تصدرت موجة غضب واستنكار واسعة المنصات الرقمية في مصر لصدور قرار بإزالة مقبرة القارئ المصري الشهير محمد رفعت لمصلحة إنشاء محور مروري.
وتلقت أسرة الشيخ، أمس الاثنين، خطابا من محافظة القاهرة بشأن قرار إزالة المقبرة التي تقع ضمن مقابر السيدة نفيسة بالعاصمة المصرية القاهرة، من أجل إنشاء محور صلاح سالم، وفق ما نشرته صحف محلية.
واستنكر مهتمون بالآثار والثقافة المصرية قرار الإزالة، عبر حساباتهم بمواقع التواصل، في ظل مطالبات مستمرة بالحفاظ على هوية ومكانة الرموز الإسلامية والتاريخية بدلًا من طمسها.
تزامنًا مع ذكرى وفاته.. غضب كبير على مواقع التواصل من صدور قرار بإزالة مقبرة الشيخ #محمد_رفعت الملقب بـ”قيثارة السماء” لإقامة محور صلاح سالم حسب ما نشرته صحف محلية pic.twitter.com/vcjKwnhbBw
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) May 8, 2023
قرار وصدمة
وحسب بيان تداولته مواقع محلية وناشطون، فإن الإدارة المركزية لحماية أملاك الدولة وإدارة المقابر التابعتين لمحافظة القاهرة وجّهتا بنقل رفات الموتى بالمنطقة الخاضعة للإزالة “على نفقة أسرهم من دون الرجوع لإدارة المقابر.
وعبّرت “هناء”، حفيدة الشيخ رفعت، عن صدمتها من الأمر وقالت إنه لا يليق بمكانته، بينما أضافت في تصريح لصحيفة “مصراوي” المحلية “تم إزالة عدد من المقابر سابقًا، واعتقدت أن السلطات استثنت مقبرة الشيخ من الإزالة باعتبارها تاريخية”.
حفيدة الشيخ محمد رفعت تبكي على الهواء بسبب إخطار إزالة مقبرته: أرجوكم وصلوا صوتي للرئيس#كلمة_أخيرة pic.twitter.com/c5LNhtvQ07
— ON (@ONTVEgy) May 8, 2023
وظهرت حفيدة الشيخ -الذي وصفه خير الدين الزركلي صاحب كتاب الأعلام بأنه “أعلم قرّاء مصر بمواضع الوقف من الآيات”- باكية ومتأثرة من كتابة نهاية تاريخ الشيخ الشهير بهذه الطريقة، ووجهت نداء إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تطالب فيه بعدم إزالة المقبرة.
حفيدة الشيخ #محمد_رفعت تقول باكية إن محافظة القاهرة أصدرت قرارًا بهدم مقبرته وخاطبتهم لنقل الرفات على نفقتهم الخاصة pic.twitter.com/K4uWSgjwH4
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) May 8, 2023
وقال مدير إدارة المقابر بمحافظة القاهرة وليد يوسف إن “مقبرة الشيخ محمد رفعت خارج نطاق الإزالة التي تحدث في المقابر حاليا”، مشيرا إلى أنهم يخطرون الأهالي لنقل رفات ذويهم قبل الإزالة، وفق تصريحات لموقع “فيتو”.
استنكار وقرارات
واستنكر الباحث والأكاديمي المتخصص في الآثار حسين دقيل قرار الإزالة الذي جاء متزامنًا مع ذكرى مولد ووفاة الشيخ التي توافق 9 مايو/أيار، وقال في تغريدة له “كان صوته الملائكي يفتتح بث الإذاعة المصرية، واليوم تتجه حكومتنا (الرشيدة) لهدم قبر قيثارة السماء”.
9 مايو .. 9 مايو .. 9 مايو !!!
ولد الشيخ محمد رفعت رحمه الله يوم 9 مايو 1882 .. ومات رحمه الله يوم 9 مايو 1950 .. وفي مايو أيضا من عام 1934 كان صوته الملائكي يفتتح بث الإذاعة المصرية .. واليوم في ليلة الـ 9 من مايو 2023 تتجه حكومتنا (الرشيدة) لهدم قبر قيثارة السماء!! pic.twitter.com/BMtcLBarXM— د. حسين دقيل dr. Hussein Doqil (@HusseinDoqil) May 8, 2023
وفي السنوات الأخيرة، مضت السلطات المصرية قدما في تبنّي قرارات إزالة بشأن مقابر تضم أدباء ومثقفين ورموزا تاريخية “بدعوى المنفعة العامة”، وعادة ما تقابل باستنكار وسخط من قبل المتخصصين في الآثار والمهتمين بالحضارة المصرية.
وشارك ناشطون وأدباء مصريون في حملة إلكترونية تحمل وسم الشيخ #محمد_رفعت لمطالبة السلطات بالعدول عن قرار الإزالة، وتحدثوا عن مكانة الشيخ الشهير “بقيثارة السماء” في قلوبهم.
وعقّب عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين محمد مجدي فريد على قرار الإزالة فقال “لهذا السبب كان هناك اقتراح لي قمت بتقديمه لمجلس الشيوخ بشأن إقامة مقابر للعظماء”.
وأعاد المدوّن أحمد محمد التذكير بمكانة الشيخ، عبر تغريدة ذكر فيها: “يكفيه شهاده الشعراوي إمام الدعاة، حين سُئل عن الشيخ محمد رفعت قال إن أردنا أحكام التلاوة فالحصري وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو محمد رفعت”.
أما المدرس بالأزهر محمد عطية فعلق مستنكرًا “أهذا هو إحياء ذكراهم أن نأتي في ذكرى مولدهم ووفاتهم ونهدم قبورهم ومشاهدهم! أما كان لنا أن نجعل من مقبرة الشيخ محمد رفعت مزارا يتوافد عليه المحبون؟ هل هذا إكرام لأهل القرآن”.
إلى الريس@AlsisiOfficial
حفيدة الشيخ محمد رفعت نفسها توصلك صوتها المقهور من البكاء.صوت الشيخ رفعت شغال ف معظم البيوت وخصوصاً المتغربين زيى كده.بيحسسنا بمصر وصوته بيرجعنا مصر.
مسلمين وغير مسلمين مصريين ومش مصريين بيحبوه وبييجو يزوروه. ذكرى وفاته دلوقت ياريت نسيبه مرتاح ف مكانه💁🏻♀️ https://t.co/AfWz0QC1Ej— Sarah Omar 𓋴𓄿𓂋𓄿𓉔 𓂝𓅱𓅓𓄿𓂋 (@Sarah__Omar) May 8, 2023
وكان القسم العربي للهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” (BBC) قد أرسل للشيخ محمد رفعت لما سمعوا صوته وطلبوا منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام، فاستفتى الإمام محمد المراغي شيخ الأزهر حينئذ، فشرح له الأمر وأخبره بأنه ليس حرامًا، فسجل لهم سورة مريم.
وولد الشيخ محمد رفعت في 9 مايو/أيار عام 1882، ويعرف بأنه “سيد قراء هذا الزمان”، وكان أول من افتتح الإذاعة المصرية عام 1934، وتميّز بقوة التأثير والخشوع المصحوب بالشجن عند قراءة القرآن، وتوفي عام 1950 في اليوم نفسه الذي ولد فيه.