول الرئيس بوتين إنها ليست روسيا. لا أرى أي سبب يجعلها كذلك».
وكان لكلمات ترمب وقع طيب على موسكو؛ فقد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ذلك الوقت إن القمة كانت «أفضل من رائعة».
الثناء والنقد
لقد أثنى كل من ترمب وبوتين على موهبة الآخر -فيما يرتبط بالذكاء والقوة.
خلال الحملة الانتخابية الأولى لترمب، قال بوتين إنه «رجل مبهر وموهوب للغاية».
من جهته، قال ترمب عن بوتين، بينما كان باراك أوباما لا يزال في منصبه: «سأخبرك بأنني أعتقد أنه يحصل على درجة (أ) فيما يتعلق بالقيادة».
خلال الحملة الانتخابية لعام 2016، قارن ترمب أوباما ببوتين بشكل متكرر. وقال ترمب: «بوتين لديه سيطرة قوية للغاية على البلاد. ومن المؤكد أنه كان زعيماً في هذا النظام، أكثر بكثير مما كان رئيسنا زعيماً».
في سبتمبر (أيلول) 2016، سأل أحد محاوري قناة «إن بي سي» ترمب عن علاقته ببوتين. فرد الرئيس: «إذا قال أشياء عظيمة عني، فسأقول أشياء عظيمة عنه».
وقال بوتين في مقابلة إذاعية بعد فوز ترمب الأول في الانتخابات: «إلى الحد الذي تمكن فيه من تحقيق النجاح في مجال الأعمال، فهذا يدل على أنه شخص ذكي».
وفي فبراير (شباط) 2017، حث بيل أوريلي من قناة «فوكس نيوز» ترمب على مدح الرئيس الروسي. فقال أوريلي: «بوتين قاتل»، ورد ترمب: «هناك كثير من القتلة. لدينا كثير من القتلة. حسناً، هل تعتقد أن بلدنا بريء إلى هذا الحد؟».
سوريا
خلال ولايته الأولى، أعلن ترمب أنه سيسحب القوات الأميركية من سوريا، الأمر الذي أثار دهشة الحلفاء، وأعطى بوتين القوة وترك القوات الكردية التي صدت «داعش» في مأزق. وكان رحيل القوات الأميركية يعني أن موسكو ستصبح الوسيط الدوليّ بلا منازع في سوريا، التي دعمت حكومتها وسط الحرب الأهلية.
وفي وقت سابق من ذلك العام، انتقد ترمب بوتين في حالة نادرة، وألقى عليه باللوم في الوفيات في سوريا تحت نظام بشار الأسد.
أوكرانيا
في عام 2017، وافقت إدارة ترمب لأول مرة على بيع صواريخ «جافلين» وقاذفاتها لأوكرانيا للمساعدة في حربها ضد الانفصاليين.
بعد عامين، جمّد ترمب مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الأمنية المعتمَدة من الكونغرس لأوكرانيا -التي أصبحت محوراً لمحاكمات المساءلة اللاحقة. جاء التجميد بعد مكالمة أظهر فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اهتماماً بمزيد من صواريخ «جافلين»، وطلب ترمب من زيلينسكي «خدمة»: البحث عن معلومات عن المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن، بالإضافة إلى التعاملات التجارية الأوكرانية لابنه هانتر. نفى ترمب ربط الطلب بالمساعدة.
في عام 2022، بعدما لم يعد رئيساً، أدلى ترمب بتصريحات في ظهور إذاعي وصف فيها الجيش الروسي بأنه «قوة سلام». وقال لاحقاً إنه كان يُثني على تعزيز بوتين على حدود أوكرانيا قبل الحرب، كتكتيك تفاوضي قبل أن يذهب «بعيداً» ويتخذ «القرار المؤسف بدخول أوكرانيا».
خلال حملة عام 2024، أكد ترمب مراراً وتكراراً أنه بصفته رئيساً سيضع نهاية فورية للحرب بين روسيا وأوكرانيا.
هجوم سكريبال
كان رد ترمب على محاولة اغتيال ضابط استخبارات روسي سابق محل تدقيق في عام 2018.
في الرابع من مارس (آذار) 2018، عُثر على المواطن البريطاني وضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال، وابنته على وشك الموت، متكئَين على مقعد في حديقة في مدينة سالزبوري الإنجليزية الهادئة.
كانت بريطانيا سريعة وقوية في إدانتها للهجوم الواضح مع ظهور مزيد من المعلومات. قالت رئيسة الوزراء وقتها، تيريزا ماي، في الثاني عشر من مارس: «إن محاولة القتل هذه باستخدام غاز أعصاب في بلدة بريطانية لم تكن مجرد جريمة ضد عائلة سكريبال. لقد كان عملاً عشوائياً ومتهوراً ضد المملكة المتحدة».
ونفت الحكومة الروسية أي دور لها.
في الوقت نفسه، بدا ترمب متردداً في البداية في تقديم رد صارم، وفقاً لتقارير صحافية. وفي النهاية فرضت إدارته عقوبات واسعة النطاق على موسكو.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، قال ترمب في مقابلة إن الرئيس الروسي «ربما» يكون متورطاً في عمليات اغتيال وتسميم، لكنه أضاف: «هذا ليس في بلدنا».